كوريا ــ أميركا: خطط القصف جاهزة والشرق الآسيوي مستنفر

11 اغسطس 2017
جزيرة غوام الأميركية المهدّدة (روبرت تينوريو/فرانس برس)
+ الخط -
ارتفع التوتر في شبه الجزيرة الكورية، في ظلّ التصعيد الكلامي المتبادل بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، وتجلّت قمّتها في إعلان بيونغ يانغ نيّتها في ضرب جزيرة غوام الأميركية، الواقعة على بعد 3500 كيلومتر من كوريا الشمالية في المحيط الهادئ، وذلك "رداً" على تغريدة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، توعّد فيها الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ ـ أون، بـ"النار والغضب". في هذا السياق، أعلن الجيش الكوري الشمالي أنه "يضع اللمسات الأخيرة على خطة لإطلاق صواريخ باتجاه جزيرة غوام تطير فوق اليابان". وأوضح أنه "سيتم إطلاق أربعة صواريخ بصورة متزامنة، ستعبر فوق مناطق شيمان وهيروشيما وكويشي اليابانية"، مضيفاً أن "الصواريخ ستحلّق 17 دقيقة و45 ثانية على مسافة 3356.7 كيلومتراً وتسقط في البحر على مسافة 30 أو 40 كيلومتراً من غوام خارج المياه الإقليمية الأميركية". وتأوي الجزيرة منشآت أميركية استراتيجية من قاذفات ثقيلة بعيدة المدى ومقاتلات وغواصات، تشارك بانتظام في تدريبات ومناورات في شبه الجزيرة الكورية والمناطق المجاورة لها، ما يثير غضب بيونغ يانغ. كما حظيت غوام التي يقيم فيها 163 ألف نسمة، بحماية درع مضادة للصواريخ من طراز "ثاد". وإذا نفذت بيونغ يانغ هذا التهديد، فستكون أكبر عملية إطلاق صواريخ استفزازية حتى الآن.

من جهته، كشف سيباستيان جوركا، مستشار ترامب، أمس، أن "واشنطن ستتخذ أي إجراءات ملائمة لحماية البلاد من تهديدات كوريا الشمالية". وأضاف في حديثٍ لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي)، أن "دونالد ترامب كان واضحاً تماماً في أنه سيتخذ أي إجراءات ملائمة لحماية الولايات المتحدة ومواطنيها". وتابع قائلاً "نحن لا نعلن خططنا المستقبلية وكيف سنتصرف، وإذا كشفت للاعبين على طاولة البوكر أوراقك ستخسر. إنها ليست فكرة جيدة في لعبة الورق وهي فكرة سيئة للغاية في الجغرافيا السياسية".

وحدت التهديدات الكورية الشمالية باليابان إلى التأكيد على أنه "لم يعد بإمكان اليابان التسامح مع استفزازات كوريا الشمالية". وقال المتحدث باسم الحكومة اليابانية، يوشيهايد سوغا، للصحافيين إن "تصرفات كوريا الشمالية الاستفزازية، بما فيها هذه المرة، هي بشكل ظاهر استفزاز للمنطقة ومن ضمنها اليابان، وأيضاً لأمن المجتمع الدولي"، مضيفاً "لم يعد بإمكاننا التسامح مع هذا".


وحثّ سوغا "كوريا الشمالية بقوة على أخذ التحذيرات القوية والتوبيخات التي تكررت بجدية، والالتزام بسلسلة قرارات الأمم المتحدة والامتناع عن القيام بأي أعمال استفزازية أخرى". وسبق لطوكيو أن تعهّدت في الماضي بإسقاط الصواريخ الكورية الشمالية التي تهدد أراضيها، علماً أن المجال الجويّ الياباني هو ممرّ إجباري لأي صاروخ من كوريا الشمالية باتجاه غوام.

وذكر سوغا أن "ترامب قال إن كل الخيارات موجودة على الطاولة، والحكومة اليابانية ترحب بهذه السياسة"، مشيراً إلى أن "اليابان والولايات المتحدة تتشاوران عن قرب مع بعضهما البعض". مع العلم أن العاصمة الأميركية واشنطن، تستضيف في 17 أغسطس/ آب الحالي، لقاء رباعياً بين كل من وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، ووزير الخارجية، ريكس تيلرسون، ووزير الدفاع الياباني، إيتسونوري أونوديرا، ووزير الخارجية تارو كونو، لبحث القضية الكورية الشمالية.

وكانت بيونغ يانغ قد سخرت من ترامب، معتبرة أنه "فاقد للإدراك"، واعتبرت أن الصواريخ المقرر إطلاقها ستشكّل "تحذيراً أساسياً للولايات المتحدة، فوحدها القوة المطلقة سيكون لها تأثير على الرئيس الأميركي". وجاء هذا التحذير، أمس، رداً على تغريدة لترامب أكد فيها أن "الترسانة النووية الأميركية أشدّ وأقوى من أي وقت مضى". وقبل ذلك بساعات، فاجأ ترامب الأسرة الدولية حين توعّد كيم بـ"النار والغضب"، في تحذير بدا وكانه يستعير خطاب بيونغ يانغ نفسه.


ولفت الأستاذ في جامعة "الدراسات الكورية الشمالية" في العاصمة الكورية الجنوبية سيول، يانغ مو جين، إلى "الطابع الاستثنائي للتفاصيل التي عرضتها بيونغ يانغ". وقال "يبدو أن الشمال يقول إن ما سيفعله سيكون مطابقاً للقانون الدولي"، مضيفاً "بالتالي لا يمكن أن نستبعد أن ينفذ الشمال هذه الخطة".

ورأى محللون أنه في حال إطلاق صواريخ على غوام، ستجد واشنطن نفسها في موقع دقيق. فإن لم تحاول اعتراضها، ستتضرر مصداقيتها وسيدفع ذلك بيونغ يانغ إلى المضي قدماً واختبار صاروخ بالستي حقيقي عابر للقارات. لكن إذا حاولت اعتراض قصف من كوريا الشمالية ونجح صاروخ في اختراق دفاعاتها، عندها ستكون فاعلية الأنظمة الدفاعية الأميركية موضع تشكيك.

في المقابل، اعتبر الباحث في "مركز التقدم الأميركي" آدام ماونت، في تغريدة، أن "تهديد كوريا الشمالية قسري، من أجل وضع حد لطلعات قاذفة القنابل الأميركية الاستراتيجية (بي 1)". وتابع "خلافاً لتهديدات ترامب الغامضة والشديدة اللهجة، فإن تهديدات كوريا الشمالية قسرية وواضحة ومحددة وتنطوي على مخاطر تصعيد قابلة للتصديق"، مضيفاً أن "الرد عليها صعب".

وفي سياق الانعكاسات السلبية قارب سعر الذهب أعلى مستوى له في شهرين، مع ارتفاعه بنسبة 0.1 في المائة إلى 1278.51 دولاراً للأوقية (الأونصة). وسبق له أن قفز بنسبة 1.3 في المائة في الجلسة السابقة، وهي أكبر زيادة منذ منتصف مايو/ أيار الماضي.

وفي إطار منفصل، أعلنت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية ومكتب رئيس الوزراء الكندي، أن "بيونغ يانغ أطلقت سراح قس كندي كان يقضي عقوبة السجن مدى الحياة". وأفاد مكتب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، أمس، بأنه "أطلق سراح القس هيون سو ليم وسيلتئم شمله بأسرته وأصدقائه قريباً".

(العربي الجديد، فرانس برس، رويترز)

المساهمون