فؤاد عجمي.. الصهاينة خسروا واحداً

24 يونيو 2014
مارينز في الفلوجة، 2004 (تصوير: ماركو دي لاورو)
+ الخط -

بوفاة فؤاد عجمي (1945-2014) الأستاذ الجامعي والكاتب السياسي الأميركي من أصول لبنانية، يكون المحافظون الجدد وأنصار "صراع الحضارات" و"إسرائيل" قد خسروا واحداً من أفضل مزوريهم.

عجمي الذي توفي الأحد الماضي في نيويورك - بعد صراع مع مرض السرطان - من مواليد أرنون في الجنوب اللبناني، هاجر مع عائلته إلى الولايات المتحدة بعد أن أنهى دراسته الثانوية في لبنان عام 1963. درس بداية في كلية بشرق أوريغون ومن ثم انتقل إلى الدراسة في جامعة واشنطن بمدينة سياتل، حيث تخصص في العلوم السياسية، وكتب أطروحة الدكتوراه عن "العلاقات الدولية وحكومات العالم".

انضم بعدها إلى جامعة برينستون الشهيرة، ليُدرّس في قسم العلوم السياسية، إلا أنه لم يتمكن من الحصول على تثبيت. فانتقل إلى العمل في قسم دراسات الشرق الأوسط بجامعة "جونز هوبكينز" في العاصمة واشنطن بين عامي 1980- 2011، حيث ترأس القسم فيها. شغل منذ عام 2011 منصب أستاذ باحث في مؤسسة "هوفر" في جامعة ستانفورد. له ستة كتب عن "الشرق الأوسط" ومئات المقالات. ومن أبرز كتبه "الإمام المغيّب: موسى الصدر وشيعة لبنان" (1986). كما حصد عدداً كبيراً من الجوائز الأكاديمية والإعلامية.

غيّر عجمي هواه السياسي لينقلب، بحسب شهادات ومقالات لعدة أشخاص عرفوه، من مؤيد للقضية الفلسطينية في بداية حياته الأكاديمية إلى مُعادٍ لها ومناصرٍ للصهيونية وعرّابٍ للحرب الأميركية على العراق واحتلاله عام 2003. ولم يكن دور عجمي في الشأن العراقي مقتصراً على تصريحات إعلامية، بل كان أحد مستشاري الرئيس جورج دابليو بوش، غير الرسميين. وبحسب تقارير إعلامية أميركية، كان عجمي من الذين حثّوا بوش على احتلال العراق، إلى جانب المستشرق المعروف بمناصرته للصهيونية برنارد لويس، الذي درّس في برنستون، وربطت عجمي به علاقة وطيدة.

اختارت مستشارة الأمن القومي في عهد بوش، كونداليزا رايس، عجمي ليكون أحد مستشاريها غير الرسميين لـ"شؤون الشرق الأوسط" والعراق تحديداً. واقتبس أقواله، نائب الرئيس الأميركي، ديك تشيني في خطابه حول العراق عام 2002. حيث كان عجمي قد قال "إن العراقيين سيستقبلون الأميركيين بالزهور كمحررين، كما فعل الأفغان، بعد هزيمة الروس في بلادهم بمساعدة الأميركيين".

وظّف الساسة والمعلّقون الأميركيون مقولاته وأفكاره العدائية فيما يتعلق بـ"الشرق الأوسط" والعراق خاصة، لتبرير سياساتهم ونظرتهم. وكانت أصول عجمي العربية والمسلمة تعطي خطابه نوعاً من الشرعية في الدوائر السياسية والثقافية الأميركية وتستخدم من قبل اليمين لتمرير أفكار استشراقية وعنصرية؛ ليظهر فؤاد عجمي "العربي والمسلم" الذي يطالب "بتحرير الشرق من ذاته الكارهة لنفسها والتي تعيش عقد نقص" وهو جزء من التعميمات التي وصَف بها "العرب والمسلمين". على عكس الغالبية العظمى من المفكرين والأكاديميين العرب والمسلمين وغيرهم من الأميركيين الذين كانوا مناهضين لاحتلال العراق ومناصرين للقضايا الإنسانية والعربية.

لم يتراجع عجمي عن مواقفه تجاه احتلال العراق (وكان الكتاب الذي كتبه عن غزوه بعنوان "هدية الأجنبي"). وبقي يغرّد في صف اليمين الأميركي في كل ما يتعلق بقضايا "الشرق الأوسط" ومن بينها فلسطين. انتقده المفكر والأكاديمي إدوارد سعيد، ووصف نظرياته وتصريحاته بالعنصرية. كما دار بينه وبين سعيد سجال طويل حول القضايا الإنسانية والعربية التي دعمها سعيد الذي كان من أشد منتقدي السياسات الأميركية الاستعمارية في العالم والمنطقة العربية.

ولم يكن غريباً بناءً على ما سبق من "سيرته" النعي السخي من قبل الصحف ووسائل الإعلام الأميركية وعلى رأسها "نيويورك تايمز" التي وصفته بـ"الخبير في التاريخ العربي". أما محطة "السي إن إن" التي كان ضيفاً مفضّلاً في برامجها فقد وصفته بأنه "واحد من ألمع الباحثين في دراسات الشرق الأوسط في عصرنا".

أما صحيفة "وول ستريت" والتي عرضت على عجمي الكتابة فيها بشكل دوري منذ تولي الرئيس الأميركي باراك أوباما منصبة عام 2009، فنعته كواحد من أسرتها. وآخر مقال نشره عجمي في صفحات الجريدة كان الأسبوع الماضي وانتقد فيه الرئيس الأميركي "قائد العالم الحر الذي اختار أن يغض النظر عما يجري في سوريا والعراق"، وذلك لأن أوباما لم يتدخل عسكرياً في كل من البلدين كما أراد عجمي وصقور اليمين الأميركي.

لكن الرأي الأهم في "عجمي" هو رأي ضحايا حروب أميركا وإسرائيل، أولئك الذين استطاع "المرحوم" أن يحيا بـ"راحة ضمير" إزاءهم.

المساهمون