- **النشأة والصعود السياسي**: وُلد تورغوت أوزال في ملاطية، درس هندسة الكهرباء والاقتصاد، شغل مناصب حكومية متعددة، وأسس حزب "الوطن الأم" الذي فاز بانتخابات 1983.
- **الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية**: أجرى أوزال تغييرات جذرية في الاقتصاد التركي، شملت إزالة قانون حماية الليرة، تشجيع التصدير، وبناء البنية التحتية، مما زاد حصة الفرد من الناتج القومي والصادرات.
- **علاقته بصدام حسين ومحاولات اغتياله**: رأى أوزال في تسليح الجيش العراقي تهديداً، تواصل مع الرئيس الأمريكي خلال غزو الكويت، تعرض لمحاولتي اغتيال، وتوفي في 1993 وسط شكوك حول تسممه.
في رسالته المفتوحة للشعب التركي، قال الرئيس رجب طيب أردوغان بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية العام الماضي: "اليوم بداية عملية التطور التي سعى لها تورغوت أوزال حتى آخر نفس في حياته لكي تكون تركيا بلداً عظيماً". هذه الكلمات وغيرها من أردوغان عن تورغوت أوزال وفترة حكمه، التي توحي بأن سياسة أردوغان هي استمرار لتلك الفترة، دفعت بالكثيرين للمقارنة بين مرحلة حكم الرجلين من ناحية الصعود للسلطة والتصالح مع "الدولة العميقة"، وبناء نموذج اقتصادي قائم على النمو السريع، بالإضافة لبعض الصفات الشخصية المتشابهة مثل القدرة العالية على الخطابة، وإيصال الرسائل للجمهور. لكن ما مدى صحة هذه المقارنة؟
هذه المقالة محاولة لبناء سيرة ذاتية مختصرة عن تورغوت أوزال، من خلال تسليط الضوء على العديد من جوانب حياته، بالاعتماد على مقالات ومقابلات متلفزة أجريت مع أفراد عائلته ومع سياسيين عاصروه وعاشوا مرحلة حكمه.
الولادة والنشأة
ولد تورغوت أوزال في مدينة ملاطية التركية، وتنقل بين العديد من المدن التركية بحكم عمل والده الذي كان موظفاً في أحد بنوك الدولة. صرّح الرجل يوماً بأن والدته كردية، وخالته لا تتحدث التركية، أما والده فلا توجد معلومة واضحة عن أصوله. هذه المسألة تعود لتتردد في كل مرة تطرح فيها مسألة حقوق الأكراد في تركيا، ويستخدم المدافعون عن فكرة أنه لا يوجد تمييز بين الأتراك والأكراد عبارة "حتى رئاسة الجمهورية التركية وصل لها شخص كردي" في الإشارة لتورغوت أوزال.
درس أوزال هندسة الكهرباء في جامعة إسطنبول التقنية، وانتقل في عام 1952 إلى الولايات المتحدة الأميركية ليكمل تعليمه في الاقتصاد في جامعة تكساس التكنولوجية. عاد بعدها إلى تركيا وشغل العديد من المناصب الحكومية في مجال الكهرباء والتخطيط العام للدولة، كما عمل في البنك الدولي بين عامي 1971 - 1973. دخل عالم السياسة عندما رشحه حزب السلامة الوطني الذي يتزعمه نجم الدين أربكان في عام 1977 عن مدينة إزمير، ولكنه لم ينجح في تلك الانتخابات. عين في نهاية عام 1979 مستشاراً لرئيس الحكومة سليمان دميرال، إلا أن اسمه لم يصبح معروفاً بشكل واسع عند الأتراك إلا في نهاية عام 1980، عندما تم تعيينه من قبل الحكومة الانقلابية مساعداً لرئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية، ومسؤولاً عن تغيير بنية الاقتصاد التركي الذي عاش إشكالات كبيرة في السبعينيات، لدرجة أنه لم يكن هناك أي دولة تقبل إقراض تركيا.
أثار منصبه في الحكومة الانقلابية بعض الانتقادات له، عندما أصبح رئيس حكومة، لأن الحياة السياسية كانت معطلة والكثير من السياسيين كانوا إما تحت الإقامة الجبرية أو معتقلين. وُصف بأنه متواطئ مع العسكر، لكن الحقيقة هي أن العسكر كانوا ينظرون له على أنه شخصية بيروقراطية قادرة على التفاوض مع الغرب في المسائل الاقتصادية، ولم يكن بالنسبة لهم شخصية سياسية مزعجة أو تسبب أي تهديد في حينها. استمر أوزال في منصبه هذا لمدة سنتين واستقال في عام 1982.
طلب من رئيس الدولة التركية وقائد انقلاب 1980 كنعان إيفرين أن يسمح له بتأسيس حزب، رفض إيفرين في البداية ولكنه وافق بعد إلحاح من أوزال. أسس أوزال حزب "الوطن الأم". لم يكن المحيطون بأوزال متحمسين لهذه الفكرة، إلا أن أوزال الذي شارك في عام 1983 في أول انتخابات تجري بعد انقلاب 1980 كان يعتقد بأن الناس ستصوت له بسبب نقمتها على الحكم العسكري. وبالفعل هذا الذي حصل فقد استطاع أوزال الذي شارك برفقة عدد قليل من الأحزاب في الانتخابات التي منع المجلس العسكري العديد من الأحزاب المشاركة بها، الحصول على 211 نائباً من أصل 400 نائب في البرلمان، أي إنه أصبحت لديه أغلبية مريحة لتشكيل حكومة بشكل منفرد.
لكن أوزال المنتصر أرسل تعميماً لجميع فروع الحزب بعدم القيام بأية احتفالات، خشية من المجلس العسكري الحاكم الفعلي للبلاد في حينها. ورفض حتى شرب الشمبانيا مع أعضاء الحزب في منزله، بحسب أحد المقربين منه. بالرغم من نجاحه في الانتخابات، وأحقيته في تشكيل الحكومة فإن رئيس الدولة إيفرين، وبالرغم من مرور تسعة أيام على صدور النتائج لم يدعه إلى القصر لكي يكلفه بشكل رسمي. فأشارت عليه زوجته سمرا بالتالي: "لماذا لا تتصل أنت به وتطلب لقاءه؟ إما يوافق وإما لا… في كلا الحالتين لن تخسر شيئاً، وهذا الحل أفضل من الحيرة التي أنت بها الآن".
بالفعل اتصل أوزال بالقصر وطلب موعداً. جاء الجواب بالقبول وذهب أوزال لمقابلة إيفرين. لم يكتفِ أوزال بمصافحته بل أيضاً اقترب منه وقبله، وهذه الحركة لم تكن من ضمن البروتوكول المتبع، بل حتى إن كنعان كان يكره تقبيل أحد. إلا أن أوزال كان يحاول أن يظهر أن العلاقة بينه وبين العسكر ودية. بعد مرور سنوات على هذه القبلة وانحسار تأثير الانقلابيين على المشهد السياسي التركي، أصبح متداولاً أن هذه القبلة كانت لحظة انطلاق حملة تدمير مفاعيل انقلاب 1980.
تغيير المجتمع التركي
قام أوزال بتغييرات جوهرية في الاقتصاد التركي، لم يسبقه لها أحد منذ تأسيس الجمهورية. فقد أزال قانون حماية الليرة التركية، وسمح بتداول الدولار بشكل حر، وأوقف تدخل الدولة في الاقتصاد. كما عمل على إقناع التجار الأتراك بأهمية التصدير، وأخذهم بيده حرفياً إلى الأسواق العالمية وشرح لهم كل شيء، حيث كان يتكون معظم وفده المرافق في زياراته الخارجية من رجال أعمال وليس من السياسيين ورجال الدولة. قال رجل الأعمال التركي أحمد تشالك: "كانت خطته تقوم على دعم التجار في الأناضول وإسطنبول الذين لم يسبق لهم أن صدروا شيئاً خارج تركيا لدخول السوق العالمية. هذا الأمر كان حدثاً كبيراً، فقد جعل مدناً مثل غازي عنتاب قادرة على تحقيق أرقام خيالية في التصدير".
كما استطاع بناء طرق وجسور كثيرة، وأمّن الكهرباء وخطوط الهاتف لكل القرى التركية، وفتح الاقتصاد التركي على العالم. إلا أن هذه التحديثات والتبديلات السريعة تسببت له ببعض النقد في مسألة التأثير في قيم الوطن والمجتمع. يقول مسعود يلماز الذي ترأس حزب الوطن الأم بين 1991 و2002: "تحولت تركيا في فترة أوزال فجأة من مجتمع مغلق لمجتمع مفتوح، ومن اقتصاد مغلق لاقتصاد مفتوح، ومن مجتمع يهتم بمسائله الداخلية إلى مجتمع يهتم بكل الإشكالات العالمية، ومن بلد يفكر في حاضره إلى بلد يفكر في مستقبله".
لكن أوزال لم يتراجع عن قراراته واستمر بالرغم من تزايد النقد باتجاه سياساته، وقال في إحدى المناسبات الرسمية: "صحيح نحن في عجلة من أمرنا، لكن السبب في ذلك هو أننا نؤمن بأن هناك فارقاً كبيراً بين بلدنا والبلدان المتطورة، ولتعويض هذا الفارق علينا أن نعمل بسرعة كبيرة". كما عمل أوزال الذي حاول الموازنة بين توجهه العلماني وبيئته المحافظة على تأسيس صناعات دفاعية محلية. فقام بإنشاء أول مجمع لتصنيع السلاح، ودافع عن فكرة أن تركيا لا تستطيع الدفاع عن نفسها إلا بسلاحها الذي تنتجه وليس بالسلاح الذي تستورده من الغرب.
مع بداية عام 1989 ارتفعت حصة الفرد في تركيا من الناتج القومي من 1300 دولار إلى 3000، وارتفعت قيمة الصادرات من اثنين مليار إلى 13 مليار دولار، كما ارتفع إنتاج الكهرباء لثلاثة أضعاف، وارتفع إنتاج السيارات من 40 ألفاً إلى 200 ألف سيارة. كما أن تركيا التي قامت على مدار 50 سنة بإنشاء 75 سداً، استطاعت خلال فترة أوزال وحدها إنشاء 77 سداً. لكن بالرغم من كل هذا، بقيت تركيا تستهلك أكثر مما تنتج. مسيرة صعود أوزال ووصوله وإصلاحاته السريعة تشبه بشكل كبير صعود رجب طيب أردوغان الذي يرى أن حزبه وسياسته امتداد واستمرار لسياسة أوزال.
أول ملف طلب أوزال أن يتسلمه عند وصوله لرئاسة الجمهورية كان ملف العراق. فقد كان يرى أن التسليح الكبير الذي تلقاه الجيش العراقي خلال الحرب العراقية - الإيرانية يشكل تهديداً لتركيا. كما أنه كان يكره صدام حسين بشكل شخصي، لأنه عندما زار طهران خلال الحرب الإيرانية - العراقية، قامت القوات العراقية بقصف طهران بشكل مستمر، بالرغم من معرفة صدام بوجود أوزال في طهران. قال يالتشان دوغان الذي رافق أوزال في رحلته لطهران: "كنا نستيقظ في منتصف الليل على صوت القنابل. كانت القنابل تمطر طهران حتى طلوع الفجر بالرغم من أن صدام كان يعرف بوجود أوزال والوفد المرافق له في طهران. وكان الرئيس يستيقظ في منتصف الليل لأن فريق حمايته كان يعمل على تأمينه عند حصول قصف، يجلس ويدعو على صدام لطلوع الفجر". بقي هذا الحقد في داخله على صدام وظهر في وقت غزو العراق للكويت، فقد عرف أوزال المعلومة من خلال رجل أعمال مقرب منه اسمه شريف إيفلي. كان إيفلي يقوم ببعض الأعمال التجارية في العراق، عندما جاءه في ليلة 29 يوليو/ تموز قائد كبير في العراق، وأخبره بمسألة الغزو. بالفعل عاد إيفلي في صباح اليوم التالي لتركيا وتوجه فوراً إلى القصر الرئاسي في أنقرة وأخبر أوزال بالنية التي يبيتها صدام للكويت. بحسب الناطق باسم رئاسة الجمهورية في حينها كايا توبيري فإن أوزال اتصل على الفور بالرئيس الأميركي جورج بوش الأب وأخبره بالمعلومة، إلا أن بوش رد بأنه حصل على تطمينات من دول عربية، وأن العراق ستسحب وحداتها من على الحدود. اعترض أوزال على معلومات بوش وأخبره بأنه متأكد من أن صدام لن يسحب قواته بل سيغزو الكويت، وبأن وقع ذلك سيكون كارثياً في المنطقة.
بعد يومين، دخلت القوات العراقية إلى الكويت بالفعل، فشعر بوش بأهمية ودقة معلومات أوزال وفريقه حول المنطقة فبدأ بالتواصل بشكل يومي مع أوزال والحكومة التركية.
يقول وزير الخارجية في وقتها أنغين غوني: "أصبحت الحكومة التركية ورئاسة الجمهورية على تواصل يومي مع البيت الأبيض، لدرجة أنني حفظت الرقم الهاتفي للبيت الأبيض. كان بوش يرد شخصياً علينا في كل مرة نتصل به، وفي حال لم يرد بشكل شخصي بسبب حضوره اجتماعاً ما أو لدواعي السفر، فقد كان يعود خلال وقت قصير جداً ويعاود الاتصال بنا".
أكد بوش هذا الأمر في لقاء له قائلاً: "كنت على اتصال دائم مع أوزال، لأنه كان يعطيني صورة واضحة وأفكاراً جيدة، وكان من أوائل القادة الذين نصحوني بقتال صدام وهزيمته بسرعة، كما أن أوزال لم يكن يحب صدام أبداً، وكان دائماً يحذرني منه وأخبرني بأنه سيقوم بشيء مجنون في يومٍ ما. نحن حاولنا سلمياً مع صدام، إلا أن أوزال كان دائماً يعتقد بأن السلم لن يصل لنتيجة مع صدام، وبأنه يجب على التحالف أن يهاجم صدام ويهزمه".
لم يكتفِ أوزال بالنظر للحرب على أنها ستشكل هزيمة لخصمه صدام، بل كان أيضاً ينظر لها على أنها فرصة لتركيا للسيطرة على مدينتي الموصل وكركوك، الواقعة ضمن أراضي الميثاق الوطني التركي. ورأى أن هذه خطوة يجب أن تتخذها تركيا قبل أن يعلن الأكراد عن دولتهم في شمال العراق، في خضم ضعف الحكومة المركزية في بغداد وأن الفرصة مناسبة الآن خلال الحرب. قال قائد الجيش في حينها نجيب تورومتاي: "أوزال اجتمع معنا وقال لنا إنه مع نهاية الحرب يجب أن نأخذ حصتنا. ويقصد بـ(حصتنا) الموصل وكركوك. وكان يصر جداً على الموضوع، وذكرنا بأن هذا الأمر هو حلم بالنسبة لنا". بالفعل، ذهب قائد الجيش ودرس الأمر من ناحية القدرة العسكرية والوقت، وعرض على رئيس الجمهورية الخطة. وأوضح له أن قادة الجيش ينظرون للأمر على أنه خطير ومغامرة غير محسوبة، ولا يعرفون ماذا سيحدث بعد دخولهم، كما أنهم يرون أن تدخل تركيا في شمال العراق سيعطي العراق شرعية في احتلاله للكويت. إلا أن أوزال بقي مصراً على الأمر لكن إصراره هذا لم ينتج عنه أي شيء عملياً. فلم يستطع أحد أن يتخذ القرار من طرف الحكومة التي لم تستجب هي ولم يستجب البرلمان، كما أن قائد الجيش استقال من منصبه لكيلا يتحمل مسؤولية أي قرار.
أعدمك أنت وصدام!
عمل العراق بعد بدء الحرب على جذب تركيا لطرفها، فأرسلت طه ياسين رمضان ليلتقي مع تورغوت أوزال. رمضان الذي كان يرتدي الزي العسكري رفض تسليم سلاحه، بحجة أن العسكري لا يسلم سلاحه، لكن رغم ذلك، سمح له أوزال بالدخول بسلاحه للقاء. يقول أحمد أوزال نجل الرئيس أوزال إن والده قال لقائد الحرس: "دعوه يدخل مع سلاحه، لأن السلاح الذي يحمله إما فارغاً أو أن الذخيرة التي بداخله لا تصلح". يقول الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، كايا توبيري، إن رمضان خلال اللقاء تحدث عن أهمية الصداقة بين البلدين، وطلب ألا تكون تركيا جزءاً من الحصار عليهم، ولا نقطة انطلاق العمليات ضدهم، وذكر بأن الكويت تاريخياً هي منطقة تابعة لولاية البصرة العراقية. فأجابه أوزال: "أنا أحب صدام حسين، وانقل له سلامي.. ولكن الذي فعلتموه ستكون عواقبه كبيرة عليكم". لكن طه ياسين، بحسب أحمد أوزال، رد عليه بتهديدات لتركيا في حال شاركت في العملية، وفتحت الأجواء للطائرات الأميركية، أو سمحت باستخدام قاعدة إنجرليك العسكرية.
هنا يقول أحمد أوزال: "تغير لون وجه والدي، وقال له اسمعني جيداً، انقل سلامي لصدام، ونصيحتي له بالخروج من الكويت. أما في حال ضربتم قذيفة واحدة باتجاه تركيا فإنني أنا رئيس الجمهورية التركية وقائد القوات المسلحة التركية سآتي أنا وجيشي وأعدمك أنت وصدام في وسط بغداد!".
محاولة اغتياله التي شكّلت هوساً
في عام 1988 وخلال إلقائه خطاباً في حزبه، أطلق أحد الحضور النار باتجاه أوزال، وأصابت رصاصة يده. صعد أوزال إلى المنصة وعلى الرغم من إصابته ومحاولة زوجته سمرا منعه من إكمال الخطاب فإنه أكمل خطابه أمام الجمهور، فقالت له سمرا أمام الجميع "أنت دائماً هكذا! إنسان عنيد جداً". بالرغم من أن الحادث لم يؤثر به في لحظتها فإنه أصبح مهووساً به، فقد قالت زوجته إنه شاهد فيديو محاولة الاغتيال آلاف المرات، ليعرف من هو مطلق النار وكيف جرى الحادث. استطاعت الشرطة أن تلقي القبض على الذي حاول اغتياله، ووجدوا عنده السلاح المستخدم، وهو سلاح مصمم من قبل الإنجليز، وأعطي للضباط خلال الحرب العالمية الأولى. اعترف هذا الشخص بجرمه، وقال إنه يعاني من مشاكل نفسية، وكان يرغب في الانتحار، ولكنه قرر أن يقتل أوزال ومن ثم يقتل! إلا أن هذا الشخص كان من الواضح أنه مدرب بشكل جيد. قال نجل أوزال أحمد وزوجته سمرا إنه استمر بالبحث عمّن يقف خلف هذا الشخص، ووصل لنتيجة، لكنه فضل عدم البوح بها.
لم تكن هذه المحاولة الأخيرة، فقد تعرّض بعد سنتين إلى محاولة اغتيال أخرى وهو في طريقه لافتتاح فندق في أنطاليا.
السقوط في القصر
أوّل هزيمة مهدت لسقوطه كانت الانتخابات المحلية عام 1989، لأن كل التغييرات الاقتصادية التي قام بها أثرت بشكل سلبي على العمال وموظفي الدولة. رغم إدراكه لخسارته، أصرّ على أن يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية وفي عام 1992 قال إن حزبه "الوطن الأم" تغير ولم يعد الحزب الذي أسسه وقال لزوجته سمرا بأنه يريد أن يؤسس حزبا جديدا ولكن زوجته عارضته وقالت له الوقت فات. مات أوزال الذي كان يعاني من أمراض القلب ومن السمنة المفرطة، فهو كان يحب الطعام كثيراً لدرجة أنه بحسب أصدقائه كان يتناول الإفطار أو الغداء أكثر من مرة. عن هذا الموضوع، تقول زوجته سمرا: "كنت أخفي الطعام الدسم دائماً عنه". سقط أوزال أمام زوجته في القصر الرئاسي في أنقرة في صباح يوم 17 إبريل/ نيسان 1993، وبقيت مسألة وفاته لغزاً، فحسب زوجته، التحاليل التي أجريت بعد عشرين عاماً على دفنه أظهرت وجود سمٍ.
لا يتشابه أردوغان وأوزال كثيراً إلا أن مسار صعودهما الذي بدأ من التصالح نسبياً مع جميع القوى الموجودة وعلى رأسهم الدولة العميقة، وتحقيقهما مفاجأة انتخابية في الفوز بأغلبية برلمانية مريحة، وصولاً إلى محاولتهما أخذ السلطة معهما أينما وجدا، نقطة تشابه بين أردوغان وأوزال.