"نقاط الجوع الساخنة".. قلق أممي من المجاعة في 5 مناطق أبرزها غزة والسودان

01 نوفمبر 2024
أطفال في مدينة غزة ينتظرون دورهم في الحصول على مساعدات غذائية، 31 أكتوبر 2024 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- حذر كبير الاقتصاديين في برنامج الغذاء العالمي من تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة، حيث قد يتضاعف عدد الفلسطينيين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الكارثي ثلاث مرات خلال الأشهر الستة القادمة.
- أشار تقرير مشترك إلى أن 16 دولة تواجه خطر المجاعة، مع تصنيف خمس مناطق كالأكثر إثارة للقلق، مؤكداً على ضرورة التدخل الفوري وزيادة التمويل لتجنب المجاعة.
- تحدث راين بولسن عن تأثير الأزمات المناخية والاقتصادية، مشدداً على أهمية التدخل الفوري لإنقاذ الأرواح في السودان وهايتي.

حذر كبير الاقتصاديين في برنامج الغذاء العالمي عارف حسين، في تصريح لـ"العربي الجديد"، في نيويورك، من تدهور إضافي للأوضاع الإنسانية وخطر المجاعة ومستويات انعدام الأمن الغذائي الكارثية في غزة. وجاء تصريحه هذا خلال مؤتمر صحافي عقده مع مدير مكتب الطوارئ في منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، راين بولسين، الخميس، في مقر الأمم المتحدة الرئيسية في نيويورك بمناسبة صدور تقرير مشترك عن الجهتين حول المناطق الساخنة للجوع والإنذارات المبكرة للبرنامجين بشأن الانعدام الحاد في الأمن الغذائي. وسلط التقرير الضوء على 16 بؤرة جوع حول العالم والتي تستوجب التحرك بشكل عاجل، ويغطي التقرير فترة الأشهر الستة القادمة.

وأشار حسين إلى عدد من الإحصائيات الواردة في التقرير، حيث توقع التقرير "أن يتضاعف عدد الفلسطينيين في قطاع غزة الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الكارثي (المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل) ثلاث مرات خلال الأشهر الستة القادمة مع استمرار خطر المجاعة طالما استمر الصراع وبقيت القيود المفروضة على وصول المساعدات والعاملين في المجال الإنساني". ويرجح التقرير أن يعاني حوالي 1.9 مليون فلسطيني، أي 91% من الفلسطينيين في قطاع غزة، من أزمة أو مستويات أسوأ من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي المتكامل أو أعلى)، ويشمل ذلك 876 ألف شخص، أي 41% من السكان، في حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة، أي مرحلة واحدة قبل المجاعة)، وحوالي 345 ألف شخص، أي 16% من السكان، من المرجح أن يواجهوا انعدام الأمن الغذائي الكارثي (المرحلة الخامسة والتي تعتبر المرحلة الكارثية ومرحلة المجاعة) خلال الأشهر الستة القادمة، إن لم يطرأ تغيير على الأوضاع. ولاحظ حسين أن الأوضاع لم تشهد تحسناً أو تراجعاً لمستويات انعدام الأمن الغذائي خلال العام الأخير، كما حذر من خطر مستمر لشبح المجاعة في قطاع غزة بأكمله.

وتحدث حسين عن عوامل إضافية لتفاقم الأوضاع بما فيها إجبار قرابة 90% من الفلسطينيين في قطاع غزة على النزوح داخلياً، والكثير منهم لأكثر من مرة. وردا على سؤال إضافي حول ما إذا كانت الأمم المتحدة قد تمكنت من رصد وفيات في غزة بسبب انعدام الأمن الغذائي والتجويع، قال "من الصعب رصد ذلك حالياً (بسبب الظروف على الأرض)، ولكن ما يمكننا قوله إننا نشهد دماراً كلياً عندما يتعلق الأمر بذلك. أعني، بالنظر إلى أرقام برنامج الأغذية العالمي، تمكنّا الشهر الماضي من إدخال 20% فقط من الاحتياجات، إذا دخل خمس الاحتياجات فقط، في الوقت الذي ندرك فيه أن قدرة هذه المجتمعات على التكيف قد نفدت تماماً، فإن هذا يعني أننا في محنة كبيرة هناك".

ويشير التقرير أيضاً إلى أنه تم تدمير قرابة 68 من المناطق الزراعية، وهو ما يشل قدرة غزة على الإنتاج المحلي الغذائي ويزيد تفاقم الأزمة والحاجة إلى المساعدات من الخارج ودخولها. وردا على سؤال آخر حول مستويات انعدام الأمن الغذائي في الضفة الغربية المحتلة وما إذا كانت هجمات المستوطنين على المزارعين الفلسطينيين ومحاصيلهم وغيرها من الإجراءات الإسرائيلية تفاقم مستويات انعدام الأمن الغذائي، قال "نلاحظ أن مستويات انعدام الأمن الغذائي في الضفة تقريباً تضاعفت منذ بدء الحرب. فقد كان هناك حوالي 350 ألف فلسطيني يعانون من انعدام الأمن الغذائي قبل الحرب والآن يتجاوز هذا العدد 600 ألف شخص".

ويشير التقرير لثلاثة عوامل رئيسية أدت إلى تفاقم الأوضاع ودفع الملايين حول العالم إلى حافة الهاوية، وهي الحروب والنزاعات، والمناخ، والأزمات الاقتصادية. ويتوقع أن تشهد 22 دولة أو إقليماً تدهوراً كبيراً في مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد في الأشهر المقبلة والتي تم تصنيفها "نقاطاً ساخنة للجوع"، وعلى رأس القائمة فلسطين، وتحديداً غزة والسودان. ويؤكد التقرير على ضرورة التدخل الفوري، بما في ذلك السماح بالوصول إلى المحتاجين للمساعدات في مناطق الصراعات خصوصاً، وزيادة التمويل، وإلا فإن مئات الآلاف حول العالم سيواجهون المجاعة خلال الأشهر المقبلة، بحسب التقرير.

16 دولة و22 منطقة تهددها المجاعة

وأوضح راين بولسن (الفاو)، خلال المؤتمر الصحافي، أنه "من المتوقع أن يواجه ملايين الأشخاص في مناطق الجوع هذه تدهوراً كبيراً في أمنهم الغذائي على مدى الأشهر الستة المقبلة، ما لم يتم تقديم المساعدة الفورية، وعندما نقارن الوضع بما كان عليه قبل عام، فإن انتشار الصراع، وخاصة في الشرق الأوسط، إلى جانب الضغوط المناخية والاقتصادية، يدفع الملايين إلى حافة الهاوية، ويسلط تقرير مناطق الجوع هذه الضوء على التداعيات الإقليمية للأزمة في غزة، والآن نشهد تأثيرها على لبنان".

وأضاف بولسن أنه تم تحديد 16 دولة ومنطقة من بين الـ22 بؤر جوع، وأشار إلى "تصنيف خمس مناطق باعتبارها الأكثر إثارة للقلق. وهي السودان وفلسطين وجنوب السودان وهايتي ومالي. وهذا يعني أنها تعاني من المجاعة أو خطر المجاعة وتشهد وفيات بسبب الجوع، ويشكل هذا الواقع تهديداً كبيراً"، وأشار أيضاً إلى عدد من الدول الأخرى التي تثير قلقا بالغا حول مستويات انعدام الأمن الغذائي، وهي تشاد ولبنان وميانمار وموزمبيق ونيجيريا وسورية واليمن. وأضاف في هذه الفئة "يواجه عدد كبير من الناس انعدام الأمن الغذائي الحاد والحرج، وحيث نرى أيضاً عوامل من المتوقع أن تؤدي إلى تفاقم الظروف المهددة للحياة في الأشهر المقبلة".

وشدد بولسن على أن العنف المسلح والصراع هما السبب الرئيسي لانعدام الأمن الغذائي الحاد في العديد من مناطق الجوع الساخنة، حيث أدى النزوح الواسع النطاق وتعطل أنظمة الغذاء إلى الحد من الوصول الإنساني، ومن المرجح أن يؤدي كل ذلك إلى تفاقم أزمة الغذاء والحصول عليه، وشدد في الوقت ذاته على أن أزمة المناخ والاقتصاد كثيراً ما تكون أيضاً عوامل إضافية لتفاقم الأوضاع وفي بعض المناطق المسببات الأساسية، مشدداً على أن التدخل الآن سيساعد في إنقاذ الأرواح.

وحول السودان، قال بولسن: "إن الوقت ينفد لإنقاذ الأرواح ... يواجه الكثيرون انهياراً كاملاً لسبل عيشهم ومجاعة في المناطق التي يضربها الصراع بقوة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك دارفور والجزيرة والخرطوم وكردفان"، وعبر عن أسفه لإمكانية توسع الصراع أكثر في السودان خلال الأشهر الستة القادمة، وتحدث عن مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي في مخيم زمزم بدارفور للنازحين داخلياً، والذي يعيش فيه مئات الآلاف من الأشخاص. ورجح بولسن أن تستمر ظروف المجاعة في زمزم إن ما لم يتغير شيء. وهناك أكثر من 21 مليون سوداني يعانون من مستويات مختلفة من انعدام الأمن الغذائي.

وأشار بولسن أيضاً إلى هايتي وإلى أن الخطر الذي حذرت منه الأمم المتحدة سابقاً "أصبح الآن حقيقة مأساوية، وأن العمل الفوري أمر ضروري لإنقاذ الأرواح ومنع المجاعة، ومساعدة السكان الضعفاء على استعادة سبل عيشهم وسط أعمال عنف ونزوح غير مسبوقة. لدينا هذه الجيوب من الوضع الكارثي"، وأشار إلى أن تبعات انعدام الأمن الغذائي تنعكس على الدول والمناطق المجاورة، حيث تشهد الكثير منها على سبيل المثال موجات نزوح، وهو ما ينعكس على أوضاعها أيضاً.

المساهمون