04 ابريل 2016
قصة اليهود المغاربة
تناقلت وسائل إعلام مغربية خبراً، في الأسبوع الماضي، مفاده أن عجوزين مغربيين من الديانة اليهودية، أقدما على التهديد بالهجرة إلى إسرائيل، إن لم يستردا مسكناً لهما، جرى الاستيلاء عليه. ووجدت حكومة عبد الإله بنكيران نفسها في مأزق، لأن التهديد كان جادّاً، ولأنه، في العمق، حمل دلالة سياسية خطيرة، ويذكّر بالهجرة الكبرى لليهود المغاربة إلى الكيان الصهيوني المغتصب والمحتل. فما كان من الحكومة إلا التحرك لردم الواقعة، وهي في المهد، قبل أن تتخذ أبعاداً أخرى، ستجد من يركب عليها ويستغلها، وأرجعت للمغربيين اليهوديين مسكنهما، وانتهت الحكاية.
لكن هذه الواقعة "الحساسة" فجرت نقاشاً آخر لدى الرأي العام، وطرح السؤال التالي: ماذا لو تعلق الأمر بحالة مغربي مسلم، هل كانت الحكومة ستستنفر طواقمها، وتتحرك بسرعة لمعالجة المشكل، أم أن البيت كان سيضيع في دواليب الروتين الإداري القاتل؟
لكن، لنترك هذه القصة جانبا، ولنعد إلى الموضوع الأول، اليهود المغاربة، ووجودهم على أرض المغرب، فعلى قلة الأبحاث التاريخية الجادة في هذا المجال، هناك كتاب مهم، لباحث مغربي يهودي، ارتبط باليسار المغربي، هو الباحث، شمعون ليفي، الذي رحل قبل ثلاث سنوات في الدار البيضاء، وكان مديراً للمتحف العبري، وفي كتابه "أبحاث في التاريخ والحضارة اليهودية المغربية"، يقدم صورة بحثية عميقة عن يهود المغرب. ويلح على "الأثر" العبري في الثقافة الشعبية المغربية، وفي مظاهرها اللغوية والاجتماعية والسياسية، والذي تداخل منذ الزمنين، الفينيقي والروماني، مروراً بالدول، الإدريسية والموحدية والمرينية، وصولاً إلى الحضور اليهودي القوي في القرن السابع عشر، وفي عهد الحماية الفرنسية.
يؤكد الكتاب أن الحضور البشري اليهودي شكل، في بعض المناطق المغربية، استثناءً لافتاً للانتباه، حيث أنهم إما شكلوا أغلبية مطلقة، كما كان عليه الحال، مثلاً، في قرية "دبدو"، شرق المغرب، حيث نجد أنه من بين 2000 نسمة من اليهود، لا يقابلهم إلا 500 من المسلمين، ويكاد هذا الاستثناء ينسحب حتى على مدن، مثل الصويرة التي كان يشكل سكانها مناصفة ما بين اليهود والمسلمين، ومدينة الجديدة وواحات وادي درعة والأطلس الكبير وفاس ومكناس، وفي وقت لاحق، مدينة الدار البيضاء التي لا يزال فيها حي يهودي خالص. ولكن، في بعض المناطق المغربية، كان الوجود اليهودي ممسوحاً تماماً، مثل سهل الغرب والشاوية ودكالة.
كان شمعون ليفي، في محاولته تأريخ الحضور اليهودي المغربي، مدفوعاً بفرضية إثبات وجود تلاقح حضاري وتمازج و"تعايش"، وهي الفرضية الثاوية والمقيمة بين أسطر الكتاب، أو المعلنة في هيئة وقائع وأحداث وأحكام.
كان اليهود المغاربة ينقسمون إلى ثلاث مجموعات، واحدة تتكلم الأمازيغية وكانت تقطن في جبال الأطلس، وثانية تتكلم الإسبانية وكانت تقطن في الشمال، وثالثة تتكلم العربية أو الدارجة المغربية، وكانت تقطن في المناطق الساحلية على المحيط الأطلسي، لكن العبرية بقيت لغة البيت ولغة الخاصة والطقوس الدينية.
في مقدمة الكتاب، يورد الباحث المغربي، محمد شفيق، حقيقة صارخة، هي أن أغلب اليهود المغاربة قد "غنوا من أجل النزعات الصهيونية، في حين أنهم على أرض المغرب حظوا بالتعايش وحفظ الحقوق". اللهم إلا قلة قليلة، ظلت وفية لمغربيتها ومناصرة لحقوق الشعب الفلسطيني في كامل أرضه، منهم صاحب الكتاب شمعون ليفي، أحد مؤسسي الحزب الشيوعي المغربي، وكمشة من النيرين، أمثال سيون أسيدون المناضل الحقوقي البارز، أو المستشار الملكي، أندري أزولاي، المغربي المبنى والمعنى، أو الكاتب إدمون عمران المالح.
لكن، في الجهة الأخرى، قصة مغاربة إسرائيل تستحق أن تروى!
لكن هذه الواقعة "الحساسة" فجرت نقاشاً آخر لدى الرأي العام، وطرح السؤال التالي: ماذا لو تعلق الأمر بحالة مغربي مسلم، هل كانت الحكومة ستستنفر طواقمها، وتتحرك بسرعة لمعالجة المشكل، أم أن البيت كان سيضيع في دواليب الروتين الإداري القاتل؟
لكن، لنترك هذه القصة جانبا، ولنعد إلى الموضوع الأول، اليهود المغاربة، ووجودهم على أرض المغرب، فعلى قلة الأبحاث التاريخية الجادة في هذا المجال، هناك كتاب مهم، لباحث مغربي يهودي، ارتبط باليسار المغربي، هو الباحث، شمعون ليفي، الذي رحل قبل ثلاث سنوات في الدار البيضاء، وكان مديراً للمتحف العبري، وفي كتابه "أبحاث في التاريخ والحضارة اليهودية المغربية"، يقدم صورة بحثية عميقة عن يهود المغرب. ويلح على "الأثر" العبري في الثقافة الشعبية المغربية، وفي مظاهرها اللغوية والاجتماعية والسياسية، والذي تداخل منذ الزمنين، الفينيقي والروماني، مروراً بالدول، الإدريسية والموحدية والمرينية، وصولاً إلى الحضور اليهودي القوي في القرن السابع عشر، وفي عهد الحماية الفرنسية.
يؤكد الكتاب أن الحضور البشري اليهودي شكل، في بعض المناطق المغربية، استثناءً لافتاً للانتباه، حيث أنهم إما شكلوا أغلبية مطلقة، كما كان عليه الحال، مثلاً، في قرية "دبدو"، شرق المغرب، حيث نجد أنه من بين 2000 نسمة من اليهود، لا يقابلهم إلا 500 من المسلمين، ويكاد هذا الاستثناء ينسحب حتى على مدن، مثل الصويرة التي كان يشكل سكانها مناصفة ما بين اليهود والمسلمين، ومدينة الجديدة وواحات وادي درعة والأطلس الكبير وفاس ومكناس، وفي وقت لاحق، مدينة الدار البيضاء التي لا يزال فيها حي يهودي خالص. ولكن، في بعض المناطق المغربية، كان الوجود اليهودي ممسوحاً تماماً، مثل سهل الغرب والشاوية ودكالة.
كان شمعون ليفي، في محاولته تأريخ الحضور اليهودي المغربي، مدفوعاً بفرضية إثبات وجود تلاقح حضاري وتمازج و"تعايش"، وهي الفرضية الثاوية والمقيمة بين أسطر الكتاب، أو المعلنة في هيئة وقائع وأحداث وأحكام.
كان اليهود المغاربة ينقسمون إلى ثلاث مجموعات، واحدة تتكلم الأمازيغية وكانت تقطن في جبال الأطلس، وثانية تتكلم الإسبانية وكانت تقطن في الشمال، وثالثة تتكلم العربية أو الدارجة المغربية، وكانت تقطن في المناطق الساحلية على المحيط الأطلسي، لكن العبرية بقيت لغة البيت ولغة الخاصة والطقوس الدينية.
في مقدمة الكتاب، يورد الباحث المغربي، محمد شفيق، حقيقة صارخة، هي أن أغلب اليهود المغاربة قد "غنوا من أجل النزعات الصهيونية، في حين أنهم على أرض المغرب حظوا بالتعايش وحفظ الحقوق". اللهم إلا قلة قليلة، ظلت وفية لمغربيتها ومناصرة لحقوق الشعب الفلسطيني في كامل أرضه، منهم صاحب الكتاب شمعون ليفي، أحد مؤسسي الحزب الشيوعي المغربي، وكمشة من النيرين، أمثال سيون أسيدون المناضل الحقوقي البارز، أو المستشار الملكي، أندري أزولاي، المغربي المبنى والمعنى، أو الكاتب إدمون عمران المالح.
لكن، في الجهة الأخرى، قصة مغاربة إسرائيل تستحق أن تروى!