10 نوفمبر 2024
روسيا.. لإزالة سورية من الخارطة
تصاعدت الجلبة الروسية قولاً وفعلاً، وأصبح الوجود العسكري على الأرض السورية حقيقة فاقعة وواضحة، تستطيع رصدها أسوأ أقمار التجسس الصناعية أداءً، وبُدِئ بالعمل على إنشاء قاعدة جوية في المناطق "الحصينة"، حيث حضن النظام الدافئ، لتنضم إلى زميلتها القاعدة البحرية في طرطوس. ترافق هذا النشاط العسكري مع حملة دبلوماسية، شملت اتصالات روسية مع أميركا وأوروبا وبعض دول الإقليم ذات الصلة، وكان أبرز ما نتج عنها تصريح ملفت و"مميز" لوزير الخارجية الأميركي، يقول فيه إن الأسد يجب أن يرحل، ولكن ليس على الفور. الاستدراك الذي يخص رحيل الأسد ضمن تصريح وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، يعكس بجلاء تغيراً في المزاج الأميركي قد يكون فاتحة تفاهم مع روسيا، يقبل بوجودها العسكري على الأرض، ويبدي تساهلاً مؤقتاً مع النظام، تحت العنوان العريض الذي يسوقه الروس، بهمة غير مسبوقة، وهو مكافحة الإرهاب، وخصوصاً تنظيم الدولة الإسلامية.
دخول الوجود الروسي على خط الحرب السورية ليس عاملاً جديداً، وقد لعب، إلى حد بعيد، دوراً مهماً في تصعيد الموقف العسكري، وأعاد "شحن" النظام مرات عديدة، ليبقيه موجوداً، لكنه الآن تضخَّم، بشكل نوعي، حتى أصبح الروس شريكاً مباشراً يقدم دعماً نارياً، وربما إسناداً جوياً، قد يساهم في حسم بعض المعارك المهمة، وليس مؤكداً مدى مشاركته البرية الفعلية في المعارك، فالاقتحام البري الواسع ذو محاذير ما زالت ماثلة في الذهن الروسي، وفي ذاكرته القريبة المثقلة بهواجس أفغانستان وخروجه المر منها، بالإضافة إلى مشكلاته الداخلية التي قد تجعل مشاركته البرية ذات حجم محدود، لا يمكن له أن يتعداه، إلا أن العقلية الروسية تبنت، وبشكل نهائي، دعماً للنظام يضمن بقاءه ضمن المدى الجغرافي الذي يسيطر عليه حالياً، أو أصغر بقليل، ولكن وجوداً من هذا النوع يخلق متغيراً جديداً، يفرض إعادة النظر بجملة من العوامل الفاعلة الحالية.
ما زالت الخطط الأميركية سارية المفعول بشأن تجنيد سوريين ينتمون إلى معارضة معتدلة، وتدريبهم عسكرياً لمواجهة تنظيم الدولة بشكل أساسي، وقد عبرت الدفعة الأولى منهم الأراضي السورية بالفعل. قد تكون هذه القوات المختارة بعناية أميركية ضمن المدى المجدي للأسلحة الروسية المرابطة في المنطقة. تستلزم هذه الوضعية ما هو أكبر من مجرد التنسيق، لإنشاء ما يشبه غرفة عمليات مشتركة، إذا أضفنا إلى ذلك الهجمات الجوية لطيران التحالف على مواقع تنظيم الدولة، والتي لم تحرز، إلى الآن، تقدماً يُذكر، بل وتعاني من تردد ينبئ عنه ضعف تواتر الهجوم وتمدد التنظيم إلى مناطق جديدة، فإن ضمان عدم وقوع الأخطاء، وهي حتمية في الحالة الروسية، توجب التنسيق الإجباري بين طيران التحالف والقوات الروسية على الأرض.
الوضعية العسكرية التي ولدتها الرغبة الروسية بالإبقاء على ما تبقى من النظام قد تجبر الولايات المتحدة، وبعض دول المنطقة، على تبني تفاهم عسكري عام يوزع الحصص، وقد يجد جيش النظام نفسه مشتركاً فيه برعاية روسية، ما يعني تعويم جانب مهم من الكيان السياسي الذي نادت معظم دول العالم بإسقاطه ومحاسبته، ليصحو، بعد أربع سنوات ونصف، ويجد نفسه شريكاً كاملاً في عملية عسكرية، تستهدف تصفية أعدائه.
من المفترض ألا ينساق الغرب، وبعض دول الإقليم، بسهولة إلى مثل هذا السيناريو الذي يرنو إلى إعادة الأشياء إلى وضعٍ سابق لفظَهُ السوريون، لكن اللهجة الشديدة التي تميّز الموقف الروسي، مضافاً إليها الانسياق الأميركي والانشغال العربي بمناطق أخرى، قد يجبر كل هذه القوى على الاستسلام لأسهل الحلول، عندها سيضطر التاريخ لتكرار نفسه، بسبب وجود الشروط الابتدائية نفسها، فالظرف هنا سيصبح مُهَيَّـأً لمواجهة روسية مع جهات داخلية متعددة، ما يعني زيادة جبهة التطرف، وزيادة قوة جذب الجهاديين، ليتحول الصراع من ثورة وإرادة تحرر إلى مجرد حرب ضد تطرفٍ ستؤدي إلى إزالة سورية التي نعرفها من الخارطة العالمية بمباركة أممية.
دخول الوجود الروسي على خط الحرب السورية ليس عاملاً جديداً، وقد لعب، إلى حد بعيد، دوراً مهماً في تصعيد الموقف العسكري، وأعاد "شحن" النظام مرات عديدة، ليبقيه موجوداً، لكنه الآن تضخَّم، بشكل نوعي، حتى أصبح الروس شريكاً مباشراً يقدم دعماً نارياً، وربما إسناداً جوياً، قد يساهم في حسم بعض المعارك المهمة، وليس مؤكداً مدى مشاركته البرية الفعلية في المعارك، فالاقتحام البري الواسع ذو محاذير ما زالت ماثلة في الذهن الروسي، وفي ذاكرته القريبة المثقلة بهواجس أفغانستان وخروجه المر منها، بالإضافة إلى مشكلاته الداخلية التي قد تجعل مشاركته البرية ذات حجم محدود، لا يمكن له أن يتعداه، إلا أن العقلية الروسية تبنت، وبشكل نهائي، دعماً للنظام يضمن بقاءه ضمن المدى الجغرافي الذي يسيطر عليه حالياً، أو أصغر بقليل، ولكن وجوداً من هذا النوع يخلق متغيراً جديداً، يفرض إعادة النظر بجملة من العوامل الفاعلة الحالية.
ما زالت الخطط الأميركية سارية المفعول بشأن تجنيد سوريين ينتمون إلى معارضة معتدلة، وتدريبهم عسكرياً لمواجهة تنظيم الدولة بشكل أساسي، وقد عبرت الدفعة الأولى منهم الأراضي السورية بالفعل. قد تكون هذه القوات المختارة بعناية أميركية ضمن المدى المجدي للأسلحة الروسية المرابطة في المنطقة. تستلزم هذه الوضعية ما هو أكبر من مجرد التنسيق، لإنشاء ما يشبه غرفة عمليات مشتركة، إذا أضفنا إلى ذلك الهجمات الجوية لطيران التحالف على مواقع تنظيم الدولة، والتي لم تحرز، إلى الآن، تقدماً يُذكر، بل وتعاني من تردد ينبئ عنه ضعف تواتر الهجوم وتمدد التنظيم إلى مناطق جديدة، فإن ضمان عدم وقوع الأخطاء، وهي حتمية في الحالة الروسية، توجب التنسيق الإجباري بين طيران التحالف والقوات الروسية على الأرض.
الوضعية العسكرية التي ولدتها الرغبة الروسية بالإبقاء على ما تبقى من النظام قد تجبر الولايات المتحدة، وبعض دول المنطقة، على تبني تفاهم عسكري عام يوزع الحصص، وقد يجد جيش النظام نفسه مشتركاً فيه برعاية روسية، ما يعني تعويم جانب مهم من الكيان السياسي الذي نادت معظم دول العالم بإسقاطه ومحاسبته، ليصحو، بعد أربع سنوات ونصف، ويجد نفسه شريكاً كاملاً في عملية عسكرية، تستهدف تصفية أعدائه.
من المفترض ألا ينساق الغرب، وبعض دول الإقليم، بسهولة إلى مثل هذا السيناريو الذي يرنو إلى إعادة الأشياء إلى وضعٍ سابق لفظَهُ السوريون، لكن اللهجة الشديدة التي تميّز الموقف الروسي، مضافاً إليها الانسياق الأميركي والانشغال العربي بمناطق أخرى، قد يجبر كل هذه القوى على الاستسلام لأسهل الحلول، عندها سيضطر التاريخ لتكرار نفسه، بسبب وجود الشروط الابتدائية نفسها، فالظرف هنا سيصبح مُهَيَّـأً لمواجهة روسية مع جهات داخلية متعددة، ما يعني زيادة جبهة التطرف، وزيادة قوة جذب الجهاديين، ليتحول الصراع من ثورة وإرادة تحرر إلى مجرد حرب ضد تطرفٍ ستؤدي إلى إزالة سورية التي نعرفها من الخارطة العالمية بمباركة أممية.