شروط أميركية على بغداد لضرب داعش... وخطوات وقائية للتنظيم

12 سبتمبر 2014
كيري محلقاً فوق بغداد (برنجن سميالوفسكي/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

وافقت الحكومة العراقية على الشروط الأميركية التي وضعتها واشنطن في مقابل تعهدها بالقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في العراق وإيقاف زحفه، بحسب معلومات "العربي الجديد"، في وقت يتخذ فيه تنظيم "داعش" خطوات احترازية وقائية إزاء الحملة الشاملة المنتظرة ضده. وكشف ضابط رفيع المستوى في هيئة رئاسة أركان الجيش العراقي، لـ"العربي الجديد" أن "الفريق المرافق لوزير الخارجية جون كيري أبلغ رئيس الوزراء حيدر العبادي عن إمكانية فك الخناق عن بغداد وتحرير المناطق الغربية والجنوبية والشمالية التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية وفصائل أخرى سنية خلال فترة وجيزة، قبل البدء بتنفيذ خطة استعادة المناطق التي يسيطر عليها". ولكن كل ذلك بشروط "العمل على حل مشكلة الميليشيات والتصدي لها فضلاً عن قطع العلاقة مع النظام السوري، ووقف النهج السابق القائم على مد نظام الرئيس بشار الأسد بالمساعدات العراقية أو تلك الإيرانية عبر الأجواء العراقية، والإسراع بتشكيل قوات الحرس الوطني السنية لمساندة الجيش النظامي لتحرير مناطقهم، ولتكون مستقبلاً نواة قوات الجيش الذي سيتولى حماية مناطقهم". وأوضح المصدر العسكري أن "الأميركيين أبلغوا العبادي أنهم لن يسمحوا بتغليب سلاح طائفة على أخرى في العراق، ويجب معالجة ملفَّي داعش والميليشيات الموالية للحكومة في آن واحد، لتكون أولى الخطوات سحب الميليشيات من المناطق السنية والمختلطة طائفياً إلى الجنوب والمدن الشيعية، وجعلها كقوات لحماية مناطقهم".

معلومات أكّد القيادي في ائتلاف "متحدون" البرلماني، خالد الدليمي، صحتها لـ"العربي الجديد"، مشيراً إلى أن هذا مطلب للعرب السنة أيضاً. وأضاف الدليمي أن" الخطوات الأميركية، في حال اقتصرت على مهاجمة داعش والفصائل السنية، ستكون لها ارتدادات عكسية على الشارع السني بنحو عام، ويجب أن تقابل التحركات الأميركية بوضع حد للميليشيات التي تتلقى تمويلاً من إيران، وهو ما لمسناه في الطلبات الأميركية من حكومة العبادي". وكشف الدليمي أن "قوات الحرس الوطني أو الجيش الرديف سيكون قوامها نحو 70 إلى 90 ألف عنصر من أبناء العشائر والمدن السنية وسيتولون حماية مناطقهم مستقبلاً بعد انتهاء الحرب مع تنظيم داعش".

وعن هذا الموضوع، علمت "العربي الجديد" أن مسؤولاً أميركياً رفيع المستوى سيزور العراق خلال الأيام المقبلة للقاء قيادات عراقية سنية قبل بدء تنفيذ استراتيجية التحالف الدولي، وهو ما أبلغه مساعد نائب وزير الخارجية بريت ماكورك، لقادة الكتل السياسية العراقية. وعن الزيارة الأميركية المرتقبة، فهي ستتضمن لقاءات مع شخصيات ميدانية كرجال دين وشيوخ عشائر وقادة الحراك السني الشعبي المعارضة للعملية السياسية، بهدف طمأنتهم إلى أن العمليات الأميركية والغربية ضد داعش لن تكون على حساب السنة سياسياً أو أمنياً".

في هذا الوقت، بدا "داعش" وكأنه يقرع طبول الحرب استعداداً لمواجهة خطط التحالف الدولي للقضاء عليه، وذلك من خلال سلسلة إجراءات استباقية نفذها في اليومين الماضيين، شملت عمليات إعدام ميدانية وتغييرات في القادة واعتقالات في صفوف رجال الدين الرافضين مبايعة أبو بكر البغدادي، فضلاً عن تلغيم حقول نفطية وجسور حيوية والتوجيه بتنفيذ عمليات اختطاف لجنسيات غربية. وأطلق التنظيم أولى إجراءاته بإقدامه على تنفيذ عمليات إعدام ميدانية لعشرات من ضباط الجيش العراقي السابق وأعضاء بفصائل سنية مسلحة وقيادات وزعامات دينية وعشائرية في مدن الموصل وتكريت والأنبار. وقال نائب رئيس مجلس العشائر في محافظة نينوى الشيخ إبراهيم الحسن إن "تنظيم داعش أقدم على إعدام 30 ضابطاً في الجيش السابق برتب متفاوتة بعد اختطافهم من منازلهم يومي السبت والأحد بتهمة التخابر مع الولايات المتحدة والحكومة العراقية لتشكيل ألوية قتالية، تتولى ضرب معاقل التنظيم من داخل المدن التي تسيطر عليها لإضعافها، وتسهيل مهمة السيطرة على تلك المدن من الخارج". وأوضح الحسن، لـ"العربي الجديد"، أن"ذلك جاء بعد أيام من إعلان وزارة الدفاع العراقية ومسؤولين سياسيين، عن بدء اتصالات مع الجيش السابق لإشراكهم في مهمة القضاء على داعش".

وأضاف الحسن أن التنظيم قتل أيضاً ستة من وجهاء وأعيان الموصل، كما اعتقل مفتي الديار الموصلية الشيخ أكرم عبد الوهاب اليوسف، إذ اقتحم جامعة الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان وسط الموصل، واقتاده إلى جهة مجهولة بعد رفضه مبايعته والاعتراف بالبغدادي خليفة. وفي الفلوجة، أعلن "جيش المجاهدين"، وهو أحد الفصائل المسلحة، انسحابه من المدينة بعد "جرائم التنظيم بحق المجاهدين وسعيه إلى اخذ البيعة منهم بالقوة أو قتلهم" على حد تعبير أبو أحمد الجميلي، أحد قياديي "جيش المجاهدين" في حديث لـ"العربي الجديد".

وقال عضو المجلس العسكري لعشائر الأنبار، الشيخ عبد الله الشمري، لـ"العربي الجديد"، إن "داعش تسعى إلى التخلص من معارضيها قبل المواجهة الوشيكة تحسباً للتآمر عليها كما تعتقد هي". وأوضح الشمري أن التنظيم قام بسلسلة تغييرات إدارية في المناصب القيادية وأبعد كثيراً من القادة العراقيين وأحل بدلاً عنهم قيادات سورية ويمنية وعناصر من جنسيات أوروبية". ولفت إلى أن "التنظيم لغّم الجسور والطرق الرئيسة في المدن التي يسيطر عليها فضلاً عن ثلاثة حقول نفطية، كما أمر بتنفيذ عمليات اختطاف لأجانب من عمال الفرق الاغاثية والصحافيين لاستخدامهم ورقة ضغط في حال تعرضه لأي هجوم شامل في العراق". ويضيف الشمري "يقوم التنظيم الآن بعمليات تنقل واسعة بين دير الزور والموصل، وحشد لقواته وفتح باب التطوع لتنفيذ عمليات انتحارية مرتقبة". في السياق، توقع خبير أمني عراقي قيام التنظيم بمهاجمة سفارات ومصالح غربية وحكومية عراقية في بغداد، مع بدء الولايات المتحدة بتوسيع عملياتها ضده.

وعن هذا الموضوع، قال عضو "جمعية المحاربين العراقيين"، العميد الركن عبد الرحمن احمد لـ"العربي الجديد" إن "داعش سيحاول نقل المعركة إلى بغداد بتفجيرات دموية مؤكدة ويفتح جبهات قتال اخرى في العراق لبعثرة أوراق التحالف الدولي، وقد ينجح بذلك في حال استمر الاعتماد على نوعية القوات الميليشياوية المتواجدة اليوم في بغداد".

المساهمون