استمع إلى الملخص
- تراجعت المساعدات الإنسانية بشكل ملحوظ، مما دفع النازحين لاستخدام مواد ضارة مثل البلاستيك للتدفئة، وهو ما يسبب مشاكل صحية خطيرة، ويطالب النازحون بتوفير احتياجات الشتاء الأساسية.
- مع اقتراب الشتاء وارتفاع أسعار مواد التدفئة، تزداد المخاوف من تأثير البرد على حياة النازحين، ويطالبون بضرورة توفير الدعم اللازم لتخفيف معاناتهم.
تستعد معظم العائلات التي تسكن في مخيمات شمال غربي سورية لفصل الشتاء بالإمكانات التي تتوفر لديها بعدما بات الدعم الإنساني غير كافٍ، وتراجعت المبادرات الخاصة بتوفير مواد التدفئة مقارنة بالسنوات الماضية
تتصاعد مخاوف النازحين في مخيمات شمال غرب سورية مع قرب حلول فصل الشتاء، وتتجدد معاناتهم مع انخفاض درجات الحرارة. يقيم النازح حسان الجدعان في مخيمات البردقلي بالريف الشمالي لمحافظة إدلب، وهو يجد مثل غيره من النازحين صعوبات في فصل الشتاء تحتم استخدامه وسائل عدة للتدفئة، وأحدثها الكرتون المضغوط الذي جهّزه في فصل الصيف استعداداً للاعتماد عليه في فصل الشتاء، باعتباره لا يستطيع تحمّل تكاليف شراء الحطب والمواد الأخرى، والتي تفوق قدرته المادية. يقول لـ"العربي الجديد": "أعيش مثل باقي النازحين في المخيمات في قلق من قدوم فصل الشتاء، ما دفعني إلى جمع الكرتون من مكبات النفايات وأماكن أخرى خلال فصل الصيف. وبعد جمعه كنت أبلله بالماء وأضغطه في قالب من الحديد، ثم أتركه كي يجف في الشمس. وقد جمعت كمية كرتون لا بأس، لكن يستحيل أن تكفيني طوال الشتاء". ويشير إلى حاجة النازحين في المخيمات إلى وسائل تدفئة ومواد عازلة للخيام، لأن وسائل التدفئة المتاحة حالياً غير كافية لحمايتهم مع أطفالهم من البرد الشديد. وعموماً يعاني سكان شمال غربي سورية من صعوبات في توفير مواد التدفئة وملابس الشتاء والأغطية، أما النازحون الذين يعيشون في خيام فيعيشون معاناة من نوع مختلف. وهم يحتاجون أيضاً إلى استبدال خيامهم لمنع دخول الأمطار إليها، وتوفير مستلزمات أخرى كثيرة تتطلب تدخلاً فعّالاً من المنظمات الإنسانية لرفع مستوى الاستجابة الإنسانية المنخفض جداً.
تقول النازحة غزالة الشايب التي تقيم في مخيمات قاح بريف إدلب الشمالي، لـ"العربي الجديد": "أعتمد على شراء البيرين (هي مخلفات الزيتون بعد عصره، يتم تجفيفها وكبسها في قوالب لتصبح كالحطب) كل عام لأنه أرخص المواد المتوفرة مقارنة بأسعار المواد الأخرى مثل الحطب والمازوت والفحم وغيرها. أيضاً أحتفظ ببقايا الكرتون وأكياس النايلون والبلاستيك والأخشاب، وكل ما يمكن أن يساعد على مرور شتاء أقل خطورة علي وعلى أبنائي الستة الذين يقيمون في خيمة بالية".
ودفعت وسائل التدفئة المحدودة النازحين في مخيمات الشمال السوري إلى اعتماد خيارات غير تقليدية على مدار الأعوام الماضية في ظل تراجع الدعم الإنساني وانخفاض معدلات الاستجابة، وتراجع المساعدات المتعلقة بفصل الشتاء بشكل كبير. وهم اعتمدوا على المواد البلاستيكية القابلة للاشتعال من أجل التدفئة، لكن حرقها يبعث الكثير من الروائح الكريهة والضارّة، ما يتسبب في أمراض تنفسية. وهم يدعون منظمات المجتمع المدني إلى توفير بعض احتياجات الشتاء للفقراء والنازحين الذين لا يجدون حتى قوت يومهم.
وفي تجمّع مخيمات دير حسان يترقب نازحون الحصول على مساعدات خاصة بالتدفئة هذا العام، بحسب ما توضح المهجرة من ريف حمص الشمالي لمياء العلي، وهي أم لخمسة أطفال، والتي تقول لـ"العربي الجديد": "استخدمنا المازوت المكرر في التدفئة قبل نحو ثلاثة أعوام، فاشتعلت المدفأة ولم نستخدمها أبداً، ثم استعملنا الحطب لكن سعره مرتفع، لذا لجأنا إلى مدفأة قشر الفستق الحلبي الأكثر أماناً من غيرها". تضيف: "سمعنا شائعات عن أن إحدى المنظمات قد توزع هذا العام مبلغاً مالياً لمساعدتنا على شراء مواد التدفئة. كل عائلة لديها وسيلة تدفئة مختلفة في المخيم المبني من طوب وبأسقف إسمنت. وإذا جرى توزيع مبلغ مالي سيكون ذلك أفضل لنا من تقديم الفحم الحجري أو الحطب".
ويروي محمد أبو شام، مدير مخيم لمسة رحمة بمنطقة دير حسان شمالي إدلب، لـ"العربي الجديد" أنه "مع قدوم فصل الشتاء وتدني درجات الحرارة نعاني من صعوبات في تأمين مواد التدفئة ذات السعر المرتفع. وما يزيد الصعوبات توقف المساعدات الخاصة بهذا الأمر، ومشاريع التدفئة لهذا العام بسبب تقليص حجم المساعدات من قبل الأمم المتحدة نحو 30% في الشمال السوري". يتابع أبو شام: "لا تقي الخيام من برودة الشتاء، وتحتاج تدفئتها إلى كمية كبيرة من المواد. وفي الوقت الحالي لا توجد مؤشرات لتقديم مواد التدفئة لأهلنا في المخيمات، ويؤثر ذلك سلباً على حياة أبنائها خصوصاً أن معظم الأهالي سيستخدمون مواد غير صحية مثل البلاستيك للتدفئة، هذا إذا وُجدت. نناشد كافة المنظمات المعنية والمنظمات الدولية الإنسانية أخذ احتياجات سكان المخيمات الخاصة بالشتاء في الاعتبار، لكونها مهمة للغاية، ويضع عدم توفرها العائلات أمام أزمات حقيقية مع انخفاض درجات الحرارة والبرد". ويذكر أنه "مع اقتراب فصل الشتاء يشعر النازحون أنه سيكون قاسياً في حين أن مواد التدفئة مرتفعة الثمن من حطب وقشر ومواد تدفئة، وهناك أيضاً غلاء في المدافئ. لم تصل مساعدات لنازحي مخيمات لمسة رحمة بدير حسان العام الماضي، ونرجو أن توفر المنظمات مواد التدفئة كي تخفف ما تستطيع من معاناة فصل الشتاء".
ووفق "فريق منسقو استجابة سورية" تشهد مناطق شمال غربي سورية زيادة كبيرة في الاحتياجات الإنسانية للمدنيين في المنطقة بالتزامن مع اقتراب فصل الشتاء، وقد ارتفع عدد من يحتاجون إلى مساعدات إنسانية إلى أكثر من 4.4 ملايين يقطن 80% منهم في المخيمات". وطالب الفريق، في بيان أصدره في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، المنظمات والهيئات الإنسانية الفاعلة في المنطقة بتأمين احتياجات الشتاء لنازحي المخيمات وعوازل لمياه الأمطار للخيام. وأشار إلى ان نحو 2 مليون شخص يقيمون في أكثر من 1900 مخيم".