تقف هذه الزاوية، مع مصمم غرافيك في أسئلة سريعة حول خصوصيات صنعته ومساهماته في الثقافة البصرية العامة للإنسان العربي.
■ كيف بدأت حكايتك مع التصميم الغرافيكي أو كيف أصبحت مصمّماً؟
- بدأتُ عملي مصمّم أزياء بعد تخرُّجي من الجامعة عام 1991؛ إذ قمتُ بتصميم العديد من "الموديلات". وفي نهاية 1992، انضممتُ إلى شركة عالمية للإعلان، متخصّصة في سباقات السيارات والأحداث الرياضية وإعلانات الطرق، وما زلت أعمل فيها حتّى الآن عضواً في مجلس الإدارة.
■ هل تعتقد أن هناك لغة أو هوية تصميمية عربية خاصة، تعكس ثقافات وهوية المجتمعات العربية اليوم؟
- بالتأكيد، هناك هوية تصميمية عربية وفقاً لنشأتنا بين مجموعة من الثقافات والفنون الفرعونية والقبطية والإسلامية، إضافةً إلى الثقافات اليونانية والرومانية. ولا بد، في مجال التصميم والفنون، أن تنتمي أعمالنا لهويتنا العربية لإقناع المتلقّي، وإلّا لن تصل الرسالة المراد تقديمها له.
■ هل يمكن تشبيه التصميم بالعمارة، بمعنى أننا نسكن اليوم في فضاء يصنعه المصمّمون؟
- نعم، فنحن نعيش الآن داخل موسوعة من التصميمات التي نشاهدها في جميع الأماكن التي حولنا... داخل شاشات الكمبيوتر والهواتف والأجهزة اللوحية، وفي الشوارع وأماكن التسوُّق. جذب حاسة البصر هو ما يعمل المبدعون على إنتاجه.
■ كيف تنظر إلى التصميم الغرافيكي، وهل تعتبره فنّاً أم صنعة، ولماذا؟
- في المجال التصميمي، لا بدّ أن تجتمع الصفتان معاً، ولا يمكن فصل أيٍّ منهما عن الآخر؛ فإذا كانت هناك صنعة من دون فن، فلن تُحقّق الهدف منها؛ مثل مخاطبة الحاسة البصرية وشد الانتباه، بل يمكن أن تكون نتيجتها عكسية. وكذلك الأمر إذا كانت هناك فكرة فنية إبداعية وجرى تنفيذها بصنعة وأسلوب غير راق، فلن تحقّق الهدف منها ولن يلتفت أحد إليها، لأن الأداء والتنفيذ السيئ سيكون أمراً منفّراً.
■ ما هي أبرز التحدّيات التي تُواجه عملك كمصمّم؟
- أوّلاً، الفكرة الجديدة؛ فالتصميم هو عالم البحث عن الجديد دائماً. وثانياً، تدخُّل العميل باقتراحات تضرّه وتضر التصميم، فهو ينظر من وجهة نظر تسويقية فقط، ولكن المصمّم يبحث عن الجمال أوّلاً.
■ المسؤولية الاجتماعية للمصمّم، كيف تراها؟
- تقع على المصمّم مسؤولية اجتماعية بالتأكيد؛ فهو يتحكّم في أسلوب طرح ما يناسب الثقافة المتحضّرة، وليست الفجّة، مثله في ذلك مثل صانع الأفلام والأغاني، فهذه الأعمال تعكس مستوى المجتمع الثقافي. المصمّم المحترف هو الذي يجسّد أفكاراً مبدعة تُحقّق الهدف دون جرح مشاعر أو حياء الآخرين.
■ كيف تُعلّق على غياب ظاهرة المصمّم الملتزم بقضايا مجتمعه واكتساح ظاهرة المصمّم التجاري أو ذلك الساعي إلى العمل لصالح الشركات والمؤسّسات والفنية الكبرى؟
- لا أُنكر وجود هذا النوع من المصمّمين. ولكنه، سيخجل يوماً من وضع هذه الأعمال في سيرته الذاتية، وكثيراً ما تأتي مثل هذه الأعمال بنتائج عكسية. التصميم فن إبداع الفكرة بالشكل الراقي.
■ ماذا أبقت برامج التصميم الإلكترونية للعمل اليدوي، مقارنةً بالسبعينيات والثمانينيات مثلاً؟
- التكنولوجيا وحدها لا تصنع فنّاً. ومن احترف العمل اليدوي وواكب الثورة التكنولوجية، فهو مثقّف مبدع يواكب الزمن وسيُبدع باستخدام التقنية. أمّا مَن رفض وعارَض العلم فهو يُعتبر أمّياً. التكنولوجيا تُناسب سرعة الزمن. فمثلاً، إعلان العميل كان يجري تغييره مرّةً كلّ سنة، وهذا لا يحدث الآن، فقد أصبحت الحملات الإعلانية تستمرّ لأيام معدودة، وعلى الأقصى شهر واحد، ثمّ يطلب العميل تصميمات لحملة جديدة. يجب أن نواكب سرعة عجلة الزمن، وإلّا ستدهسنا.
■ كيف تقيّم تعليم التصميم الغرافيكي في الجامعات العربية؟ نلحظ غياب معاهد خاصة بالتصميم وحتى نقص في كليات التصميم، ما السبب في رأيك؟
- هذا واقع كثيراً ما وقفتُ عليه. الحقيقة أن من يحترف التصميم والغرافيك لن ينخرط في تعليم الآخرين لأنه يعمل وليس لديه وقت كاف. وهناك من فشِل في المجال العملي ولم يجد له مكاناً في السوق الغرافيكي السريع، فتجده عاد إلى الكتاب وأعد ماجستير ودكتوراه في مواضيع عفا عليها الزمن، فلا يجد شيئاً يعلّمه للطلّاب.
■ ما هو آخر تصميم قمت به؟
- سأستبدل هذا السؤال بآخر حول آخر معارضي الفنّية، وهو معرض بعنوان "الشريان" أقمتُه في "دار الأوبرا المصرية" بالقاهرة.
■ هل هناك تصاميم قمتَ بها وتندم عليها؟
- في الحقيقة لا. وكلُّ ما أنجزته منذ بدايتي موجودٌ على موقعي الإلكتروني الشخصي.
■ يُوصَف المصمّمون بأنهم أصحاب شخصيات "صعبة" و"زئبقية" أي يصعب التعامل معها.. هل توافق على هذا، وما هو تفسيرك، وما هي نصيحتك أخيراً لمن يتعامل مع مصمّم؟
- قد يكون ذلك صحيحاً أحياناً؛ فالإبداع في عالم الخيال قد يؤثّر على الفنّان. بالنسبة إليَّ، أعتبر نفسي فنّاناً رصيناً، إذ أقوم بإدارة مجموعات كثيرة من البشر، لكن لي أوقات خاصة بي أتفرّغ فيها للإبداع، ولا أتركها تؤثّر على من يتعاملون معي.
برأيي، للتعامل مع المصمّم المحترف، أعطه كلمات وهدفاً واترك له الفكرة الفنّية والتنفيذ، ولا تُعدّل على عمله إذا لم تكن تستطيع الرسم أو لم تدرس أعمال رامبرانت وبيكاسو وسلفادور دالي.
بطاقة
وُلد أيمن لطفي في القاهرة سنة 1968. بعد تخرُّجه من كلّية الآداب في 1991، بدأ العمل في تصميم الأزياء، قبل أن يلتحق بمؤسّسة عالميةٍ للإعلانات، ويصبح مديراً فنّياً عام 1996. بدأ ممارسة التصوير سنة 1998؛ حيث تجمع أعماله بين التصوير الفوتوغرافي والفنون التشكيلية، ضمن ما يمكن تسميته الفن المفاهيمي. شارك في العديد من المعارض الدولية في إيطاليا وإسبانيا والنمسا والبرتغال والولايات المتّحدة ونيبال والصين.