زنزانة مانديلا التاريخية سجينة الإهمال

19 ابريل 2014
زنزانة مانديلا (من موقعه الرسمي على الإنترنت)
+ الخط -


"نذرت نفسي للكفاح من أجل الشعب الإفريقي" هكذا خاطب مانديلا المحكمة العليا في بريتوريا أثناء محاكمته الشهيرة بين عامي 1963 و1964، مردفا "ناضلت ضد هيمنة البيض، وضد استعباد السود. أخلصت لفكرة الديمقراطية والمجتمع الحر الذي يعيش كل أفراده معا في انسجام وسلام وبفرص متساوية. هذه هي الفكرة التي أتمنى أن أعيش من أجل تحقيقها. ولكن لو دعت الحاجة، فإنني مستعد لأن أموت من أجلها".

الاحتفال بالذكرى الخمسين لخطاب مانديلا الشهير في المحكمة يجري الاستعداد له ليتم غدا في مزرعة ليليزليف بشمال مدينة جوهانسبرج، وربما يكون الاحتفال مناسبة لتذكر الزنزانة التاريخية التي عاش فيها المناضل الأفريقي الراحل سنوات طويلة من حياته وإنقاذها.

قاعة المحكمة التي ألقى مانديلا كلماته الخالدة فيها، ما تزال تشهد كلمات ومحاكمات تدور أحداثها تحت السقف المزين بالزجاج الملون والمصابيح نفسها، والجلسة المنحوتة من الخشب المخصصة للقاضي نفسها. وركن المحلفين ذو المقاعد الجلدية الذي يخلو منهم منذ أن تخلى النظام القضائي الجنوب إفريقي عنهم في 1969.

في هذه القاعة وقف مانديلا محملقا في وجه الموت. لم يرمش له جفن. لم يجفل وهو يواجه اتهاما بالخيانة العظمى يمكن أن يكون جزاؤه الإعدام. بل كان رد زعيم نضال جنوب إفريقيا ضد العنصرية، كلمات مزلزلة في خطاب اعتبر واحدا من أعظم خطب القرن العشرين.

أربع عشرة درجة تهبط إلى الأسفل، إلى ممر إسمنتي يقود إلى الزنازين التي كان مانديلا ورفاقه محتجزين فيها.

الزنزانة الرئيسة عبارة عن غرفة بطول خمسة أمتار في عرض سبعة أمتار، بجدران مغطاة بالجرافيتي الذي رسمته أجيال من المساجين السياسيين، لكنها الآن تعاني الإهمال، تشقق الطلاء وبدأ يتقشر لتسقط معه ذكريات حفرت مكانتها كجزء من التاريخ الإنساني، ما يعني ضياع كنز تاريخي له مغزاه من ذاكرة العالم.

ويقود المحامي جورج بيزوس، الذي كان جزءا من فريق الدفاع عن مانديلا حملة لإنقاذ الزنزانة التاريخية. يقول بيزوس لصحيفة "الجارديان" البريطانية "إنها جزء من حدث تاريخي مهم. جزء من حضارتنا، ولا بد من الحفاظ عليها".

ويطالب بيزوس بأن يتم إدراج الزنزانة كجزء من التراث الإنساني القومي. "هنا كنا نتشاور مع نيلسون مانديلا ووالتر سيسلو وجوفان ميبيكي ونيس بروتس وغيرهم. وآمل أن يدرك المسؤولون أهمية هذا المكان" على حد قوله.

الجرافيتي على جدران الزنزانة يتضمن دستور الحرية المنشود، وهو عبارة عن مجموعة من المبادئ من بينها "جنوب إفريقيا ملك لكل من يعيشون على أرضها"، إلى جانب عبارات مثل "مانديلا: الطريق إلى الحرية ليس نزهة"، و"حلمي أن أكون حرا".

توقف استخدام الزنزانة، وسقطت في بئر الإهمال منذ أوائل التسعينيات من القرن الماضي، ومنذ ذلك الحين، يقدر مدير خدمات المحكمة كريس لابوشانجي، عدد زوار الزنزانة التاريخية لا يزيد على 60 شخصا، بينما يتمنى حارس الزنزانة التي تقع في مبنى قصر العدالة التاريخي الذي يرجع للقرن التاسع عشر أن تتحول متحفا.

دلالات
المساهمون