دراسة إسرائيلية تشكك في فوائد قمة هلسنكي على إسرائيل

18 يوليو 2018
بوتين ترك كرة سورية في ملعب ترامب (فرانس برس)
+ الخط -
استبعدت دراسة صادرة عن "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي أن تؤسس قمة "هلسنكي" التي جمعت الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلادمير بوتين لتحقيق هدف إسرائيل الإستراتيجي المتمثل في تصفية الوجود العسكري الإيراني في سورية.

وأشارت الدراسة، التي صدرت اليوم إلى أنه على الرغم من إجماع كل من ترامب وبوتين خلال القمة على احترام مصالح إسرائيل والتأكيد على الحفاظ على أمنها إلا أنها لم تتمخض عن أي اتفاق أو تفاهم واضح ومحدد حول إبعاد القوات الإيرانية عن سورية.


وحذرت الدراسة من خطورة حديث بوتين عن نشر القوات السورية في الجولان بناء على ما جاء في اتفاق فصل القوات للعام 1974، معتبرة أن تطبيق نص الاتفاق لا يخدم المصالح الأمنية والإستراتيجية الإسرائيلية، على اعتبار أنه ينص على تواجد القوات العسكرية السورية على بعد 10 كلم من الحدود، والدبابات السورية لمسافة 20 كلم، ومنظومات صواريخ والدفاع الجوي على مسافة 25 كلم.

وأعاد معدو الدراسة للأذهان حقيقة أن إسرائيل تطالب بأن تتواجد القوات الإيرانية والمليشيات الشيعية على مسافة 60-80 كلم. من الحدود، مشيرين إلى أن منظومات السلاح الإيرانية التي تثير قلق إسرائيل لم يتم تضمينها اتفاق فصل القوات.

وشددت الدراسة على أهمية إيجاد بيئة تسمح بتعاون واشنطن وموسكو من أجل إخراج القوات الإيرانية من سورية، على اعتبار أن عمليات القصف الجوي التي تنفذها إسرائيل ضد هذه القوات تسهم، في أحسن الأحوال، في التشويش على مخطط طهران توسيع تمركزها العسكري في سورية ولن تفضي إلى إجبار إيران على سحب قواتها من هناك.


وأوضحت الدراسة أن تحقيق خارطة المصالح الإستراتيجية في سورية يمكن أن يتنسى فقط في إطار "صفقة كبيرة" بين واشنطن وموسكو، مشيرة إلى أنه في حال فشلت الجهود الهادفة للتوصل إلى هذه الصفقة، فإن هذا التطور سيمكن بوتين من التنصل من أي التزام سابق بشأن الوجود الإيراني في سورية غير ملزم له.

ونصحت الدراسة صناع القرار في تل أبيب بمواصلة المناورة إزاء موسكو وواشنطن من أجل ضمان تحقيق المصالح الإسرائيلية في سورية، وعلى رأسها إخراج القوات الإيرانية من هناك.

وشددت على وجوب قيام إسرائيل بتحرك عاجل لمنع ترامب من تنفيذ تعهده بانسحاب القوات الأميركية من سورية، مطالبة بالضغط على واشنطن لاشتراط تنفيذ الانسحاب بإخراج القوات الإيرانية من هناك.

وأشارت الدراسة إلى أن الأميركيين أعطوا الانطباع عشية القمة أنهم مستعدون للاعتراف بنظام الأسد والتسليم بإنجاز سيطرته على جميع مناطق سورية مقابل التزام روسيا بإبعاد القوات الإيرانية من البلاد، مشيرة إلى أن واشنطن رأت في إنجاز هذا التوافق تطورا مهما لأنه يسمح بتنفيذ قرار ترامب بسحب القوات الأميركية من سورية.

وحسب الدراسة، فإن روسيا ترى في التوافق مع الولايات المتحدة بشأن سورية أمرا بالغ الأهمية على اعتبار أنه بدون هذا التوافق فإن موسكو ستواصل التورط في الوحل السوري دون أن تكون قادرة على استنفاذ الطاقة الكامنة في تدخلها في سورية الذي بدأ قبل ثلاث سنوات وترجمته كإنجاز في الحلبة الدولية.

واستدركت الدراسة أن الروس يعون الحاجة إلى تواجد القوات الإيرانية والمليشيات الشيعية كشرط لضمان استعادة نظام الأسد سيطرته على جميع مناطق سورية وتأمين استقراره، وهذا يجعلهم غير قادرين أو معنيين بإخراج هذه القوات وتلك المليشيات حتى من جنوب سورية.

وأوضحت أن طابع الحملة التي تشنها إسرائيل ضد إيران وإدراك صناع القرار في طهران حجم الخلافات بينهم وبين موسكو بشأن سورية، يجعلهم أكثر تصميما على ضمان تحقيق هدفهم المتمثل في توسيع تمركزهم العسكري في جميع مناطق البلاد.

وحذرت الدراسة من أن روسيا عادة ما تتعمد عدم الوفاء بتعهداتها، معتبرة أنه من الخطأ أن تقدم واشنطن على سحب قواتها بدون الحصول على دلائل قاطعة بأن إيران والمليشيات الشيعية ستغادر سورية وضمان تفكيك البنى التحتية العسكرية التي بنتها طهران هناك وضمنها منظومات الصواريخ والدفاع الجوي، إلى جانب الحصول على دليل قاطع على تصفية وجود تنظيم "الدولة الإسلامية" هناك بشكل نهائي.


وحسب معدي الدراسة، فإن القوات الإيرانية والمليشيات الشيعية تسللت حاليا إلى مناطق الحدود مع إسرائيل من خلال الاندماج في قوات الأسد وارتداء عناصرها زي جيش النظام.

وأوضحت الدراسة أنه حتى لو تم التوصل لتفاهمات مع موسكو بشأن التواجد الإيراني في جنوب سورية، فإن هذا لا يضمن إحباط خطط طهران المتمثلة في بناء وجود عسكري قوي في مناطق مختلفة من سورية، وضمن ذلك نصب منظومات سلاح متطورة.

في سياق آخر، أشارت الدراسة إلى أنه على الرغم من أن بوتين شدد على احترام الاتفاق النووي مع إيران وتأكيده على أن روسيا ستعمل مع الأوروبيين والصين من أجل ضمان مواصلة تطبيقه، إلا أن معدي الدراسة يرون أن بوتين سيكون حريصا على التوافق مع واشنطن بشأن هذا الاتفاق في حال قبلت واشنطن برفع العقوبات عن موسكو واعترفت بالمصالح الروسية في أوكرانيا وشبه جزيرة القرم.

وأشارت الدراسة إلى أن القمة قد عقدت في ظل سعي ترامب الواضح للتقليل من شأن الاتهامات التي توجه لروسيا بالتدخل في الانتخابات الأميركية وعكست حرصه وحرص بوتين على إبراز الطابع الحميمي للتواصل بينهما ومحاولة إقناع الرأي العام الأميركي بأن مثل هذا التواصل يمكن أن يدفع نحو استئناف الحوار بين هاتين الدولتين.

المساهمون