لا يقتصر النشاط الطلابي المصري على ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 في وجه الرئيس المخلوع حسني مبارك. فلو عدنا إلى الوراء عشرات السنوات، سنجد أنه ازدهر في سبعينيات القرن الماضي. ويقول الباحث في مجال الحريات الطلابية في "مؤسسة حرية الفكر والتعبير" محمد عبد السلام إن "الحركة الطلابية في أثناء حكم الراحل أنور السادات، كان لها دور في دفع الناس للنزول إلى الشارع والضغط على الجيش المصري لإنجاز عمل عسكري ضدّ الاحتلال الإسرائيلي لسيناء، في وقت كان يظن أن السادات لم يكن السادات في نيته القيام بأي خطوة". ومن أبرز وجوه هذا الحراك طلبة أصبحوا من قادة العمل السياسي في يومنا هذا، من أمثال مؤسس حزب مصر القويّة عبد المنعم أبو الفتوح ومؤسس حزب الكرامة حمدين صباحي.
ويوضح عبد السلام أن الحركة الطالبيّة ضعفت في خلال التسعينيات من القرن الماضي، نتيجة القمع الشديد والتضييق على الحريات الذي عانت منه مصر في فترة حكم مبارك، لكن مع تطوّر وسائل الاتصال بين الشعوب وظهور "فيسبوك" و"تويتر" تمكّن الشباب من التواصل مع بعضهم بعضاً بعيداً عن سيطرة الدولة والإعلام الحكومي.
ويشير إلى أن النشاط الطلابي قبيل ثورة يناير لم يكن في داخل الجامعة، وإنما من خلال حركات احتجاجيّة خارج أسوار الكليات من قبيل "حركة شباب 6 إبريل" و"شباب من أجل العدالة والحرية" و"الجمعيّة الوطنيّة للتغيير". وقد استطاعت هذه الحركات تهيئة الشارع المصري للثورة على حكم مبارك. ومع نزول ملايين المصريّين إلى الشارع مطالبين برحيل مبارك رافعين شعار "الشعب يريد إسقاط النظام"، كان آلاف الطلاب في جامعات مصر المختلفة إما في الميادين أو يمتنعون عن الحضور إلى كلياتهم. وهو ما دفع عدداً كبيراً من الأساتذة الجامعيّين إلى الإضراب أيضاً عن العمل.
ويلفت عبد السلام هنا إلى أن "الثورة دفعت الطلاب الذين لم يخبروا العمل السياسي من قبل، إلى البدء في المطالبة بحقوقهم. فكانت التظاهرات التي تطالب بتغيير القيادات الجامعيّة التي عيّنها نظام مبارك، وتطبيق نظام انتخاب عمداء الكليات ورؤساء الجامعات، ووضع لوائح طالبيّة تكفل الحرية في داخل حرم الكليات". وبدأت الأحزاب التي تشكّلت بعد الثورة في توسيع نشاطاتها إلى داخل الكليات وتأسيس كيانات طالبيّة تابعة لها، مثل طلاب "حزب الدستور" و"مصر القوية" و"الحرية والعدالة" وغيرهم، وكان لها تأثير قوي في نيل مطالبها نظرا لتوحد الطلبة وقتها على هدف واحد وهو القضاء على ما خلّفه نظام مبارك.
لكن نائب رئيس "اتحاد طلاب مصر" أحمد البقري يشير لـ "العربي الجديد" إلى أن انقلاب 3 يوليو/تموز 2013 كان له أثره في تفريق الطلاب. فقد عارض بعضهم الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي فيما أيّد آخرون عزله. بالتالي، اختلفت الأهداف والمطالب. وأنشأ رافضو الانقلاب حركة "طلاب ضد الانقلاب" التي انتشرت فروعها في كل جامعات مصر الحكوميّة والخاصة، وكان لها الصوت الأبرز في الفعاليات الطالبيّة منذ عزل مرسي. ومنذ عام ونصف العام، ينظم الطلاب أعضاء الحركة بشكل شبه يومي تحرّكات في حرم الجامعات وخارجها. ويتحدّث البقري عن تعامل السلطات المصريّة العنيف والدموي مع الطلاب عقب الانقلاب العسكري، موضحاً أن قمع الطلاب لم يقتصر على التعدي عليهم في خلال التظاهرات في الشارع، إنما تطوّر إلى اقتحام حرم الجامعات واعتقال الطلاب من القاعات وقتل بعضهم بالإضافة إلى ضرب الطالبات وسحلهنّ واعتقالهنّ.
إلى ذلك، يشير الباحث محمد عبد السلام إلى أن الحراك الطلابي تراجع مع بداية العام الدراسي 2014 - 2015، بعدما استعاد النظام القمعي نشاطه من جديد وراحت قوات الأمن تمارس العنف المفرط بحقّ الطلاب، وتتابع القوانين التي يصدرها الرئيس عبد الفتاح السيسي التي تقيّد الحريات وتغلق الطريق أمام حوار مجتمعي وطالبي. كل ذلك عوامل أصابت الطلاب الإحباط، فيئسوا من تحقيق ما كانوا يطمحون إليه مع قيام ثورة يناير.
ويُطرح السؤال: هل يعود هؤلاء الشباب للتوحد حول مطالب مشتركة؟ فيؤكّد البقري على "استمرار القمع مع عودة وجوه رجال مبارك إلى السلطة من جديد. بالتالي، حتماً سيتوحّد الطلاب من جديد على هدف واحد وهو: الشعب يريد إسقاط النظام". من جهته، يضيف عبد السلام "شرطاً أساسياً لعودة الحركة الطالبيّة إلى سابق عهدها، وهو مدى قدرة الطلاب على تطوير خطابهم السياسي لجذب شرائح أكبر من الطلبة والدفاع عن مصالحهم".
تابعونا ثورات_تتجدد