28 ابريل 2014
أين ذهبت الإنسانية؟
أتذكر جيداً في الأمس القريب، كانت تدمع أعيننا، عندما ترى مشاهد العنف في فلسطين أو العراق، وغيرهما من الاماكن التي كانت تحدث فيها انتهاكات ضد الإنسانية، وينتفض كثيرون تنديداً لهذه المشاهد، ولا أحد كان يتخيل أن مثلها قد تحدث في مصر، وسط هذا الصمت المخيف. كانت الإنسانية أكثر ما يحركنا ويجمعنا، بعيداً عن الأيدولوجيات الفكرية والتباين الحزبي والاختلافات الدينية.
أتذكر جيداً رد الفعل الإنساني، عندما قُتل سيد بلال وخالد سعيد، على الرغم من أن كلا من الحادثتين ليست الجريمة الأولى من هذا النوع، لكن انتشار القصة والصورة كانت صادمة للجميع، وانتفض وقتها كثيرون في تظاهرات ووقفات صامتة، وغيرها من الوسائل السلمية، للتعبير عن الغضب الشعبي تجاه هذه الممارسات المعادية للإنسانية، وسط وجود غير مسبوق لجميع أطياف المجتمع، خصوصاً غير المسيسين منهم، ومن ليس لهم أي انتماءات سياسية، ولم يسبق لهم المشاركة في العمل العام، لكن حركتهم إنسانية فقط.
كانت الناس تضع انتماءاتها السياسية جانباً، وتقف جميعاً تحت راية الإنسانية، تلك الانتهاكات التي كانت بمثابة المحرك الرئيسي للثورة والدافع الأساسي لأحداثها، مشاهد العنف والقتل كانت كفيلة بثبات الثورة واستمرارها، حتى بعد الخطاب الثاني لحسني مبارك، والذي استهدف فيه عاطفة الناس، في محاولة لتهدئة الأوضاع، وإقناع كثيرين بالهدوء، والعودة إلى منازلهم.
كان من الصعب وقتها أن تُمس الإنسانية، ويمر ذلك مرور الكرام، لكن، ماذا حدث الآن؟ الوضع، الآن، مرعب، فمشاهد العنف والدم في كل مكان، وأصبحت شيئاً روتينياً اعتاد عليه الجميع. والمرعب ليس فقط في سكوت بعضهم على تلك الممارسات، ومباركة العنف والقتل، ولكن، في الشماتة والسعادة التي نراها، اليوم، من فصائل، نكاية في فصيل آخر. وليس فقط الشماتة ومباركة العنف، ولكن، أيضاً الحث والتشجيع على قتل الآخر، وسط هتافات من نوع تسلم الأيادي، وقادم يا إسلام.
أتذكر جيداً رد الفعل الإنساني، عندما قُتل سيد بلال وخالد سعيد، على الرغم من أن كلا من الحادثتين ليست الجريمة الأولى من هذا النوع، لكن انتشار القصة والصورة كانت صادمة للجميع، وانتفض وقتها كثيرون في تظاهرات ووقفات صامتة، وغيرها من الوسائل السلمية، للتعبير عن الغضب الشعبي تجاه هذه الممارسات المعادية للإنسانية، وسط وجود غير مسبوق لجميع أطياف المجتمع، خصوصاً غير المسيسين منهم، ومن ليس لهم أي انتماءات سياسية، ولم يسبق لهم المشاركة في العمل العام، لكن حركتهم إنسانية فقط.
كانت الناس تضع انتماءاتها السياسية جانباً، وتقف جميعاً تحت راية الإنسانية، تلك الانتهاكات التي كانت بمثابة المحرك الرئيسي للثورة والدافع الأساسي لأحداثها، مشاهد العنف والقتل كانت كفيلة بثبات الثورة واستمرارها، حتى بعد الخطاب الثاني لحسني مبارك، والذي استهدف فيه عاطفة الناس، في محاولة لتهدئة الأوضاع، وإقناع كثيرين بالهدوء، والعودة إلى منازلهم.
كان من الصعب وقتها أن تُمس الإنسانية، ويمر ذلك مرور الكرام، لكن، ماذا حدث الآن؟ الوضع، الآن، مرعب، فمشاهد العنف والدم في كل مكان، وأصبحت شيئاً روتينياً اعتاد عليه الجميع. والمرعب ليس فقط في سكوت بعضهم على تلك الممارسات، ومباركة العنف والقتل، ولكن، في الشماتة والسعادة التي نراها، اليوم، من فصائل، نكاية في فصيل آخر. وليس فقط الشماتة ومباركة العنف، ولكن، أيضاً الحث والتشجيع على قتل الآخر، وسط هتافات من نوع تسلم الأيادي، وقادم يا إسلام.
كنا نعاني جميعاً من انعدام الضمير والإنسانية في النظام، إلى أن نجح في انتزاع الإنسانية منا. من منا الآن يغضب للدم، أو يحرك فيه ساكناً. من منا ينتفض لرؤية العنف والانتهاك .. من منا يتألم، عندما يرى طفلاً يبكي، أو شيخاً يهان.
هذا الشعب الذي كان مثلا في التكاتف والإخاء. الآن تحدث مجازر وعمليات إرهابية وقتل ممنهج أمامه، وعلى حسب الانتماء، يحزن بعضنا ويطير بعضنا الآخر من الفرحة والشماتة.
هذا الشعب الذي كان يهتف "سلمية"، أصبح يردد الآن " اقتلوهم .. ادبحوهم" "اضرب بيد من حديد" "اقتلوهم حيث ثقفتموهم". أصبح من الطبيعي، الآن، أن ينعى كل فصيل قتلاه، ويلعن قتلى الفصيل الآخر ، وإذا سألتهم لماذا قتل فلان، حتما سيكون الرد: اشمعنى مزعلتش لما علان اتقتل.
هذا الشعب الذي كان مثلا في التكاتف والإخاء. الآن تحدث مجازر وعمليات إرهابية وقتل ممنهج أمامه، وعلى حسب الانتماء، يحزن بعضنا ويطير بعضنا الآخر من الفرحة والشماتة.
هذا الشعب الذي كان يهتف "سلمية"، أصبح يردد الآن " اقتلوهم .. ادبحوهم" "اضرب بيد من حديد" "اقتلوهم حيث ثقفتموهم". أصبح من الطبيعي، الآن، أن ينعى كل فصيل قتلاه، ويلعن قتلى الفصيل الآخر ، وإذا سألتهم لماذا قتل فلان، حتما سيكون الرد: اشمعنى مزعلتش لما علان اتقتل.
إذا لم نستطع استعادة ما تبقى في داخلنا من إنسانية، فإن دائرة القتل ستتسع لتشمل الجميع، فغياب العدالة وتهميش القصاص يزيد المشهد احتقانا
لا بد من استعادة الإنسانية والضمير، ورفض الانتهاك ونبذ العنف تجاه الجميع، بعيداً عن اختلافاتنا السياسية والحزبية والدينية. من يستطع، أو يرضَ لقتل إنسان واحد، لمجرد الاختلاف، يستطع أن يقتل كل الناس، وسيجد لذلك أسباباً وأسباباً. من قتل نفساً، فكأنما قتل الناس جميعاً.
لا بد من استعادة الإنسانية والضمير، ورفض الانتهاك ونبذ العنف تجاه الجميع، بعيداً عن اختلافاتنا السياسية والحزبية والدينية. من يستطع، أو يرضَ لقتل إنسان واحد، لمجرد الاختلاف، يستطع أن يقتل كل الناس، وسيجد لذلك أسباباً وأسباباً. من قتل نفساً، فكأنما قتل الناس جميعاً.