صدّقت المحكمة الإسرائيلية العليا أمس الإثنين، على صفقة لتهريب ثلاثة أوقاف مسيحية للكنيسة الأرثوذكسية اليونانية، داخل البلدة القديمة من القدس المحتلة، قرب باب الخليل في حارة النصارى، تم بيعها في صفقات مشبوهة في زمن البطريرك المعزول أرينيوس لجمعية عطيرت كوهنيم، التي تنشط في شراء والاستيلاء على العقارات والبيوت الفلسطينية في البلدة القديمة من القدس المحتلة.
ورفضت المحكمة الإسرائيلية أمس التماس الكنيسة الأرثوذكسية ضد صفقة بيع فندق بترا وإمبريال وبيت المعظمية، التي كان تم بيعها سرا في العام 2005 للجمعية الاستيطانية المذكورة.
وبحسب تقرير في صحيفة هآرتس، فقد جاء قرار المحكمة الإسرائيلية العليا أمس، لينهي عملية تقاض بين الطرفين امتدت 14 عاما، رفضت فيها الكنيسة شرعية الصفقة وأكدت في الماضي أن البطريرك المعزول، إيرينوس لم يملك صلاحية بيع هذه العقارات كما لم يرجع للجهات الشرعية في البطريركية قبل إبرامها. مع ذلك قال التقرير إن الكنيست أكدت عبر ممثليها حصولها على وثائق وشهادات جديدة تؤكد عمليات الفساد التي رافقت إبرام الصفقة منذ 14 عاما.
ولفتت صحيفة هآرتس في تقريرها إلى أن محامي الدفاع عن الكنيسة، تراجع عن الطعن في شرعية الصفقة أو الفساد والرشاوى التي رافقتها، كما تراجعوا عن الادعاءات السابقة بشأن عدم صلاحية التوقيع على الصفقة، بالرغم من أن شهادات أفادت بأن الجمعية الاستيطانية كانت عرضت مبلغا هو تسعة أضعاف المبلغ الذي تم بموجبه في نهاية المطاف إبرام الصفقة.
وكانت البطريركية اليونانية الأرثوذكسية التمست إلى المحكمة الإسرائيلية العليا، بعد أن أقرت المحكمة اللوائية في القدس العام الماضي الصفقة المذكورة ورفضت ادعاءات البطريركية اليونانية الأرثوذكسية.
ويضاف قرار أمس إلى قضية تهريب أراضي الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية في القدس، بعد الكشف أيضا في الأعوام الأخيرة عن تهريب أملاك للكنيسة في مناطق أخرى في القدس المحتلة، لا سيما في حي رحافيا، حيث تم بيع مئات الدونمات، في الشطر الغربي من القدس المحتلة، كانت الكنيسة أجرتها في الخمسينات من القرن الماضي لمديرية أراضي إسرائيل والحكومة الإسرائيلية وأقيمت عليها أحياء سكنية يهودية.
وتعتزم الجمعية الاستيطانية عطيرت كوهنيم بدء إجراءات لإفراغ هذه العقارات والمباني من سكانها الفلسطينيين الذين يعيشون فيها وفق عقود تأجير قديمة يتمتع فيها المستأجرون بمكانة "مستأجر محمي"، لكن الجمعية الاستيطانية تسعى لإلغاء هذه المكانة وطرد عشرات الفلسطينيين المقدسيين الذين يعيشون في هذه العقارات وإحلال مستوطنين يهود مكانهم.
"تآمر ثيوفيلوس"
وعلى ضوء قرار المحكمة العليا أصدرت كل من المنظّمة الأرثوذكسيّة الموحَّدة (ج.م.) ومجموعة الحقيقة الأرثوذكسيّة، بيانا وصل إلى "العربي الجديد" نسخة منه، استعرض حيثيات قرار المحكمة وخفايا الصفقة.
وركز البيان على "تخاذل" البطريرك ثيوفيلوس، حيث جاء فيه "لقد أثبت هذا القرار تواطؤ وتآمر ثيوفيلوس ومَجمعه الفاسد في جريمة تسريب أوقاف باب الخليل والتي ستعقبها جريمة جديدة من المستوطنين في محاولاتهم إخلاء قاطني هذه العقارات من الفلسطينيّين العرب. لقد صَدَقت مخاوف الجمهور الأرثوذكسيّ من كل تصرفات تيوفيلوس خلال هذه القضية والتي استمرت قرابة 14 سنة".
غير أن البيان، ذكر أن المسؤولية الأعلى في هذه القضية "تبقى على من يدّعون حماية القدس ومقدّساتها وأوقافها، ابتداء من اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس، حتى الحكومة ورئاسة السلطة الفلسطينية والقيادة الأردنية الوصية على المقدّسات في المدينة المقدّسة".
وتساءل بيان المنظّمة الأرثوذكسيّة الموحَّدة (ج.م.) ومجموعة الحقيقة الأرثوذكسيّة "هل ستتحمّل هذه المؤسّسات مسؤوليّاتها تجاه هذه الأوقاف وساكنيها؟ وهل من عقاب رادع لهذا الخائن المدعوّ ثيوفلوس؟ وهل جرى استيعاب وفهم أبعاد مطلب العرب الأرثوذكس بتعريب البطركيّة، أم إن بيت الشعر القائل "ولو نارٌ نفختَ بها أضاءت -ولكنْ أنت تنفخ في رمادِ" سينطبق على هذه القيادات لتسقط أوقاف باب الخليل في يد المستوطنين ويُطوى ملفّها إلى أجل غير مسمّى؟!".