التسلّح الذاتي في تايوان لتقليص الفجوة مع الصين

06 يوليو 2024
جنود تايوانيون وسط مدافع أميركية، هوالين، 28 مايو 2024 (سام يه/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تعزيز القدرات العسكرية التايوانية:** تايوان تدخل اثنتين من فرقاطات الصواريخ الشبحية "توو جيانغ" لتعزيز دفاعاتها البحرية، وهما "آن جيانغ" و"وان جيانغ"، الملقبتان بـ"قاتلة حاملات الطائرات"، وتتميزان بتقنية التخفي وسرعة قصوى 83 كيلومتراً في الساعة.

- **التوترات مع الصين:** تصاعدت التوترات بين تايوان والصين مع تدريبات عسكرية صينية واسعة حول الجزيرة واحتجاز قارب صيد تايواني، مما دفع تايوان لحث الصين على الإفراج عن الطاقم.

- **التزام الولايات المتحدة:** الولايات المتحدة تحافظ على علاقات دفاعية غير رسمية مع تايوان منذ 1980، تشمل نقل الأسلحة وتدريبات مشتركة، وتلتزم بتزويدها بالأسلحة وتعارض أي تغييرات أحادية للوضع الراهن.

كشفت وسائل إعلام صينية، الاثنين الماضي، عن اعتزام تايبيه خلال الأسبوع الحالي إدخال اثنتين من فرقاطات الصواريخ الشبحية (لا يرصدها الرادار) من فئة "توو جيانغ"، نطاق الخدمة، في إطار استراتيجية التسلح الذاتي في تايوان لتعزيز قدراتها العسكرية غير المتكافئة مع الجيش الصيني. وتعزز الجزيرة وفق مراقبين، قدراتها الدفاعية لا سيما البحرية منها. ونقلت صحيفة جنوب الصين عن مصدر عسكري لم تسمه، قوله إن الفرقاطتين "آن جيانغ" و"وان جيانغ" اللتين يطلق عليهما "قاتلة حاملات الطائرات" هما جزء من الدفعة الأولى المكوّنة من ست سفن صغيرة نسبياً لكنها سريعة وعملية في أنظمة القوات البحرية التابعة للجزيرة، وإنهما أكملتا تدريباتهما القتالية وسيتم تجنيدهما رسمياً في القوات البحرية هذا الأسبوع.

استراتيجية التسلح الذاتي في تايوان

وتمثل هذه السفن الحربية التي تم بناؤها محلياً ضمن استراتيجية التسلح الذاتي في تايوان الإضافتين الخامسة والسادسة للبحرية التايوانية، بالإضافة إلى النموذج الأولي الذي تمت إضافته في عام 2015. وحسب المصدر فمن المتوقع الانتهاء من الدفعة الثانية المكونة من خمس فرقاطات أخرى ودخولها نطاق الخدمة بحلول نهاية عام 2026. وعن تفاصيل وقدرات هاتين الفرقاطتين، ذكرت الصحيفة، أن طول الواحدة منها 60.4 متراً، وعرضها 14 متراً، وتتميز بتصميم هندسي قادر على اختراق الأمواج، كما تتمتع بسرعة قصوى تبلغ 83 كيلومترا بالساعة، ومدى تشغيلي يبلغ 1800 ميل بحري. وتستطيع هذه الفرقاطة المزودة بصواريخ مضادة للسفن من طراز "خوسونغ فنغ 2" و"خوسونغ فنغ 3" محلية الصنع، فضلاً عن صواريخ مضادة للطائرات من طراز "هاي تشنغ 2"، مهاجمة أهداف برية أو بحرية، بما في ذلك حاملات الطائرات. كما أنها مجهزة بمدافع عيار 76 ملم، وأنظمة إطلاق قريبة المدى من طراز "فلنكس"، ومدافع رشاشة من طراز "تي 74".

وكانت البحرية التايوانية قد ذكرت في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني الشهر الماضي، أن الفرقاطات تتضمن تقنية التخفي لتجنب الاكتشاف السهل، ويمكن أن تعمل بشكل فعال في المياه الضحلة أو الساحلية، وهي المناطق التي تجد فيها السفن الأكبر حجماً مثل المدمرات صعوبة أكبر في العمل. وقد صُممت لتلعب دوراً حاسماً في استراتيجية الحرب غير المتكافئة في تايوان، وتهدف إلى مواجهة القوة الأكبر بكثير التي يمكن للجيش الصيني حشدها في المنطقة. في المقابل، أجرى الجيش الصيني على مدار الأسابيع الماضية، تدريبات عسكرية واسعة النطاق حول تايوان، في محاكاة لحصار الجزيرة.

وكانت التوترات عبر المضيق الفاصل بين البر الصيني وتايوان قد تصاعدت في أواخر الشهر الماضي، بسبب الصدامات المتكررة بين خفر السواحل التايواني والصيني في المياه قبالة كيموي، وهي نقطة دفاعية تسيطر عليها تايوان وتُعرف في الصين باسم كينمن، وذلك بعد دخول أربعة زوارق من البر الصيني إلى المنطقة. كذلك ظهرت، خلال منتصف الشهر الماضي، غواصة صينية تعمل بالطاقة النووية في مضيق تايوان، ما أثار القلق في جميع أنحاء المنطقة. علماً أن خفر السواحل التايواني، حثّ الأربعاء الماضي، الصين على الإفراج عن قارب الصيد التايواني "داجينمان 88" وطاقمه المؤلف من خمسة أشخاص هم تايوانيان وثلاثة عمال مهاجرين، احتجزهم خفر السواحل الصيني في وقت متأخر مساء الثلاثاء بالقرب من أرخبيل كينمن.

ودعا نائب المدير العام لخفر السواحل التايواني، شيه تشينغ تشين، الصين إلى "عدم استخدام الوسائل السياسية للتعامل مع هذا الحادث"، لافتاً إلى أن تايوان أرسلت ثلاث سفن لإنقاذ المركب. وقال إن السفينة التي اقتربت من قارب الصيد اعترضتها ثلاثة قوارب صينية وطلبت منها عدم التدخل، وبالتالي تم إلغاء عملية التعقب لتجنب تصعيد الصراع بعد أن اكتشفت السلطات البحرية التايوانية أن أربع سفن صينية أخرى كانت تقترب من المنطقة.


يوان تشو: تايبيه حوّلت استراتيجيتها الدفاعية نحو تصنيع وتطوير الأسلحة المحلية 

قدرات تايوان العسكرية

في رده على سؤال لـ"العربي الجديد" حول سعي تايوان إلى تعزيز قدراتها العسكرية وتأثير ذلك على بكين، قال يوان تشو، الباحث في الشؤون العسكرية في معهد نان جينغ للبحوث والدراسات الاستراتيجية، إن "تايبيه حوّلت استراتيجيتها الدفاعية خلال السنوات الأخيرة نحو تصنيع وتطوير الأسلحة المحلية لمواجهة التهديد الصيني". واستدرك أن "ذلك فشل في التأثير على اعتمادها الكامل على واردات الأسلحة الأميركية، كما اصطدم بالفرق الشاسع بين الترسانتين العسكريتين الصينية والتايوانية".

ولفت إلى أن "الجيش الصيني يضم نحو مليوني جندي في الخدمة الفعلية، مقارنة بنحو 170 ألف جندي فقط في تايوان، فيما حجم البحرية الصينية يمثل ثلاثة أضعاف البحرية التايوانية، والقوات الجوية الصينية تزيد على ضعفي حجم القوات الجوية التايوانية". أما من حيث قدرات تايوان العسكرية مقارنة مع الصين، فقال يوان تشو إنه "لا مجال للمقارنة إذ إن الصين تمتلك ثلاث حاملات طائرات ونحو 80 غواصة، بينما لا تملك تايوان أي حاملة طائرات وتحتفظ فقط بأربع غواصات أميركية قديمة". وأشار إلى أن "الصين تمتلك حوالي خمسة آلاف دبابة، و175 ألف مركبة مدرعة، بينما لا تزيد الدبابات التايوانية عن ألفي دبابة أميركية الصنع تم تجميعها في تايوان، ومستواها الفني منخفض نسبياً". كذلك تملك الصين "حوالي 1250 طائرة مقاتلة، بينما لدى تايوان 289 طائرة فقط".


خون وانغ: مستوى تطور أسلحة تايوان  ليس أقل من دول في شرق آسيا 

 

من جهته رأى الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية في تايبيه، خون وانغ، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "على الرغم من ضآلة القوات التايوانية من حيث الحجم مقارنة بالقوات الصينية، إلا أن مستوى تطور أسلحة تايوان خلال العقد الأخير ليس أقل من دول شرق آسيا الأخرى". وأضاف أنه "من بين القوات المسلحة التايوانية الثلاث (البرية والجوية والبحرية)، كانت القوة البحرية دائماً محور البناء العسكري التايواني، بالنظر إلى وضع الجزيرة الجغرافي".

وأوضح أن الجزيرة "محاطة بالمياه من جميع الاتجاهات، ما يحتم عليها تعزيز قدراتها الدفاعية البحرية". ولفت إلى أن القوات البحرية التايوانية "تمتلك أكثر من 170 سفينة حربية (أميركية الصنع)"، مضيفاً أن "استلام هذه السفن الكبيرة عزز القدرات الدفاعية للجزيرة ورفعها إلى مستوى أعلى، حتى أنها تجاوزت قوة بعض دول الجوار". ورغم قدرات تايوان العسكرية غير المتكافئة، أشار إلى أن "هناك إجمالي 14 قاعدة جوية رئيسية في الجزيرة، تنشر عدداً كبيراً من صواريخ الدفاع الجوي، بما في ذلك صواريخ باتريوت وهوك أميركية الصنع، بالإضافة إلى تيان قونغ التي طورتها تايوان ذاتياً".

التزام أميركي

وعزّرت قدرات تايوان العسكرية محافظة الولايات المتحدة تاريخياً على علاقات دفاعية غير رسمية مع الجزيرة منذ عام 1980، وتشمل العلاقة عمليات نقل الأسلحة إلى الجزيرة بصورة روتينية، وتنظيم حوارات دفاع وتخطيط مشتركة، وتنظيم أنشطة تدريبية في كل من الولايات المتحدة وتايوان. وقد ساهمت العلاقات الدفاعية بين واشنطن وتايبيه بشكل كبير في تعزيز قدرة تايوان على الردع. كذلك بنت الولايات المتحدة في عام 2013 رادار "بيف باوز" في تايوان لتوفير إنذار مبكر ضد الصواريخ الباليستية، بهدف الرد على الضربات الصاروخية المحتملة من البر الرئيسي الصيني.

وتعتبر الصين أن تايوان جزء من أراضيها التي يتعين إعادة توحيدها بالقوة إذا لزم الأمر. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لا تعترف باستقلال تايوان، إلا أنها تعارض أي تغييرات أحادية الجانب للوضع الراهن، مع بقائها ملتزمة بتزويد تايبيه بالأسلحة. ومنذ انتخاب زعيم الجزيرة لاي تشينغ تي، من الحزب الديمقراطي التقدمي المؤيد للاستقلال عن الصين، في يناير/كانون الثاني الماضي، صعّد الجيش الصيني من عمليات الترهيب العسكري ضد تايوان، فيما تنظر بكين إلى لاي باعتباره "انفصالياً عنيداً" قد تؤدي قيادته إلى نشوب حرب في المنطقة.

المساهمون