05 ابريل 2019
في هجاء الفصائل
محمد البريم (فلسطين)
قبل أيام شاركت في ندوة مسائية نظمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) بعنوان "مسيرات العودة.. التقييم، الدروس والعبر، الأهداف، إلى أين؟"، أعقبها نقاش وحوار مع ممثلين عن الهيئة الوطنية لمسيرة العودة وكسر الحصار، ضمت قادة فصائل ونخبا وكتابا من قطاع غزة عبر تقنية الفيديو.
وخلال استماعي لأغلب المداخلات، وخصوصا مداخلات الفصائل التي كان جل ّحديثها ينصبّ على مسيرات العودة واستمراريتها من دون أي ذكر للمواطن المسكين المغلوب على أمره، كانت هناك عدة أسئلة تحتل مخيلتي، ولا يمكن أن أتركها عالقة من دون أن أوجهها إلى تلك الفصائل والنخب: أين تعزيز صمود الناس على الأرض، وهو الأهم؟ وأين الاهتمام بأهل الشهداء والجرحى؟ وماذا عن ضبط تصريحات الفصائل، وأين مساعيكم لإنهاء الصفحة السوداء في تاريخ شعبنا، طالما أن الخلافات والتجاذبات أصبحت وراء ظهوركم؟
مشهد غزة الكارثي بعد 12 عاما وأوضاع الناس التي يندى لها الجبين يعكس مدى تخبّط تلك الفصائل التي لا تستند لمنطق التحديث والتغيير الذي يستجيب لمتطلبات الحاضر، هذه الفصائل التي سكتت من دون أن تحرّك أي ساكن لإنهاء الانقسام الذي ما زال أكثر قوة وأشد متانة، إذ لم نر منها أي دور أو جهد لإنهاء معاناة مليوني فلسطيني في غزة، سواء على صعيد المعبر أو الكهرباء أو الاعتقال السياسي، وكأننا في كل مرة مضطرون إلى أن ننتظر أن توحدنا الحرب أو الدماء أو مسيرات العودة، وكأننا موعودون بالانتظار.
هذا العدد الهائل من الشهداء والجرحى والدماء التي سالت، وما زالت تسيل، في مسيرات العودة، ومشهد المواطنين الذين اصطفوا في طوابير أمام تكية العدس في الشجاعية، وقبلها في جباليا، يعكس مدى إخفاقكم، وهذا يعني أنّ ضمائركم ما زالت نائمة ومغيبة.
وهنا تستحضرني هذه القصة، لعلها تجد آذانا صاغية، ففي يوم من الأيام، استدعى الملك وزراءه الثلاثة، وطلب من كل وزير أن يأخذ كيساً ويذهب إلى بستان القصر، ويملأ هذا الكيس له بمختلف طيبات الثمار والزروع، وطلب منهم أن لا يستعينوا بأحدٍ في هذه المهمة، وأن لا يسندوها إلى أحد آخر.
استغرب الوزراء من طلب الملك، وأخذ كل واحد منهم كيسه وانطلق إلى البستان. حرص الوزير الأول على أن يُرضِيَ الملك فجمع الثمار من أفضل وأجود المحصول، وكان يتخيّر الطيّب والجيّد من الثمار حتى ملأ الكيس. أما الوزير الثاني فقد كان مقتنعاً، بأن الملك لا يريد الثمار ولا يحتاجها لنفسه، وأنه لن يتفحص الثمار، فجمع الثمار بكسل وإهمال، فلم يتحرَّ الطيّب من الفاسد حتى ملأ الكيس بالثمار كيفما اتفق.
أما الوزير الثالث فلم يعتقد أنّ الملك سوف يهتم بمحتوى الكيس أصلاً، فملأ الكيس بالحشائش والأعشاب وأوراق الأشجار.
وخلال استماعي لأغلب المداخلات، وخصوصا مداخلات الفصائل التي كان جل ّحديثها ينصبّ على مسيرات العودة واستمراريتها من دون أي ذكر للمواطن المسكين المغلوب على أمره، كانت هناك عدة أسئلة تحتل مخيلتي، ولا يمكن أن أتركها عالقة من دون أن أوجهها إلى تلك الفصائل والنخب: أين تعزيز صمود الناس على الأرض، وهو الأهم؟ وأين الاهتمام بأهل الشهداء والجرحى؟ وماذا عن ضبط تصريحات الفصائل، وأين مساعيكم لإنهاء الصفحة السوداء في تاريخ شعبنا، طالما أن الخلافات والتجاذبات أصبحت وراء ظهوركم؟
مشهد غزة الكارثي بعد 12 عاما وأوضاع الناس التي يندى لها الجبين يعكس مدى تخبّط تلك الفصائل التي لا تستند لمنطق التحديث والتغيير الذي يستجيب لمتطلبات الحاضر، هذه الفصائل التي سكتت من دون أن تحرّك أي ساكن لإنهاء الانقسام الذي ما زال أكثر قوة وأشد متانة، إذ لم نر منها أي دور أو جهد لإنهاء معاناة مليوني فلسطيني في غزة، سواء على صعيد المعبر أو الكهرباء أو الاعتقال السياسي، وكأننا في كل مرة مضطرون إلى أن ننتظر أن توحدنا الحرب أو الدماء أو مسيرات العودة، وكأننا موعودون بالانتظار.
هذا العدد الهائل من الشهداء والجرحى والدماء التي سالت، وما زالت تسيل، في مسيرات العودة، ومشهد المواطنين الذين اصطفوا في طوابير أمام تكية العدس في الشجاعية، وقبلها في جباليا، يعكس مدى إخفاقكم، وهذا يعني أنّ ضمائركم ما زالت نائمة ومغيبة.
وهنا تستحضرني هذه القصة، لعلها تجد آذانا صاغية، ففي يوم من الأيام، استدعى الملك وزراءه الثلاثة، وطلب من كل وزير أن يأخذ كيساً ويذهب إلى بستان القصر، ويملأ هذا الكيس له بمختلف طيبات الثمار والزروع، وطلب منهم أن لا يستعينوا بأحدٍ في هذه المهمة، وأن لا يسندوها إلى أحد آخر.
استغرب الوزراء من طلب الملك، وأخذ كل واحد منهم كيسه وانطلق إلى البستان. حرص الوزير الأول على أن يُرضِيَ الملك فجمع الثمار من أفضل وأجود المحصول، وكان يتخيّر الطيّب والجيّد من الثمار حتى ملأ الكيس. أما الوزير الثاني فقد كان مقتنعاً، بأن الملك لا يريد الثمار ولا يحتاجها لنفسه، وأنه لن يتفحص الثمار، فجمع الثمار بكسل وإهمال، فلم يتحرَّ الطيّب من الفاسد حتى ملأ الكيس بالثمار كيفما اتفق.
أما الوزير الثالث فلم يعتقد أنّ الملك سوف يهتم بمحتوى الكيس أصلاً، فملأ الكيس بالحشائش والأعشاب وأوراق الأشجار.