فتيات غزة يتحدّين المجتمع: الدبكة ليست للرجال فقط

29 مايو 2014
المعارضة الاجتماعية خجولة
+ الخط -

تُمسك الفتاة العشرينية، ميرفت عبد القادر، من مدينة غزّة، بيد زميلاتها على المسرح، وقد لبسن الثوب التراثي الفلسطيني، في انتظار بدء نغمات "الجفرا والدلعونة وظريف الطول"، ليرسمن لوحة فولكلورية اعتدن على تقديمها، ضمن الاحتفالات الشعبية والتراثية الفلسطينية.

تتقن ميرفت وزميلاتها الدبكة الفلسطينية، التي تعتبر أحد أهم أشكال الفلكلور التراثي الفلسطيني، حيث يلبس الرجال "الشروال" الفضفاض والقمصان وغطاء الرأس المصنوع من قماش الكوفية، وتلبس الفتيات الثوب الملوّن أو الأسود الطويل، فيغطي كامل الجسم، مطرّزاً بالخيوط الذهبية، على شكل أزهار وورود. ويختلف اللباس بحسب المنطقة التي يقطن فيها الراقصون والراقصات، ما بين الجبلية أو البادية أو الساحل.

ميرفت (24 عاماً) بدأت تلحظ ميلها نحو الدبكة في عامها التاسع: "اكتشفت بعد ذلك أنّ الميل يزداد، فالتحقتُ بفرقة وتعلّمت المزيد من الحركات والتفاصيل"، وتقول لـ"العربي الجديد"، إنها شاركت في إحياء العديد من العروض.

لا يعارض أهل ميرفت ميول ابنتهم. فهم، كما تقول، يشجعونها على الدبكة في الاحتفالات، ويشاركونها "فرحين" بها: "لا توجد معارضة اجتماعية منذ البداية، حتّى وصلتُ إلى المرحلة الاعدادية، حينها بدأت نظرة المجتمع تتغيّر، لكنّني أصررتُ على الاستمرار، والتحقتُ بفرقة (العنقاء) عام 2007، وربطتنا علاقة زمالة وأخوة، وقدمنا أجمل العروض".

وتشعر ميرفت بالفرح خلالها ممارستها الدبكة الشعبية: "هو شعور رائع عندما أرتدي، برفقة صديقاتي، الثوب الفلسطيني والكوفية"، منبّهة ً إلى أنّها ستبقى متعلّقة بالدبكة الشعبية، بعد أن تحوّلت إلى أجمل ما في حياتها، إذ أصبحت الدبكة بالنسبة إلى ميرفت، وصديقاتها، متنفساً يعطيها شعوراً جميلاً حين ترى البسمة على شفاه المشاهدين، وترفض كلّ الاعتراضات المجتمعية على ممارسة الفتيات "الدبكة الشعبية"، لأنّها "تراثنا الفلسطيني وفن مغروس يورّث للأجيال".

أما زميلتها، آلاء حسّونة، فاكتشفتْ ميولها نحو الدبكة خلال مشاركتها في العروض الفلكلورية في المدرسة، وتحدّثت هي الأخرى عن دعم أسرتها لما تقوم به، على اعتبار أنّه "رسالة وفنّ سامٍ يهدف إلى المحافظة على التراث الفلسطيني".

وأضافت آلاء لـ"العربي الجديد": "شاركتُ في الكثير من الاحتفالات، وكان إحساسي يتوزّع في كلّ منها بين الخوف من ردّة فعل الجمهور، والفرحة بممارسة هذا الفن الراقي. ولا أخاف من الوقوف على خشبة المسرح، بقدر خوفي من عدم تقبّل الجمهور لما نقدّمه، لكنّني في كلّ مرّة أكسر حاجز الخوف أكثر".

وعن المشاكل والمعوقات التي تواجه الفتيات خلال ممارسة فنّ الدبكة الشعبية، ذكرت آلاء أنّ كلّ عمل ناجح له عوائق: "لعلّ أبرز ما يواجهني هو خوفي من ردّة فعل الجمهور، كذلك نظرة الناس إلى الفتاة التي تشارك في الدبكة بحجّة الخوف عليها وعلى دراستها، وأنّ الدبكة عمل فنيّ خاصّ بالرجال، لكنّني أتجاوز ذلك تدريجياً بفضل وقوف أهلي الى جواري".

وتتابع حسّونة: "رسالتي هي المحافظة على تراثنا الفلسطيني، وإحياء هويتنا من خلال الزيّ التراثي والفلكلور، وأطمح إلى أن أمثل بلدي بصورة جميلة، سواء في الداخل أو الخارج، من خلال المسابقات الدولية التي تهدف إلى دمج الثقافات العربية وإظهارها".

بدوره، أكد منسّق فرقة "العنقاء"، محمد عبيد، أنّ "الفتيات داخل الفرقة يمتلكن موهبة مميزة في الدبكة، أداؤهنّ رائع وتختلف القدرات بينهنّ، مما يشكّل لديهنّ حافزاً للمنافسة وتقديم الأفضل، ووجودهنّ داخل الفرقة يعطيها أهمية وجاذبية".

وشرح عبيد لـ"العربي الجديد" أنّ "هناك الكثير من العروض، التي لا يمكن إتمامها من دون وجود فتيات، كالعرس الفلسطيني، حيث تقدم الصبايا الحركات الغزلية الخفيفة، إلى جانب الشباب".

 

المساهمون