10 نوفمبر 2024
ما لم يقله ترامب
ليست المقاطعة القاسية والشاملة لدولة قطر من جيرانها الأقرب مفاجئة، وإن جاءت كلها دفعة واحدة، سبقها قبل ثلاث سنوات سحب دبلوماسيين، بطريقةٍ أقل حدّةً وبضوضاء إعلامي أخف، تلاشت تلك المشكلة، أو هكذا بدا للعيان، وعاد السفراء المسحوبون إلى سفاراتهم، لتشتعل منذ أسبوع أخبار مقاطعة جديدة، وسط اتهاماتٍ عريضة، وعقوبات واسعة تطبق فوراً.
تبدو العقوبات وطريقة إعلانها انفعاليةً، وهناك اعتباطيةٌ في آلية تطبيقها، وكأن متّخذيها ارتجلوا سلسلة من الإجراءات، من دون أن يدركوا وقعها أو صداها عليهم قبل الطرف الآخر. هوجمت الدولة الخليجية الصغيرة بذلك كله، وبالطريقة الصاخبة، على الرغم من شراكة هذه الدولة الكاملة والمطلقة مع مجلس التعاون الخليجي، وحضورها جميع جلساته، والمشاركة بقراراته، واستضافة مؤتمراته، واحتضان بعض مؤسساته، وعلى الرغم من وجود أسبقيات لمثل هذه الإجراءات أو لبعضها، لكنها أتت، هذه المرة، بعد زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وحصوله على صفقةٍ قد تصنف من صفقات القرن في بداية عهده.
ترنّم ترامب على "تويتر"، ولم يخف فرحته المفرطة بما حقّقه في السعودية، وقد كان فخوراً بالمليارات التي كسبها على شكل صفقات تسليح وتدريب، واستمرّت تغريداته المبتهجة، حتى بعد أن اشتعلت الأخبار بالمقاطعة، وجد الرئيس المولع بالظهور على "تويتر" وحصد المتابعات وقتاً ليقول إنه أخبر المجتمعين معه في الرياض بضرورة وقف تمويل الحركات الراديكالية، وأكدت تغريداته أن القادة الذين اجتمع معهم أشاروا له على قطر. توقف ترامب عن معاقرة "تويتر"، حتى لحظة ظهور وزير خارجيته، ركس تيلرسون، ليبدي هذا نوعا من الدعم لقطر، واستنكاراً للمقاطعة ودعوة إلى إعادة النظر بها وحل الخلافات بسرعة وود. بعد تسعين دقيقة، عاود ترامب الخروج "لايف" هذه المرة وناقض ما قاله وزير الخارجية الذي كان حاضراً، واستمع عن قرب لكلمات رئيسه. لم ينف تيلرسون ما قال، ولم يقل ترامب إنه نسف تصريحات تيلرسون، وبقي الموقفان شاهدين على سياسةٍ تبدو حائرة أو متردّدة، وقد يتضمن هذا التناقض أشياء يمكن استنتاجها من الموقفين معاً.
لا تعطي القراءة المنفصلة لتصريحات الرجلين نتيجة، وإن كان ما قاله ترامب أقرب إلى الثرثرة، وهما عضوان في إدارةٍ واحدة، تريد أن تبدو متماسكةً في ظل تحقيقاتٍ اتهامية، يجريها الكونغرس مع رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي أقاله ترامب أخيراً، فمن المستغرب أن تتناقض، خلال ساعة، مواقف شخصيتين تشغلان المنصبين، ويجب أن تكون القراءة انطلاقاً من منصة فهم واحدة، فالرجلان عضوان في الفريق نفسه.
المعروف أن وزارة الخارجية تمثل وجهة النظر السياسية، وما يصدر عن وزيرها المخوّل بالإدارة هو ما يُعمل به، وقد تبدر عن الرئيس مواقف لا تبدو منسجمةً مع تصريحات الخارجية، وهو ما قام به ترامب فعلاً، بحضور الرئيس الروماني، لكن ترامب ذكر اسم تيلرسون في أثناء تصريحه، وقال إنه سيعمل معه ومع كبار الجنرالات، لوقف التمويل، وغمز إلى دول لم يسمّها.
لا يرغب ترامب بالتشويش على الصفقة التي أنجزها، ولا يبدو أنه سيستبدل العدو رقم واحد في المنطقة، إيران التي كانت بيت القصيد في زيارته، لكن التركيز على الهدف، وعدم التشويش عليه، يحتمان أن تكون العلاقات على الضفة العربية في الخليج هادئة، وبدون تعقيدات المقاطعات، وبدون التأثيرات الجانبية للقرارات المنفعلة. لذلك، من المفيد للولايات المتحدة أن تبدأ حركةً لتقليل التوتر، وهذا جوهر ما قاله تيلرسون، وأبدى استعداداً للقيام به. أما تصريح ترامب، فيمكن حشره مع جملة التغريدات التي أطلقها تباعاً بعد الأزمة، والتي أجاب تيلرسون عن سؤال مميز بشأنها، عندما سأله صحفي: هل تعتقد أن تغريدات ترامب مناسبة للسياسة الخارجية؟ فأجاب تيلرسون إن لترامب طريقته الفريدة في التواصل، وهي تناسبه تماماً. وما يقوم به ترامب يبدو فعلاً يناسبه جيداً، ولكن السياسة الخارجية الأميركية هي العمل الذي سينجزه تيلرسون، وربما سيقوم به في الحال.
تبدو العقوبات وطريقة إعلانها انفعاليةً، وهناك اعتباطيةٌ في آلية تطبيقها، وكأن متّخذيها ارتجلوا سلسلة من الإجراءات، من دون أن يدركوا وقعها أو صداها عليهم قبل الطرف الآخر. هوجمت الدولة الخليجية الصغيرة بذلك كله، وبالطريقة الصاخبة، على الرغم من شراكة هذه الدولة الكاملة والمطلقة مع مجلس التعاون الخليجي، وحضورها جميع جلساته، والمشاركة بقراراته، واستضافة مؤتمراته، واحتضان بعض مؤسساته، وعلى الرغم من وجود أسبقيات لمثل هذه الإجراءات أو لبعضها، لكنها أتت، هذه المرة، بعد زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وحصوله على صفقةٍ قد تصنف من صفقات القرن في بداية عهده.
ترنّم ترامب على "تويتر"، ولم يخف فرحته المفرطة بما حقّقه في السعودية، وقد كان فخوراً بالمليارات التي كسبها على شكل صفقات تسليح وتدريب، واستمرّت تغريداته المبتهجة، حتى بعد أن اشتعلت الأخبار بالمقاطعة، وجد الرئيس المولع بالظهور على "تويتر" وحصد المتابعات وقتاً ليقول إنه أخبر المجتمعين معه في الرياض بضرورة وقف تمويل الحركات الراديكالية، وأكدت تغريداته أن القادة الذين اجتمع معهم أشاروا له على قطر. توقف ترامب عن معاقرة "تويتر"، حتى لحظة ظهور وزير خارجيته، ركس تيلرسون، ليبدي هذا نوعا من الدعم لقطر، واستنكاراً للمقاطعة ودعوة إلى إعادة النظر بها وحل الخلافات بسرعة وود. بعد تسعين دقيقة، عاود ترامب الخروج "لايف" هذه المرة وناقض ما قاله وزير الخارجية الذي كان حاضراً، واستمع عن قرب لكلمات رئيسه. لم ينف تيلرسون ما قال، ولم يقل ترامب إنه نسف تصريحات تيلرسون، وبقي الموقفان شاهدين على سياسةٍ تبدو حائرة أو متردّدة، وقد يتضمن هذا التناقض أشياء يمكن استنتاجها من الموقفين معاً.
لا تعطي القراءة المنفصلة لتصريحات الرجلين نتيجة، وإن كان ما قاله ترامب أقرب إلى الثرثرة، وهما عضوان في إدارةٍ واحدة، تريد أن تبدو متماسكةً في ظل تحقيقاتٍ اتهامية، يجريها الكونغرس مع رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي أقاله ترامب أخيراً، فمن المستغرب أن تتناقض، خلال ساعة، مواقف شخصيتين تشغلان المنصبين، ويجب أن تكون القراءة انطلاقاً من منصة فهم واحدة، فالرجلان عضوان في الفريق نفسه.
المعروف أن وزارة الخارجية تمثل وجهة النظر السياسية، وما يصدر عن وزيرها المخوّل بالإدارة هو ما يُعمل به، وقد تبدر عن الرئيس مواقف لا تبدو منسجمةً مع تصريحات الخارجية، وهو ما قام به ترامب فعلاً، بحضور الرئيس الروماني، لكن ترامب ذكر اسم تيلرسون في أثناء تصريحه، وقال إنه سيعمل معه ومع كبار الجنرالات، لوقف التمويل، وغمز إلى دول لم يسمّها.
لا يرغب ترامب بالتشويش على الصفقة التي أنجزها، ولا يبدو أنه سيستبدل العدو رقم واحد في المنطقة، إيران التي كانت بيت القصيد في زيارته، لكن التركيز على الهدف، وعدم التشويش عليه، يحتمان أن تكون العلاقات على الضفة العربية في الخليج هادئة، وبدون تعقيدات المقاطعات، وبدون التأثيرات الجانبية للقرارات المنفعلة. لذلك، من المفيد للولايات المتحدة أن تبدأ حركةً لتقليل التوتر، وهذا جوهر ما قاله تيلرسون، وأبدى استعداداً للقيام به. أما تصريح ترامب، فيمكن حشره مع جملة التغريدات التي أطلقها تباعاً بعد الأزمة، والتي أجاب تيلرسون عن سؤال مميز بشأنها، عندما سأله صحفي: هل تعتقد أن تغريدات ترامب مناسبة للسياسة الخارجية؟ فأجاب تيلرسون إن لترامب طريقته الفريدة في التواصل، وهي تناسبه تماماً. وما يقوم به ترامب يبدو فعلاً يناسبه جيداً، ولكن السياسة الخارجية الأميركية هي العمل الذي سينجزه تيلرسون، وربما سيقوم به في الحال.