ماذا رأيتم من الديموقراطية لتكرهوها؟

21 ابريل 2014
+ الخط -
منذ اندلاع الثورة المصرية لم تنقطع محاولات سرقتها واستعادة النظام القديم بأي شكل. لذلك، فإن كل ما يمكن يقال هو أنها إنجازات لم تكن إلا مسكنات لإيهام الناس بأن الثورة انتصرت، ولا حاجة إلى بقائهم في الميادين. ومن أَجل ذلك أيضاً، ركز الإعلام الموجه على تضييع الوقت، وإلهاء الناس عمّا يحدث من توحش للسلطة.
وبدلاً من تركيز المصريين على استمرار ثورتهم، إِلى أَن ينتزعوا كل حقوقهم المشروعة، سحرتهم الآلة الإعلامية، فخاضوا حرباً على الثوار، وبدأوا الأسئلة المحبطة "هو انتو عايزين إيه، مش خلاص؟" و"هو انتو مش عاجبكو حاجة خالص؟" و"الثورة دي مجبتش غير الخراب وانتو عايزين تخربو البلد وخلاص". متجاهلين أن المطالب التي اندلعت من أجلها هذه الثورة لم تتحقق حتى الآن، وأن ثواراً غامروا بدمائهم، وسلامتهم وسمعتهم، لم ولن يهدأوا حتى تتحقق هذه المطالب المختزلة في العيش والحرية والعدالة الإنسانية.
لعل ذلك يكشف عن سر الإصرار على رحيل نظام حسني مبارك، لأنه لم يكن لتتحقق أي من أهداف الثورة من دون ذلك. يلقون، دائماً، اللوم على الثورة، على الرغم من أنها لم تحكم حتى الآن، فماذا فعل الثوار، حتى تعلّقوا عليهم فشل كل شيء في الدولة؟ سُحلوا وسُجنوا وشُوهوا وُقتلوا من أجل استكمال ثورتهم، ولتحقيق مطالبهم التي قد تبدو بسيطةً وطبيعيةً وحقاً أَصيلاً لكل الشعوب الحرة. وعلى الرغم من ذلك تقول إنهم السبب في إعاقة عمل الحكومات المتعاقبة؟ كل الحكومات جعلت الثوار شماعةً لفشلها، وكثفت جهودها لتشويههم، وكان همها الأكبر تجريم الثورة وشيطنة الثوار.
بداية من تولي المجلس العسكري السلطة، لم نحصل في مصر إلا على ديموقراطية زائفة، نتيجة أسلوب الإدارة، بعقد الصفقات لمصالحهم، فلم نر أي عيش، ولا أي كرامة، ولا حرية، ولا عدالة. لم نرَ إلا حرباً على الثورة، وكل ما له علاقة بها. ولهذا الغرض، تمت السيطرة على الإعلامين، الحكومي والخاص، وتوجيههما لتنفير المصريين من الثورة.
وجاءت الاستفتاءات والانتخابات التالية على إعلان مبارك تنحّيه مسرحياتٍ هزليةً، معروفة نتائجها مسبقاً. وكل من حاول التصدي لهذا العبث لم يكن يناله إلا شرورهم. مع ذلك، كل نظام جاء بعد الثورة، بكل تحالفاته المخزية، وجدَنا كالشوكة في حلقه، ليس لأننا لم نكن نريد -بل ونتمنى الاستقرار لمصر، إنما لأننا كشفنا خبث نواياهم، في محاولاتهم المستميتة للاستيلاء على السلطة، ولو على جثث المصريين.
ولتحقيق غرضهم، تعمدوا تشريد العمال، ورفع الأسعار، وتخاذلت الشرطة عن حماية أمن المواطنين المصريين، وفتح الباب للفوضى المفتعلة في كل مكان. ثم بعد ذلك، يجري تسويق الدعاية السلبية للناس أن السبب وراء كل هذه المشكلات هو وجود الثوار وأنشطتهم، ليجدوا دائماً مبرراً لتدميرهم على خلفية رضى جماهيري.
ويبقى، هنا، سؤالٌ يفرض نفسه: لماذا، إذاً، تتهمون الثورة بأنها السبب في هذا كله؟ وماذا رأيتم من الديموقراطية حتى تكرهوها؟ لماذا تريدون كتم أصواتنا؟ أتشعرون بالحرية الآن؟
 أتأمنون على أنفسكم في وطنكم؟ هل يعاملكم رجال وزارة الداخلية باحترام؟ هل اعتدلت الأسعار أو ناسبت المرتبات؟ هل شعر أحد بتحسن في الرعاية الطبية لصحته؟ هل هناك أي قرارات اتخذت لتحسين التعليم والارتقاء بمستواه المتدني؟ هل هناك قرار اتخذ لتحقيق مطالب الشعب التي ثار من أجلها سوى المراوحة في المكان نفسه؟ هل هناك شيء واحد مما حدث يحدث من اختيار الثوار؟
إذا كانت الإجابة لا، فاعلموا أنكم لن تستطيعوا الحصول على كل هذا، إلا عن طريق الثورة، وليس بإخمادها. من حقنا أن نحلم بوطن آمن، نستطيع أن نعيش فيه جميعاً بكرامة. من حقنا أن نرفض قتل الناس يومياً، وكل تهمتهم كلمة حق، أو أداء واجب. من حقنا أن نطالب بالعدالة، حتى لا تتحول مصر غابةً، البقاء فيها للأقوى. من حقنا أن نحلم بحياة آدمية، تكفل المأكل والمشرب والمسكن الآمن.
 
 
97C17A28-E826-4071-A91E-B511DAF1A9A1
أسماء محفوظ

أسماء محفوظ