10 نوفمبر 2024
كل الطرق تؤدي إلى سوتشي
يضع المبعوث الأممي، ستيفان دي ميستورا، اللوم على الوفد الحكومي في أحدث جولات المفاوضات في جنيف أخيراً، ويقول بشكل واضح إن المفاوضات فشلت، وإن فرصة ذهبيةً قد أهدرت.. وهذه ليست المرة الأولى التي يُفشل فيها وفد النظام سيرَ المفاوضات، بتركيزه على عنوان وحيد في أثناء التفاوض، اسمه "محاربة الإرهاب".
يعتبر وفد النظام أن الطرف الآخر المفاوض هو من الإرهابيين الذين "يناضل" مع الروس ضدهم، ولا يزال يرفض، إلى غاية الجولة الثامنة، الجلوسَ معهم على طاولة واحدة. وبغض النظر عن هذه المفارقة الطريفة، لم تكن هناك أي فرصة ذهبية ليتم هدرها، لكن دي ميستورا يستعير هذا المصطلح من عالم كرة القدم، خصوصاً العبارة التي تقال لمن ينفرد بالمرمى، ويطيح الكرة بعيداً، ويحلو له تكريس هذا الوهم على أنه واقع، ففي جنيف لم يكن هناك سوى وفد يرى نفسه سفيراً فوق العادة لمكافحة الإرهاب، وفريق مقابل تغلب عليه الحيرة، ولا يجد في كل جولة مفاوضاتٍ إلا دي ميستورا ليكلمه.. لكن ثمة عاملاً جديداً دخل على الخط، مطيحاً "جنيف" قبل أن يبدأ، وهو مؤتمر سوتشي.
ترغب روسيا، بشكل مستتر، في نقل المحادثات من جنيف، ذات الطابع المحايد، والتي تفضل الأمم المتحدة أن تعقد مؤتمرات "اللا غالب ولا مغلوب" فيها، إلى سوتشي، وهي مدينة سياحية على البحر الأسود، تقع تحت السيادة الروسية بالكامل. وروسيا قدمت نفسها عراباً لبشار الأسد طوال سنوات الحرب، عبر عدد غير مسبوق من الاعتراضات الدولية في مجلس الأمن لصالحه. هناك في سوتشي يمكن لروسيا أن تطرح رؤاها بحرية، وقد يكون لديها ترف اتخاذ القرارات. قد يشعر الجميع بتواطؤ دولي، لإعطاء فرصة لسوتشي، أو للرئيس فلاديمير بوتين الذي قدَّم استعراضاً فردياً في زمن انعقاد جنيف، فحط في قاعدة حميميم "السورية". وحظي هناك باستقبال مضاعف من جنوده أولاً ثم من الأسد، ثم انتقل، خلال يوم، من القاهرة إلى أنقرة، وكأنه أحد سادة الإقليم. وبمجرد عودته من جولته في المنطقة، كان دي ميستورا يقول إن "جنيف" قد فشل، ممهداً كل الطرق إلى سوتشي.
بات معروفاً أن لروسيا أداءً خاصاً فيما يتعلق بالشأن السوري، فهي على الرغم من مواقفها المتحفظة عن إصدار القرارات ضد الأنظمة في ليبيا واليمن وغيرهما من دول الربيع العربي، كانت على الدوام متعنتةً في قبول الإجراءات ضد الأسد، إلى أن جاءت لحظة التدخل العسكري، ومن بوابة الجو، فدخلت صواريخ سوخوي الروسية. وبذلك وسعت روسيا وجودها الفعلي، وتحولت من مجرد جالية بحرية في طرطوس إلى قاعدة جوية ضخمة، قادرة على استيعاب عدد أكبر من "السوخوي"، بالإضافة إلى تحويلها القاعدةَ البحرية الصغيرة في طرطوس إلى ميناء قادر على استقبال حاملات الطائرات. وكان بوتين يذيع خبر "سحب" بعض قواته من سورية، بعد أن أنهت مهامها. ويؤكد، في الوقت نفسه، بأن هاتين القاعدتين باقيتان لجيل كامل في المستقبل. شككت الولايات المتحدة في سحب القوات الروسية، لكنها لم تبد أية ردة فعل على القواعد العسكرية الدائمة، بما يعني القبول، وإن على مضض.
بعد الرضى الواسع عن الوجود الروسي الذي تقبّله بعضهم لكونه موازياً للوجود الإيراني وكابحاً له، وبعد الصمت المطبق على وجود القواعد الروسية في أكثر الأماكن حساسية من سورية "المفيدة"، تم تكريس هذا المصطلح وتجسيده، ليصبح حقيقةً سياسية، ولاحقاً جغرافية، وأصبح في وسع دي ميستورا أن يعلن أن جنيف قد فشل. ولحفظ ماء الوجه، وصف الفشل بأنه هدر فرصة ذهبية، والفشل الذي قصده هو من النوع الذي لن تقوم له قائمة. ومن المفيد التفكير بأن حلقات جنيف قد تتوقف عند الرقم ثمانية، وعلى من يريد متابعة التسوية أن يقبلها على الطريقة الروسية، أي من بوابة سوتشي.
يعتبر وفد النظام أن الطرف الآخر المفاوض هو من الإرهابيين الذين "يناضل" مع الروس ضدهم، ولا يزال يرفض، إلى غاية الجولة الثامنة، الجلوسَ معهم على طاولة واحدة. وبغض النظر عن هذه المفارقة الطريفة، لم تكن هناك أي فرصة ذهبية ليتم هدرها، لكن دي ميستورا يستعير هذا المصطلح من عالم كرة القدم، خصوصاً العبارة التي تقال لمن ينفرد بالمرمى، ويطيح الكرة بعيداً، ويحلو له تكريس هذا الوهم على أنه واقع، ففي جنيف لم يكن هناك سوى وفد يرى نفسه سفيراً فوق العادة لمكافحة الإرهاب، وفريق مقابل تغلب عليه الحيرة، ولا يجد في كل جولة مفاوضاتٍ إلا دي ميستورا ليكلمه.. لكن ثمة عاملاً جديداً دخل على الخط، مطيحاً "جنيف" قبل أن يبدأ، وهو مؤتمر سوتشي.
ترغب روسيا، بشكل مستتر، في نقل المحادثات من جنيف، ذات الطابع المحايد، والتي تفضل الأمم المتحدة أن تعقد مؤتمرات "اللا غالب ولا مغلوب" فيها، إلى سوتشي، وهي مدينة سياحية على البحر الأسود، تقع تحت السيادة الروسية بالكامل. وروسيا قدمت نفسها عراباً لبشار الأسد طوال سنوات الحرب، عبر عدد غير مسبوق من الاعتراضات الدولية في مجلس الأمن لصالحه. هناك في سوتشي يمكن لروسيا أن تطرح رؤاها بحرية، وقد يكون لديها ترف اتخاذ القرارات. قد يشعر الجميع بتواطؤ دولي، لإعطاء فرصة لسوتشي، أو للرئيس فلاديمير بوتين الذي قدَّم استعراضاً فردياً في زمن انعقاد جنيف، فحط في قاعدة حميميم "السورية". وحظي هناك باستقبال مضاعف من جنوده أولاً ثم من الأسد، ثم انتقل، خلال يوم، من القاهرة إلى أنقرة، وكأنه أحد سادة الإقليم. وبمجرد عودته من جولته في المنطقة، كان دي ميستورا يقول إن "جنيف" قد فشل، ممهداً كل الطرق إلى سوتشي.
بات معروفاً أن لروسيا أداءً خاصاً فيما يتعلق بالشأن السوري، فهي على الرغم من مواقفها المتحفظة عن إصدار القرارات ضد الأنظمة في ليبيا واليمن وغيرهما من دول الربيع العربي، كانت على الدوام متعنتةً في قبول الإجراءات ضد الأسد، إلى أن جاءت لحظة التدخل العسكري، ومن بوابة الجو، فدخلت صواريخ سوخوي الروسية. وبذلك وسعت روسيا وجودها الفعلي، وتحولت من مجرد جالية بحرية في طرطوس إلى قاعدة جوية ضخمة، قادرة على استيعاب عدد أكبر من "السوخوي"، بالإضافة إلى تحويلها القاعدةَ البحرية الصغيرة في طرطوس إلى ميناء قادر على استقبال حاملات الطائرات. وكان بوتين يذيع خبر "سحب" بعض قواته من سورية، بعد أن أنهت مهامها. ويؤكد، في الوقت نفسه، بأن هاتين القاعدتين باقيتان لجيل كامل في المستقبل. شككت الولايات المتحدة في سحب القوات الروسية، لكنها لم تبد أية ردة فعل على القواعد العسكرية الدائمة، بما يعني القبول، وإن على مضض.
بعد الرضى الواسع عن الوجود الروسي الذي تقبّله بعضهم لكونه موازياً للوجود الإيراني وكابحاً له، وبعد الصمت المطبق على وجود القواعد الروسية في أكثر الأماكن حساسية من سورية "المفيدة"، تم تكريس هذا المصطلح وتجسيده، ليصبح حقيقةً سياسية، ولاحقاً جغرافية، وأصبح في وسع دي ميستورا أن يعلن أن جنيف قد فشل. ولحفظ ماء الوجه، وصف الفشل بأنه هدر فرصة ذهبية، والفشل الذي قصده هو من النوع الذي لن تقوم له قائمة. ومن المفيد التفكير بأن حلقات جنيف قد تتوقف عند الرقم ثمانية، وعلى من يريد متابعة التسوية أن يقبلها على الطريقة الروسية، أي من بوابة سوتشي.