اقرأ أيضاً ("حزم" و"النصرة" نحو المواجهة في ريف حلب)
تأتي اشتباكات ريف حلب في وقت تشهد فيه جبهات القتال مع قوات النظام معارك في محيط باشكوي؛ وفيما قصفت قوات المعارضة مطار النيرب العسكري، رمت فيه قوات النظام ثلاثة براميل متفجرة على منطقة التل وأطراف بلدة رتيان شمال حلب.
وأكد الناشط الإعلامي مجاهد الشام ، لـ"العربي الجديد" أن اشتباكات عنيفة بدأت مساء أول أمس بين جبهة "النصرة" وحركة "حزم" في محيط الفوج 46، الذي يعتبر المركز الرئيسي لحركة "حزم"، قتل خلالها أكثر من 50 عنصراً من الحركة، وانسحبت على أثرها من الفوج وريف المهندسين إلى مدينة الأتارب. وبيّن أن "الجبهة الشامية لم تتدخل في هذه المعركة على عكس بيانها الذي وعدت فيه بالتدخل كقوات فصل لوقف القتال بين الطرفين".
من جهته، قال نائب رئيس مجلس محافظة حلب، منذر السلال، لـ"العربي الجديد" إنه "بغض النظر من المخطئ ومن الباغي، فقد حاولنا أن نقوم بحراك شعبي وناشدنا "الجبهة الشامية" و"أحرار الشام لسرعة" التدخل وفض الاشتباك، وقد تعهدت "الجبهة الشامية" بتسلم الفوج 46 وإلزام الطرفين باتفاقية وقف القتال، وعرضهما لمحكمة شرعية على أن يبدأ التطبيق فجر السبت، إلا أنه في هذا التوقيت كانت المعارك قد شارفت على الانتهاء"، وسقط عشرات القتلى من الطرفين. وأضاف "نحن ضد الاقتتال ولغة السلاح في حل الخلافات بين الفصائل المسلحة ذات العدو الواحد النظام وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، ولا سيما أن مدينتنا حلب تعاني ما تعانيه من شبح حصار ومجازر ودمار".
وتزايدت حدّة النزاع بين الفصيلين، أول أمس السبت، عندما أعلنت "النصرة" كل من "ينتمي لحركة حزم هدفاً مباشراً لها"، رافضة "احتواء الحركة". وطالبت في بيان "الجبهة الشامية"، التي كانت حركة "حزم"، قد انضمت إليها بداية الشهر الجاري، بـ"الابتعاد عن مقرات "حزم"، ورفع أيديها عنها".
وجاء هذا التصعيد، من قبل "الجبهة" بعدما "اختطفت حركة حزم أربعة من عناصرها وقيادييها أخيراً، فضلاً عن تحريض مقاتليها على قتال "النصرة" دائماً، إضافة إلى غيابها الكامل عن جبهات القتال مع قوات النظام"، بحسب ما أوردت "جبهة النصرة" في بيانها.
غير أن الناشط الإعلامي، عاصم زيدان، أوضح لـ"العربي الجديد"، أنّ "حركة حزم ترابط على جبهة حندرات، وحي الشيخ سعيد بحلب، وليس غريباً على "النصرة" أن تتهم كلّ من يقف ضدها بالخيانة".
وردّت "حركة حزم" في ساعات متأخرة من ليل أول أمس، على "النصرة"، عبر إصدار بيان يتهمها بـ"قتل وأسر واختطاف عدد من عناصرها". وأبدت استعدادها لـ"تسليم ملف القضية بكافة متعلقاتها لأي هيئة شرعية مستقلة تماماً عن الفصائل، وذلك في ظل انشغال (الجبهة الشامية) بالمعارك مع قوات النظام"، متهمة "النصرة" بالانسحاب من جبهات القتال في حماه وحلب وانشغالها بدور القضاء من أجل ترسيخ مشروع إمارتها المزعومة، وبأنها تخدم العدو إما جهالة أو عمالة.
ورغم أن "الجبهة الشامية"، ضمّت حركة "حزم" تحت جناحها، إثر المعركة الماضية بين الفصيلين قبل نحو شهر، لكنها هذه المرة، أصدرت بياناً اعتبرته الإنذار الأخير لـ"حزم" للالتزام بقراراتها، داعية "جبهة النصرة" إلى عدم التسرع والدخول في الاقتتال، كما أصدرت بياناً آخر تعهدت فيه بالتدخل كقوة فصل بين "النصرة" و"حزم".
وفي السياق نفسه، أصدر أهالي مدينة الأتارب بياناً بثه ناشطون على "يوتيوب" دعوا فيه إلى عدم الاقتتال بين فصائل المعارضة والتفرغ للعدو المشترك (قوات النظام والمليشيا التابعة له). واعتبروا فيه "جبهة النصرة" فئة باغية بهجومها على الفوج 46 وعلى مزارع ريف المهندسين التي تتواجد فيها عناصر حركة "حزم". كما دعا "جبهة النصرة" الى التوجه إلى جبهات القتال مع النظام، كما أعلن البيان النفير العام لجميع الثوار الموجودين في الأتارب تحسباً لأي هجوم للنصرة.
وأصدرت نحو 135 شخصية من الفعاليات الثقافية والمدنية في محافظة حلب بياناً أدانوا فيه تعدي "جبهة النصرة" على قوات الثوار منذ أشهر، معتبرين أن "النصرة" تسير على خطى "داعش". ودعا البيان "الجبهة الشامية"، التي تشكل أكبر الفصائل في محافظة حلب، وكل التشكيلات الثورية في الشمال السوري، إلى تحمل مسؤولياتهم ووضع حد لكل من يعبث بأمن المناطق المحررة، وضرب خطوط الثوار الخلفية.
اقرأ أيضاً (النظام يحاول التقدّم في حلب مستغلاً خلاف "النصرة" و"حزم")
وبدأت "جبهة النصرة" بالتحول للسير على خطى "داعش" مع عزل أبو ماريا القحطاني كشرعي للجبهة المعروف بعدائه لـ"داعش" وتنسيقه مع فصائل الثوار، وتعيين الأردني سامي العريدي شرعياً عاماً للجبهة الأقرب فكرياً إلى تنظيم "داعش"، والميال لاستمالة الجهاديين.
وبدأت بعدها بوادر انغلاق "الجبهة" على نفسها ومناصبتها العداء لفصائل الجيش الحر، ومن ثم لحركة "أحرار الشام" ذات التوجه السلفي الجهادي. وأعلنت عداءها منذ أغسطس/ آب من العام الماضي لكل من حركة "حزم" و"جبهة ثوار سورية"، في ريف إدلب، وتمكنت بعدها من القضاء على "جبهة ثوار سورية" وطردها من جبل الزاوية. كما قامت باقتحام مدينة الرستن في تشرين الثاني من العام الماضي واعتقال قادة كتائب محلية فيها. وهي تكمل الآن مهمتها العسكرية بالقضاء على حركة "حزم" في ريف حلب الغربي بالتوازي مع مشروعها المدني بإنشاء دور قضاء مستقلة، تمهيداً لإعلان إمارة مرتقبة.