لماذا لم نصنع علاجًا نهائياَ للسرطان حتى الآن؟

29 يونيو 2017
( كارمن مارتينيز تورون)
+ الخط -
حسب منظّمة الصحّة العالمية، فإن السرطان أحد أكبر أسباب الوفاة في جميع أرجاء العالم، وبلغ عدد الحالات الجديدة المصابة في عام 2012 حوالي 14 مليون حالة تقريبًا، ومن المتوّقع أن يزيد عدد الحالات الجديدة المصابة خلال العقدين القادمين بنسبة 70%؛ وهذا يجعل السرطان ثاني سبب رئيسي للوفاة في العالم حيث حصد حياة 8.8 ملايين شخص عام 2015، وحوالي واحد من أصل ست وفيات في العالم يكون سببها مرض السرطان ثلث تلك الإصابات تقريبًا بسبب العوامل السلوكية والغذائية مثل ارتفاع الكتلة وعدم الاهتمام بالغذاء والتدخين وشرب الكحول.

حتى الآن لا يوجد علاج نهائي للسرطان، الكثير من العلاجات التجريبية خاضت مسارها ولكنها لم تُثبت الفاعلية الكاملة، أحد المصابين قد يأخذ علاج السرطان ويتحسّن، والآخر قد لا يشعر بتحسن ملحوظ مع أنه يتلقى العلاج نفسه ويمتلك نوع الورم نفسه. بعد إنفاق بلايين الدولارات وعقود كاملة من البحث والتطوير، لماذا لم نصنع علاجًا نهائيًا للسرطان؟

تكمن المشكلة في أن حالات الإصابة بالسرطان قد تبدو متشابهة، لكن في الواقع كلّ حالة تتطوّر بطريقة مختلفة وبإمكانها الانتشار في كلّ أنواع الأنسجة المختلفة في الجسم. لذلك لم توفق البشرية في صنع العلاج النهائي لأن السرطان ببساطة ليس مرضًا واحدًا، إن كنا نريد علاج السرطان، فعلينا أن نتغلّب على كافة أنواع السرطان واحدًا بعد الآخر، حيث عندما تسمع كلمة مرض السرطان، تشعر أنه مرض واحد، وهو في الحقيقة كلمة تشير إلى كافة أنواع السرطان من سرطان الرئة وسرطان الثدي وسرطان الدم (اللوكيميا) وسرطان الجلد وغيرها الكثير. إذن فالسرطان حالات مرض كثيرة د تتشابه ببعض الأشياء، لكن في الواقع فإن الاختلافات كثيرة.

العامل المشترك بين أنواع مرض السرطان هو صعوبة التحكم في الخلايا السرطانية التي تستمرّ بالانقسام والانتشار بسرعة ومن دون توقف، هذا الانتشار غير المسيطر عليه غالبًا ما ينطلق من مجموعة من الطفرات والتحوّلات الجينية، فجسم الإنسان مكون من بروتينات، وإن حدث خلل في جين ما، يتكوّن بروتين مختلف ومغاير مما يؤدي لانمساخ الخلية إلى خلية سرطانية.

واحد من أشهر الجينات الورمية المقاومة للخلايا السرطانية هو جين Ras، عندما يتغير هذا الجين يبدأ في تغيير البروتين الذي يتحكّم فيه، مما يعطله عن أداء مهامه للجسم، والتي من ضمنها إرسال إشارات للخلية كي تنمو أو لا تنمو. لذلك تبدأ الخلايا في الانتشار لأنها لا تستقبل إشارات تخبرها بالتوقف عن الانتشار والنمو أبدًا مما ينتج عنه آلاف التحولات والتركيبات الكيميائية والتي من الصعب على أي دواء معالجتها بالكامل، وإذا نجح الدواء في علاج شخصٍ ما تصادف أن تركيب الدواء الكيميائي يقاوم التحولات الكيميائية لجيناته، فإن الدواء نفسه يمكن أن يثبت عدم تأثيره بالنسبة لشخص آخر.

من الصعب على أي دواء معالجة آلاف التحولات والتركيبات الكيميائية في الجينات بالكامل، وإذا تصادف دواء في إيقاف انتشار الخلايا السرطانية في شخص معين، فإنه قد يثبت عدم فاعليته في شخصٍ آخر. إذا، كيف يمكن علاج السرطان إذا كان الخلل الجيني صعب التحديد والإصلاح بشكل دقيق؟

عندها ببساطة يتم اللجوء للتدخل الجراحي عن طريق استئصال الورم، وبالطبع هذا إجراء لا يمكن تحقيقه في جميع الحالات، وحالات أخرى تعود فيها الخلايا السرطانية للظهور والنمو حتى بعد عملية الاستئصال. حتى الآن، لم نتمكن من اكتشاف طرق علاج للسرطان أفضل من طرق العلاج الحالية والتي تعتبر "سامّة" للجسم، فهو يهاجم جميع الخلايا التي تنتشر بسرعة حتى لو كانت هذه الخلايا غير سرطانية ولا تنتشر بشكل عشوائي.


طرق العلاج الحالية
الإشعاع:
يعمل العلاج بالإشعاع على تفتيت الحمض النووي المصاب كي تتوقّف الخلايا السرطانية عن الانتشار لكن مشكلته الأساسية في أنه يفتت أيضًا الحمض النووي غير المصاب المجاور للحمض النووي المصاب، لذلك يجد الطبيب صعوبة في توجيه الإشعاع لمكان الحمض النووي المصاب فقط دون إصابة بقية الأحماض النووية.

العلاج الكيميائي:
تعمل الأدوية على مهاجمة الخلايا السرطانية الموجودة في الأوعية الدموية بشكلٍ مباشر، والأدوية أنواع، بعضها يهاجم الشكل البنائي للحمض النووي، والبعض الآخر يهاجم "الهيكل الخلوي" والذي يعتبر الدعامة الأساسية للخلايا. لذلك فالعلاج بالكيميائي مؤثر بالفعل وبشكل إيجابي في القضاء على الخلايا السرطانية لكنه في الوقت نفسه يقضي على جميع الخلايا التي تنتشر في الجسم، وهي خلايا غير مصابة وتحتاج للانتشار. مما يسبب ضعفًا عامًا وغثيانًا ومضاعفات صحيّة أخرى تظهر بوضوح على الجسم، أيضًا له تأثير على "جريبات الشعر" مما يسبب تساقط الشعر بشكلٍ كبير خلال العلاج به.

محاولات علاج جديدة:
حاليًا، يحاول الأطباء اكتشاف طرق جديدة في العلاج عن طريق تحديد الخلايا السرطانية وفصلها عن الخلايا غير المصابة ومحاولة إنتاج أدوية متعدّدة، كل دواء مسؤول عن مهاجمة نوع مختلف من الخلايا السرطانية لكن مشاكل هذا الاكتشاف حتى الآن كانت في النتائج المختلفة التي ظهرت، نتيجة مهاجمة نوع الدواء نفسه لنوع الخلية نفسها لأشخاص مختلفين؛ فالمحاولة الآن تدور حول الخروج بنتائج مشابهة لنجاح الدواء في علاج الخلايا نفسها لأشخاص مختلفين.

المساهمون