"نكاح" سياسي

04 ابريل 2016

أحمد الشقيري.. أثر الساعة الزائدة

+ الخط -
تلقّف أحد الوجوه القيادية في جمعية التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية، الحاكم في المغرب، زيادة ساعة في التوقيت المحلي في المغرب، وأدلى بدلوه في الموضوع، من زاوية تأثير هذه "الزيادة" على الصلاة والنكاح.
وكان أن أيقظ الفقيه أحمد الشقيري الجمل النائم على مواقع التواصل، وساحات الإنترنت الواسعة، وهو لم تكفه تدوينة على صفحته في "فيسبوك" والسلام، بل انبرى إلى شرح وجهة نظره بنشاط، مستجيباً بأريحية كبيرة للعبة الإعلام، فكان أن تحول الموضوع من وجهة نظر "جدية" إلى مزاج مغربي، يفرخ النكتة والسخرية، وأصبح الشّقيري الوجه الجديد للميديا.
ذهب الرجل بعيدا، حين صرح أنه قبل أن يحرّر تدوينته تلك، استشار زوجته، فأذنت له. ولم يترك القول عاماً، يتأوّله كلّ حسب فهمه وثقافته ومستواه التعليمي، بل أضاف إليه توابل، حتى استوت الطبخة، عندما انبرى للحديث عن أزكى ساعات الجماع المفضلة ليلاً ونهارا، منوّها بجماع أول الليل وجماع الفجر، وكيف أن "الساعة الزائدة" عدوّة مبينة لمن يريد أن يغنم المتع اللذيذة مع "أم الأولاد"، ويستطيب نكاحها على مهل وبقلب سليم.
وعلى رأي الفقيه الشقيري، فإن الجماع السريع بسبب ضيق الوقت بين الصلوات، مرذول، يغمط حق الشريكة احتلاب زبدة المتعة المشروعة.
لم يقف "التدافع" الفيسبوكي عند هذا الحد، وسارعت صفحة منسوبة لـ "قنديلات العدالة والتنمية" إلى التهليل ترحيباً بتدوينة الشقيري، بوصفها تصبّ في اتجاه إنصاف المرأة في الفراش. وكالت الصفحة الثناء لفحولة رجال "العدالة والتنمية"، فكان أن تحول السؤال عن الجدوى الاقتصادية من تقديم ساعة على توقيت غرينتش في البلاد إلى "تسلية" متواطأ عليها، للسخرية من قرار حكومي بزيادة ساعة.
ونشط التأويل الجنسي للموضوع، في مائدة سياسية مغربية خالية من الإثارة، إلاّ من الكلام المستهلك حول الانتخابات التشريعية المقبلة، ودوخة يعرفها المشهد الحزبي، بسبب العد التنازلي، والشروع في تحضير لوائح الترشيحات، وهي معركة أخرى تخوضها الأحزاب، ينشط فيها "الميركاتو" الانتخابي على أشدّه، وينزل الأعيان وأصحاب المال بثقلهم لحصد رؤوس اللوائح، ذات اليمين وذات الشمال، غير آبهين بشيء اسمه "التوجهات السياسية" لهذا الحزب أو ذاك، فما يهم هو المقعد، حتى وإن احتاج الأمر إلى دفع ثمن الحصول على تزكية الترشح نقدا على الطاولة.
ليس كلام الفقيه الشقيري عن الأثر الماحق للساعة الزائدة على المردود الجنسي، جديدا، في الساحة المغربية التي تتلاطم بفقهاء كثيرين يقضون أمام الكومبيوتر وقتا أكبر مما يقضون في الجوامع، فقد كان الفقيه الراحل عبد الباري الزمزمي، وهو فقيه مفوّه، من السابقين إلى الانخراط في لعبة الإعلام المدمرة، وكانت له فتاوى عجيبة غريبة، مثل جواز الاستعاضة بـ "الوناس" أو المؤنس، وهو حجر أملس من الصيوان، كانت تستعمله النساء لمداراة برد الوحدة والحفاظ على العفّة. ونساء طنجة يعرفن هذه العادة التي كانت منتشرة في الماضي، كما أكد ذلك الفقيه الراحل الزمزمي مرات. فهو ابن طنجة ويعرف دروبها وخوابيها.
أما وأن موضوع "الساعة وأثرها على النكاح" قد وصل إلى هذا المستوى، يجري فيه الإشارة ضمنيا إلى فريقين، فريق يحافظ على صلاته ويشبع زوجته أو زوجاته، وهو المتضرّر الأول من "الزيادة الوقتية"، وفريق لا يصلي، ومنصرف عن بيته، ولا يهمه "ساعة زائدة ناقصة"، كما يقول المغاربة، فإن قراءة مداليل هذا الاصطفاف أبعد مما يتصور، إنه الثالوث المحرم، الدين، الجنس، السياسة، يفرض سطوته، في فترةٍ انتخابيةٍ، تُخرج فيها جميع الأسلحة إلى العلن، بما في ذلك لوازم غرفة النوم.
أما الحقيقة العلمية فتوجد في جانب آخر، فقد كشفت إحدى كبريات الشركات المصنعة للأدوية الجنسية أن المغرب من أكبر المستهلكين لحبوب الفياغرا في العالم، بوصفات طبية أو بغير وصفات. والدليل أن أي مغربي يمكنه الحصول على "الحبة الزرقاء" من أقرب صيدلية، كما يحصل على حبة الأسبرين.
6A0D14DB-D974-44D0-BAC8-67F17323CCBF
حكيم عنكر
كاتب وصحافي مغربي، من أسرة "العربي الجديد". يقول: الكرامة أولاً واخيراً، حين تسير على قدميها في مدننا، سنصبح أحراراً..