فازت إسرائيل

25 يونيو 2016
+ الخط -
مرّ مرور الكرام خبر فوز إسرائيل برئاسة اللجنة القانونية للأمم المتحدة، واقتصر النقاش حوله بخبرٍ مقتضبٍ في بعض وسائل الإعلام، تضمن إشارة إلى اعتراض المجموعتين، العربية والإسلامية، في الجمعية العمومية على ترشيح إسرائيل، ما دفع إلى إجراء تصويتٍ فازت به إسرائيل، والتصويت، بحد ذاته، إجراء غير مألوف في لجان الأمم المتحدة الرئيسية، فعادة ما يتم التوافق على الدولة المرشحة، وتتولى الرئاسة بالتزكية ولا يجري تصويت. ولكن، هذه المرة وبسبب اعتراض المجموعتين المذكورتين، جرى التصويت الذي أسفر عن فوز إسرائيل بـ 109 أصوات من أصل 193 دولة عضواً في الجمعية العمومية.
وقد تسبّب اعتراض المجموعتين، العربية والإسلامية، في اعتراض البعثة الأميركية التي علق نائب السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، دايفيد بريسمان، بطريقةٍ ملفتةٍ للنظر على الاعتراض الذي تسبب بالتصويت، فقد استغرب الموقف، وقال إنه لم يكن هناك داعٍ لإجراء التصويت، "فحتى ليبيا في عهد معمر القذافي تم انتخابها للمنصب". فمن وجهة نظر أميركية، وربما عالمية، ما حصلت عليه ليبيا أصبح من حق أي أحدٍ أن يحصل عليه.
المفارقة أن إسرائيل الدولة الأكثر انتهاكاً للقانون الدولي تترأس اللجنة القانونية في الأمم المتحدة، وهي اللجنة المسؤولة عن القضايا المتعلقة بالقانون الدولي، وانتخاب إسرائيل لرئاستها يشبه أن يتم انتخاب كوريا الشمالية لرئاسة لجنة حقوق الإنسان، أو موزمبيق لرئاسة اللجنة المالية والاقتصادية. وليس انتهاك إسرائيل القانون الدولي وجهة نظر عربية، وإنما حقيقةٌ واقعية، وقرارات مجلس الأمن التي صدرت بحق إسرائيل منذ 1967 أكثر من أن تُحصى، ولم تلتزم إسرائيل بواحدٍ منها، بالإضافة إلى أنها الدولة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط.
وهذه هي المرة الأولى التي تفوز فيها إسرائيل برئاسة واحدةٍ من لجان الأمم المتحدة منذ انضمامها إليها عام 1949، وهي من اللجان الست الرئيسية للأمم المتحدة، فللجمعية العامة ست لجان دائمة، تقدّم لها تقارير عن نزع السلاح والقضايا الاقتصادية والمالية وحقوق الإنسان وإنهاء الاستعمار وموازنة الأمم المتحدة والشؤون القانونية. ودور هذه اللجان إجرائي، لكن رئاسة واحدةٍ منها تعطي لإسرائيل فرصةً للقيام بدور أكبر في الشؤون الروتينية في الأمم المتحدة.
بلغ سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، قمة الوقاحة، في بيانه الذي أصدره عقب التصويت، حيث قال: "إسرائيل رائدة عالمياً في القانون الدولي وفي مكافحة الإرهاب... نحن سعداء بإتاحة الفرصة لنا لتبادل معرفتنا مع دول العالم، أنا فخورٌ بأن أكون الإسرائيلي الأول الذي انتخب لهذا المنصب".
وكانت إسرائيل، في الأصل، ضمن مجموعة آسيا والمحيط الهادئ مع دول الشرق الأوسط الآسيوية الأخرى، ولم يكن أحدٌ من دول المجموعة يقبل أي تعاملٍ معها. وبالتالي، لم يكن في وسعها الترشح للجان، لأن الترشّح يتم تمثيلاً للمجموعات، فانتقلت إسرائيل إلى مجموعة غرب أوروبا، والتي أصبح اسمها من أجل ذلك (مجموعة غرب أوروبا وآخرين)، ما جعل بإمكانها الترشح، بل والفوز كما حصل الآن.
المجموعة العربية التي تحدّثَ باسمها الممثل الدائم لليمن، خالد اليماني، الذي بعث رسالة إلى كلّ الدّول الأعضاء، للاحتجاج على انتخاب السّفير الإسرائيليّ، قائلاً "لا يمكن أن نقبل أن يكون لبلدٍ مثل إسرائيل ينتهك القوانين الدولية والقانون الإنساني، وآخر قوةٍ استعماريةٍ موجودةٍ في العالم، حق في البت في قضايا قانونية في الأمم المتحدة".
واشتكى رئيس الوفد الفلسطينيّ في الأمم المتحدة، رياض منصور، من نتائج التصويت، مؤكّداً أن الدول العربية والإسلامية حاولت منع فوز إسرائيل الّتي وصفها بأنّها أكبر منتهكٍ للقانون الدولي، متوقّعاً أن يهدّد انتخاب دانون "عمل اللجنة السادسة".
وأكّد أنّ "إسرائيل تزداد تطرّفاً وتُدير ظهرها لكل المبادرات السّلميّة، بما فيها المبادرة الفرنسيّة أخيراً"، لافتاً الانتباه إلى أنّها "توسّع نشاطاتها الاستيطانيّة (في الضفة الغربيّة)، وتخرق القانون الدّوليّ في كلّ ممارساتها، ثم يقوم المجتمع الدولي بمكافأتها".
النقطة الأهم في كل هذه الحكاية هو ما نقلته وسائل إعلام عن مصادر دبلوماسيّة داخل الجمعية العمومية من أنّ أربع دولٍ عربية، على الأقل، صوّتت لصالح إسرائيل، وهذا يعني أن انتخاب اسرائيل أمر طبيعي، فحين تصوّت أربع دول عربية لصالح إسرائيل يكون تصويت 105 دول أخرى أمراً أكثر من طبيعي.





A78EE536-6120-47B0-B892-5D3084701D47
علا عباس

كاتبة وإعلامية سورية