انتخابات أميركا: استراتيجية ديمقراطية للضغط على جو بايدن

06 يوليو 2024
بايدن وزوجته جيل في البيت الأبيض، 4 يوليو 2024 (كايل مازا/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تصاعد الدعوات لاستبدال بايدن:** بعد المناظرة الكارثية بين بايدن وترامب، ارتفعت الأصوات داخل الحزب الديمقراطي تطالب بانسحاب بايدن من سباق الرئاسة، مع تركيز الرأي العام على سنه وتراجع قدراته الذهنية.

- **البديل الديمقراطي والضغوط الداخلية:** لا يوجد بديل ديمقراطي جاهز، مما يجعل استبدال بايدن مغامرة قد تؤدي لخسارة الحزب في انتخابات الكونغرس، وسط تزايد القلق داخل الحزب رغم دعم حكّام الولايات الديمقراطيين لبايدن.

- **المانحون والضغط المالي:** العديد من المانحين الأثرياء بدأوا بالضغط على بايدن للتنحي، حيث جمعوا حوالي 100 مليون دولار لدعم مرشح بديل، مهددين بسحب دعمهم للمرشحين الديمقراطيين للكونغرس ما لم ينسحب بايدن.

ارتفع خلال اليومين الماضيين منسوب الحديث في الولايات المتحدة، وداخل أروقة الحزب الديمقراطي، بشأن ضرورة انسحاب الرئيس جو بايدن من سباق الرئاسة الأميركي، بعد المناظرة الكارثية التي جمعته بمنافسه الجمهوري دونالد ترامب قبل أكثر من أسبوع. وفي وقت يسعى فيه بايدن لتبريد الأزمة، وفق خطة إعلامية تقضي بتكثيف مقابلاته التلفزيونية، وعزمه على عقد مؤتمر صحافي خلال قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو)، في واشنطن الأسبوع المقبل، كما أنه يحاول أن يقطف ثمار أي صفقة لوقف النار محتملة بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس في قطاع غزة، مع عودة التفاؤل الحذر بإمكانية إبرامها، إلا أن تطور الأمور المتعلق باستحقاق انتخابات أميركا يشي بأن هناك أصواتاً بدأت تعلو معترضة على استمرار ترشحه، وهو ما قد يدفع أصواتاً أخرى للخروج عن صمتها أو خجلها. ويجري ذلك كلّه في وقت تبدو فيه حملة ترامب والحزب الجمهوري أكثر ارتياحاً، مع انقلاب الأوضاع لصالحه بعدما كان محاصراً بالمتاعب القانونية، إذ أصبح سنّ بايدن وتراجع قدراته الذهنية الشغل الشاغل للرأي العام الأميركي بعد "صدمة" المناظرة.

حديث يتصاعد حول استبدال بايدن

وبينما يدور الحديث عن ضرورة "استبدال" بايدن في بعض أروقة الحزب الديمقراطي، إلا أن أي بديل ديمقراطي في انتخابات أميركا ليس جاهزاً، وقد تكون الخطوة بمثابة مغامرة غير محسوبة، قد تؤدي الفوضى التي سترافقها إلى خسارة الحزب أيضاً في انتخابات الكونغرس. وتبدو الأمور كلّها معلقة بكلمة من بايدن. ورأت صحيفة "واشنطن بوست"، أمس، في تقرير، أنه بحسب حلفاء ومستشارين للرئيس، فإنه يجب على استطلاعات الرأي أن تسوء، وكذلك حملة التمويل والدعم، ثم يقوم مشرّعون كبار في الكونغرس بالضغط على بايدن للتنحي، من أمثال رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، وزعيم الأكثرية في الشيوخ تشارلز شومر، والنائب جايمس إي كلايبورن.

يجمع مانحون 100 مليون دولار لدعم بديل محتمل بشكل طارئ

ويفسّر ذلك كثرة التسريبات في الإعلام الأميركي المحسوب على الليبراليين حول القلق السائد داخل الحزب. فعلى الرغم من أن لقاء بايدن، الأربعاء الماضي، مع حكّام الولايات الديمقراطيين في البيت الأبيض أسفر عن إبداء هؤلاء دعمهم للرئيس، إلا أن ظاهرة التسريبات الإعلامية التي تقودها خصوصاً صحيفة نيويورك تايمز (كانت قد دعت بايدن للانسحاب من السباق)، لم تهدأ، وعادت الصحيفة، أول من أمس، لتقول إن الاجتماع "الطارئ" كان سيئاً، حيث قال بايدن للحكّام إنه أصبح بحاجة إلى المزيد من ساعات النوم، وإنه يخطط لوقف المشاركة في كل الفعاليات العامة بعد الساعة الثامنة مساء. كما أن بايدن، بحسب الإعلام الأميركي، لم يلقِ أي كلمة مطولة منذ المناظرة حتى يوم أمس، من دون أن يستعين بشاشة تلقين النصوص.

وكان بايدن قد دافع عن نفسه، أول من أمس، في مقابلة مع إذاعة محلية في ويسكونسن، حيث أقرّ بأنه "أفسد الأمور خلال المناظرة"، لكنه دعا قبيل انتخابات أميركا المرتقبة في 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، والتي يتطلع من خلالها إلى ولاية ثانية رغم بلوغه الـ81 من العمر، لمراجعة إنجازاته خلال ثلاثة أعوام ونصف العام في البيت الأبيض. كما أكد أمام موظفين عسكريين في البيت الأبيض، أنه "لن يغادر إلى أي مكان"، وواصل لقاءاته الإعلامية، وآخرها مقابلة طويلة أجراها أمس عبر شبكة أي بي سي، مع الإعلامي الشهير جورج ستيفانوبولوس.

إلا أن ذلك لم يمنع أن يرتفع، الخميس، عدد الداعين لانسحاب بايدن، وهو ما يرجح أن يتصاعد خلال الأيام المقبلة. وبعد "نيويورك تايمز" وصحيفة "بوسطن غلوب"، دعت مجلة "ذا إيكونوميست" البريطانية بايدن لسحب ترشحه من انتخابات أميركا المقرّرة في نوفمبر، كما وجّه دعوة مماثلة للرئيس النائب الديمقراطي في الكونغرس سيث مولتون.

كما طفت إلى الواجهة مسألة المانحين، رغم أن نهاية الأسبوع الماضي شهدت تأكيدات من قبل أبرزهم بأنهم سيواصلون دعم بايدن، وأنهم غير راغبين قبل أشهر قليلة من الاستحقاق الانتخابي اختبار وجوه جديدة، بحسب وكالات الأنباء العالمية.

انتخابات أميركا و"عصا" المانحين

ففي تقرير جديد لها، نُشر أمس، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن العديد من المانحين الأثرياء للحزب يحاولون اليوم إمساك زمام الأمور بأيديهم، مضيفة أنه "مع تسخير ثرواتهم في إطار سياسة الجذب والضغط (العصا والجزرة)، فإن بعض المانحين بدأوا باتباع عدد من المبادرات للضغط على بايدن من أجل التراجع عن الترشح، والمساهمة في تعبيد الطريق لإيجاد مرشح بديل". ومن بين الخطوات المتخذة، جمعُ مجموعة من المانحين حوالي 100 مليون دولار، في ما قد يكون "صندوق ضمان"، تحت اسم "لجنة الجيل المقبل باك"، من الممكن أن تستخدم لدعم مرشح بديل. وإذا لم يتنح بايدن، فإن المال سيستخدم في دعم المرشحين للكونغرس المتراجعين في استطلاعات الرأي.

أبيغال إي ديزني، إحدى ورثة ثروة شركة ديزني: "لن يحظوا مني بأي فلس إذا لم يستبدلوا بايدن على رأس الهرم"

لكن بحسب الصحيفة، فإن هناك مانحين هدّدوا بسحب دعمهم لكل المرشحين (أي المرشحين الديمقراطيين لعضوية الكونغرس)، ما لم يقتنع بايدن بضرورة الانسحاب، وبعضهم يدعون المسؤولين المنتخبين على كل المستويات للضغط علناً على بايدن، متعهدين بدعمهم مالياً. وقد ذهب مانحون مثل ريد هاستينغز، المؤسس المشارك لنتفلكس، للإعراب في العلن عن رغبتهم برؤية مرشح ديمقراطي آخر غير بايدن للرئاسة هذا العام. من جهتها، قالت أبيغال إي ديزني، وهي إحدى ورثة ثروة شركة ديزني، في رسالة إلكترونية بعثتها للصحيفة، إن حملة بايدن واللجان الداعمة لها، بما فيها اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، والمجموعات غير الربحية للحزب، "لن يحظوا منها بعد الآن بأي فلس إلى أن يتخذوا القرار الصعب ويستبدلوا بايدن على رأس الهرم". وأضافت: "بايدن رجل طيّب وخدم بلاده جيّداً، لكن المخاطر عالية، ويجب عدم السماح للخجل بالتحكم في سير الأمور".

وبحسب "نيويورك تايمز"، فإن الضغط المالي على بايدن قد زاد، فيما حاولت حملته طمأنة الحلفاء الأساسيين بأنه على قدر المهمة، لكنها أقرّت لبعضهم في السرّ بأنه يدرك أن الأيام القليلة المقبلة ستكون مصيرية، كما أقرّوا بأنه قد لا يكون قادراً على إنقاذ ترشحه. وأوضحت "نيويورك تايمز" أنه إذا ما استمر بايدن في ترشحه، فإن ذلك قد يؤثر على الدعم المالي الذي قد يدخل في حالة جمود، لا سيما حين تدخل الحملة في الشهرين الأخيرين قبل الانتخابات المقرّرة في الخامس من نوفمبر، وهي مرحلة تشهد في العادة كثافة تمويل. ورأت الصحيفة أن بايدن كان قد تخطى ترامب بالتمويل في شهر يونيو/ حزيران الماضي، لكن الرئيس الجمهوري السابق عاد وسبقه مع بداية يوليو/ تموز، وليس معروفاً ما إذا كان ذلك سيتبدل قبل الانتخابات، ولفتت إلى أن الزيادة في التمويل التي حظيت بها حملة بايدن بعد المناظرة جاءت من مانحين صغار عبر الإنترنت.

المساهمون