خروج القوات الأميركية: خلافات بين الرئاسات العراقية

17 يناير 2020
يرفض الحلبوسي وصالح خروج الأميركيين حالياً (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
كشف مسؤول عراقي رفيع المستوى في ديوان رئاسة الجمهورية، في بغداد، لـ"العربي الجديد"، عن خلافات حادة بين الرئاسات الثلاث، البرلمان والحكومة والجمهورية، حيال ملف إخراج القوات الأميركية من العراق في الوقت الحالي، الذي يصرّ عليه رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي وقوى سياسية أخرى توصف بأنها حليفة لطهران. المعلومات التي أكدتها مصادر سياسية، أحدها قيادي كردي بارز في أربيل، تشير إلى أن رئيسي البرلمان محمد الحلبوسي، والجمهورية برهم صالح، أبلغا عبد المهدي رفضهما خطوة إخراج القوات الأميركية من العراق، محذرين من أن القرار سيجرّ البلد إلى مشاكل كبيرة، قد لا تنتهي عند رفع الولايات المتحدة أو دول غربية دعمها للعراق، أو فرض عقوبات أحادية من قبل واشنطن، كما هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ووفقاً للمسؤول ذاته، فإن "الإدارة الأميركية باتت على دراية بأن رئيسي البرلمان والجمهورية رافضان للمشروع، خصوصاً أن الحلبوسي وصالح أجريا اتصالات هاتفية مع مسؤولين أميركيين، وموقف المسؤولين العراقيين يمثل بالنهاية، بالنسبة إلى الأميركيين، موقفاً عربياً سنياً وكردياً"، وفق قوله، مضيفاً أن "هناك تخوفاً سنياً – كردياً من أن خروج القوات الأميركية، سيكون على حساب نفوذ إيراني أكبر وتغوّل للمليشيات في العراق، معتبرين أن الوجود الأميركي عامل توازن حالي، ولو بشكل غير كبير". وتابع: "هذا الأمر أبلغ به الحلبوسي وصالح رئيس الوزراء عبد المهدي، خلال اجتماع الرئاسات الثلاث الذي عقد يوم الثلاثاء الماضي بشكل رسمي".

القيادي في "جبهة الإنقاذ والتنمية"، ومحافظ الموصل السابق، أثيل النجيفي، علق على ما تحدث به المسؤول العراقي في اتصال مع "العربي الجديد"، بأن "الجهة الوحيدة التي تستطيع تحجيم النفوذ الإيراني في العراق هي الولايات المتحدة"، لافتاً إلى أنه "بعيداً عن كل شعارات السيادة والاستقلال ومقاومة الاحتلال، نحن نعرف أن هناك حقيقة واحدة، أن الجهة الوحيدة التي تستطيع تحجيم النفوذ الإيراني في العراق، هي الولايات المتحدة الأميركية، وأن واشنطن هي بوابة التعامل مع المجتمع الدولي. فإنهاء التعامل مع المجتمع الدولي، مع النفوذ الإيراني المتغلغل، يعني أننا سلمنا العراق نهائياً لإيران، وهنا لا يستطيع العراقيون مقاومة هذا التغلغل والنفوذ". وأكد النجيفي أن "العراق بحاجة إلى المجتمع الدولي، من خلال الولايات المتحدة الأميركية، حتى نمنع النفوذ الإيراني من السيطرة عليه بشكل كامل، وهذا هو الخوف لدى القوى السياسية السنية والكردية". وأضاف أن "الأحزاب الدينية الشيعية هي فقط التي تريد وجود النفوذ الإيراني واستغلال شعارات السيادة والاستقلال ومقاومة الاحتلال، من أجل استمرار نفوذ طهران وتوسيعه. أما الشارع العراقي، بمختلف مكوناته، فهو يرفض أي وصاية أو تدخل من أي طرف، بل هم يريدون ويبحثون عن وسيلة للتخلص من النفوذ الإيراني في العراق".

أما ماجد شنكالي، القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، الحاكم في إقليم كردستان، فقال، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "العراق لغاية الآن غير مستقر من الناحية الأمنية والسياسية، وحتى الاقتصادية، حتى يُعمَل على إخراج القوات الأميركية منه. فهذا الوجود الأميركي ساهم بقوة في القضاء على تنظيم داعش، وخصوصاً من خلال الضربات الجوية التي كان لها الأثر البالغ في إنهاء وجوده في العراق". واعتبر أن "إنهاء الوجود الأميركي في العراق سيفقده بوصلة التوازن، فهناك فصائل مسلحة، تتحدث علناً عن أنها مع إيران، حتى لو كانت الحرب مع العراق. إن الوجود الأميركي يحجم ويقلّل من نفوذ طهران داخل الساحة العراقية". وأضاف أن "القوى السياسية، الكردية والسنية، تتخوف من إنهاء الوجود الأميركي خشية سيطرة تلك الفصائل المسلحة على الساحة العراقية، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً". وتابع قائلاً إن "الحديث عن إنهاء الوجود الأميركي يجب أن يسبقه شرط أن يكون العراق سيد نفسه وتكون قواته الأمنية الرسمية هي المسيطرة على الوضع الأمني، وهذا يحتاج إلى وقت وليس الآن". وكشف عن أنّه "تم إبلاغ عبد المهدي بهذا الرفض خلال زيارته إقليم كردستان، وحتى القوى السُّنية أبلغت ذلك إلى الحكومة العراقية".

في المقابل، أوضح رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية واثق الهاشمي، لـ"العربي الجديد"، أن "المعلومات المؤكدة تفيد بأن القوى السياسية، السنية والكردية، أبلغت الجانب الأميركي وعبد المهدي برفضها إخراج القوات الأميركية من العراق". ولفت إلى أن "السياسيين السُّنة والأكراد يعتقدون أن بقاء الأميركيين عامل توازن في المنطقة، خصوصاً مع شعورهم بالخطر من النفوذ الإيراني. ولهذا فإنهم سيواصلون الضغط لمنع إنهاء الوجود الأميركي في العراق".

المساهمون