رذيلة يوسا

13 مارس 2020
(يوسا في مدريد 2015، تصوير: غونزالو آرويو مورينو)
+ الخط -

يواظب الروائي البيروفي، ماريو بارغاس يوسّا، على كتابة مقال، مرة كل أسبوعين، في جريدة إلباييس. وكالعادة، تترجم الجريدة مقاله، على موقعها، لعدة لغات. هو يفعل ذلك بانتظام، منذ ثلاثين عاماً.

أحياناً أتابعه، حين تفرغ سمائي من البروق، وأشعر بالملل. ذلك أن معظم مقالاته، ذات الطابع السياسي المثرثر، لا تعجبني.

ولقد سألت غير صديق وصديقة من الإسبان واللاتينيين، عن أثر تلك المقالات عليهم، فأشاحوا بلا مبالاة.

من آخر ما كتب يوسا، مقال عن حال "إسرائيل" تحت حكم نتنياهو. وقد عبّر، في فقرات منه، عن اتهامه للمجرم بأنه "هو الخطر الحقيقي على بلده وليس الفلسطينيين"، لكنه دس فقرة من المقال، يعرب فيها عن افتتانه بـ "هذا البلد المحبوب والمحترم".

يقول: "بالنسبة لملايين الرجال والنساء الذين يشعرون، مثلي، بأنهم مرتبطون بشعب قام بإنشاء المدن الحديثة والمزارع النموذجية، حيث كانت هناك فقط الصحارى، فإن .."!

واضح أن هذا "الليبرالي"، حتى دون حاجة لإكمال الجملة، يلوي عنق الحقيقة التاريخية، كما تشاء له مصالحه وفراغات وعيه الاستشراقي، فقط لا غير. واضح أنه لا يتمتع بحد أدنى من الإحساس بالعدالة. واضح أن قريحته لا تعمل، فكيف للحقيقة أن تقترب من خدين السياسيين والرؤساء في غير دولة وكيان؟

وواضح، أخيراً، أن حامل نوبل الأدب يهتم، في عموم مقالاته، بالخيال، لا بالمعرفة. وهذا قد يكون فضيلة في كتابة الرواية، لكنه رذيلة كبرى في المقال.


* شاعر فلسطيني مقيم في برشلونة

المساهمون