عن ناصر بوريطة

21 مارس 2016

ناصر بوريطة ... وجه حيوي في "الخارجية" المغربية

+ الخط -
اختار المغرب أن يلعب منطق "خير وسيلة للدفاع الهجوم"، ولعب حزمة ما يملكه الورقة تلو الأخرى، وفي وقت وجيز ومتعاقب، وهو أمر لم يحدث حتى في مفاصل أخرى من تطورات ملف الصحراء.
وإذا كان من حسنة لهذه المنازلة الدبلوماسية مع مؤسسة الأمانة العامة للأمم المتحدة، فهي الدفع بوجه جديد في الدبلوماسية المغربية، وجه شاب وحيوي، ويقول المقربون منه وأصدقاؤه في مكاتب وزارة الخارجية في الرباط، إنه على درجة عالية من النباهة والتمكّن، واشتغل سنوات في منصب "الكتابة العامة"(السكرتارية) قريباً من الملفات الكبرى، وعلى علم بكل تفاصيل الملفات الراقدة في "الخارجية"، والتي تشكل اهتمام الدولة المغربية.
يتعلق الأمر بالوزير المنتدب في الخارجية، ناصر بوريطة، الذي كان إلى وقت قريب كاتباً عاماً في وزارة تعتبر حقيقة من وزارات السيادة، والتي على الرغم من أن من يقودها صاحب لون سياسي، صلاح الدين مزوار رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، فإن الفريق الحكومي الذي يقوده عبد الإله بنكيران يعلم، حق العلم، أن هذا القطاع حساس، وخليته الفعلية موجودة في الهيئة الاستشارية التي تضم وزيرين سابقين في الخارجية، هما الطيب الفاسي الفهري، مستشار الملك، ويوسف العمراني، المكلف بمهمة في القصر.
إضافة إلى المستشار الملكي، فؤاد عالي الهمة الذي يجمع بين يديه كل الملفات الحساسة. وليس غاربا عن البال أن الهمة، الذي يوصف بكونه مستشار الملك وصديقه، هو من أشرف شخصيا، قبل أشهر، على تهيئة الجانب البروتوكولي الخاص بزيارة الملك محمد السادس إلى موسكو، الأسبوع الماضي، وبالتالي، هو من أعطى لها تلك الملامح العملية والمثمرة، والتي جاءت متواقتة مع تطورات ملف الصحراء.
ومن المؤكد جداً أن الحلقة الضيقة في الحكم وذراعها في الخارجية، ومن يمسك بملف الصحراء المغربية، كانوا على علم بالتطورات التي ستحصل على مدى الأشهر اللاحقة. لذلك، جهزوا لها خير تجهيز على مستويين:
مستوى الرد الشعبي، الذي انتظم بسرعة فائقة عبر مسيرتين، واحدة وطنية في الرباط كانت مليونية، وثانية في العيون معقل الصحراء، كانت جهوية، وجاءت ردا من الصحراويين أنفسهم، أمام أعين موظفي بعثة المينورسو العسكرية للأمم المتحدة، والذين كانت الدهشة تغزوهم، وهم يتلقون قرارات ترابية من المغرب بمغادرة البلاد في أسرع وقت.
مستوى الرد الرسمي، فلأول مرة يوجّه المغرب تهمة بعدم الحياد إلى رأس الهيئة الأممية الذي تدخل بشكل سافر في النزاع، ووصف المغرب بـ "المحتل" للصحراء، بعدما كان في السابق يسجل ملاحظات خاصة على أداء مبعوثي الأمين العام، وكأن المغرب يؤكد بذلك أن خلافه ليس شخصيا مع موظفي بان كي مون، بل مع مؤسسة الأمين العام نفسها التي تحاول أن تدفع بمقترحات خارج مسارات التفاوض المعروفة والمقرّرة وفق أجندة مرسومة سلفا بين أطراف النزاع.
وهذا تطور كبير في الأداء الدبلوماسي المغربي، لم يكن معهوداً في السنوات التي مضت، فقد كان المغرب، في السابق، يطرح مقترحاته، ويعتمد على أصدقائه في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ولوبي تحريك معروف سلفا، والعمل على التجديد كل مرة لبعثة الأمم المتحدة في الصحراء(المينورسو)، والتي تقوم بمهام المراقبة لا غير، في ظل وقف إطلاق النار الساري منذ 1991.
يخرج المغرب، اليوم، من سياسة الانكماش، ويتولى الملك شخصيا إدارة الملف على المستوى الدولي، معتمدا على أسلوب جديد في تسويق الحل الذي يطرحه المغرب، قوامه التأزيم مع الطرف المشرف على الملف (الأمم المتحدة) للعودة إلى مسارات التفاوض الأصلية أكثر جدية، والتعامل مع المقترح المغربي الخاص بالحكم الذاتي بما يكفي الإنصات الواجب لمقترح واقعي وعملي.
قال المغرب كلمته، والتي جاءت في خطاب للوجه الدبلوماسي الجديد، ناصر بوريطة، حينما قال "مهمّة التسهيل المنوطة بالأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص تحكمها المحدّدات والمقررات الموضوعة من مجلس الأمن. وفي هذا السياق، لا يمكن للمغرب أن يقبل أي تجاوز لهذه المحدّدات".
6A0D14DB-D974-44D0-BAC8-67F17323CCBF
حكيم عنكر
كاتب وصحافي مغربي، من أسرة "العربي الجديد". يقول: الكرامة أولاً واخيراً، حين تسير على قدميها في مدننا، سنصبح أحراراً..