زيارة الشاهد إلى أميركا: ضمان الالتزام بدعم تونس أولوية

08 يوليو 2017
تلاقي حرب الشاهد على الفساد دعماً (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

دخلت العلاقات الأميركية ـ التونسية مساراً جديداً، بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً، وفي هذا السياق يزور العاصمة الأميركية واشنطن رئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد، غداً الأحد، بدعوة من الإدارة الأميركية، وسط ترجيحات بعدم لقائه ترامب الذي يتواجد خارج الولايات المتحدة.

في هذا الصدد، يلتقي الشاهد نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، يوم الاثنين المقبل، فضلاً عن مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، وأعضاء لجنة الشؤون الخارجية في مجلسي الشيوخ والنواب، ووزير المالية ووزير التجارة ووزير الدفاع، وأعضاء في مجلس الأمن القومي، ورئيسة صندوق النقد الدولي. كما يجري لقاءات ومحاضرات في بعض مراكز الأبحاث.

وتأتي زيارة الشاهد مباشرة إثر الاعلان عن نية الإدارة الأميركية مراجعة دعمها لتونس بنسبة كبيرة جداً، رغم أنها ليست مستثناة بهذا الإجراء الذي سيجري تعميمه على دول كثيرة، غير أن القرار النهائي يبقى بعهدة الكونغرس، الذي زار وفد منه تونس أخيراً، والتقى الشاهد ورئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي. وعبّر الوفد الأميركي، الذي يقوده رئيس لجنة الاعتمادات المالية بالمجلس رودني فرلينغويسن، عن دعمه وإعجابه بجهود حكومة الوحدة الوطنية في حربها ضد الفساد، مشدّداً على "ضرورة تقديم الدعم اللازم لتونس ومساندة الجهود الشجاعة التي تقوم بها لكسب مختلف التحديات".

ولعلّ الجملة المهمة التي أراد المسؤولون التونسيون سماعها من الوفد الأميركي، هي التأكيد على "حرص الوفد وسعيه إلى بذل المساعي اللازمة حتى تحافظ الولايات المتحدة على نفس الالتزام بدعم تونس على غرار السنوات الأخيرة"، وأهمية تعزيز التعاون بين البلدين خصوصاً في مجالات مكافحة الإرهاب وتطوير التبادل الثقافي والجامعي. وهي مسألة مهمة جداً لتونس التي تعتقد أن الاستثمار في المجال العلمي على قدر كبير من الأهمية.

غير أن الأمر لا يتعلق بمسألة الدعم الأميركي المباشر لتونس، فهي لا تعوّل عليه كثيراً، ولكنه يتعلّق أساساً بإقناع الادارة الجديدة بالأهمية الاستراتيجية لتونس في مسائل عديدة، أهمها مكافحة الاٍرهاب، وقيادة المنطقة في المسائل المتعلقة بالحريات وحقوق الانسان.


غير أن هذا الدور التونسي الإقليمي والقاري يصطدم بمعوقات كبيرة، إذ يتعيّن على تونس معالجة وضعها الاقتصادي أولاً. وهو ما يتطلب إصلاحات عميقة تختلف مضامينها بحسب الهيئات الوطنية والدولية، بفعل فرض الصناديق الدولية نسقاً يزيد من صعوبة المهمة، رغم أن الحكومة أعلنت أن هذا العام سيشهد بداية تعافي الاقتصاد.

غير أن لتونس أولوياتها التي رتبتها بشكل واضح وبمعزل عن الجميع، أولها مقاومة الإرهاب، وقد نجحت في ذلك إلى حدّ كبير، والثانية مواصلة تركيز الهيئات الدستورية وتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي. ويبدو أن أولوية رئيس الحكومة الجديدة هي مقاومة الفساد وقطع دابر التهريب من جذوره، وهو ما سيكون له تداعيات سياسية واقتصادية على المدى القصير والمدى المتوسط. وهو ما لفت الأنظار في الداخل والخارج، ووصل صداه إلى صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، التي أشارت منذ أيام إلى أن الشاهد قد قلّص كثيرا في هامش حركة بارونات الفساد في تونس، واصفة حملته ضد الفساد والجريمة المنظمة بالمتصاعدة.

وأضافت "نيويورك تايمز" أن "الشاهد يواجه ضغوطا متزايدة من المؤسسات المالية الدولية لمعالجة مشكلة الفساد في بلاده، وهو يخوض حربه بكل شراسة غير تارك لزعماء الإجرام أي هامش للحركة ومضيّقاً عليهم الخناق".

وشدّدت الصحيفة على أنّ "حملة الشاهد وجدت كل الترحيب من التونسيين الذين يعانون من استشراء آفة أضرت بالاقتصاد، وتسببت في اتساع الفجوة بين الأثرياء والفقراء، مشيرة إلى أن "مجازفة الشاهد فاجأت الجميع بضراوتها، وذلك بالنظر إلى القوة التي يمثلها لوبي الفساد والتهريب، قوة تضاهي في خطرها الإرهاب".

ونقلت عن الشاهد قوله في حديث للصحيفة: "إنها حرب وليست معركة شخصية وستتواصل حتى النهاية، وهذا هام بالنسبة لاقتصاد تونس وأمنها". وأكدت الصحيفة أن "الشاهد يعتبر اليوم أن لحربه على الفساد بعداً أمنياً". ونقلت عنه قوله: "نحن على يقين بوجود علاقة بين التهريب وتمويل الإرهاب والنشاطات المشبوهة على الحدود وهروب رؤوس الأموال". قبل أن يضيف "نحن لا نستهدف اشخاصاً بل منظومة الفساد ككل، وهدفنا هو تفكيك كل شبكات عمل وتمويل هذه الآفة".

المساهمون