قالت المديرة التنفيذية لمعهد الدوحة الدولي للأسرة، شريفة العمادي، إن العنف الأسري يعتمد على فرض القوة والتحكم وعزل الضحية عن العائلة والأصدقاء، ومع التباعد الاجتماعي والحَجْر المنزلي الذي تقتضيه إجراءات الدول لمنع تفشي جائحة كورونا، وازدياد الضغوطات النفسية التي يولدها هذا الوضع، فإنه يمكن للمعتدين ومرتكبي العنف الأسري استغلال الوضع والاستمرار في التعنيف بل وزيادته.
وسلّطت العمادي الضوء على الضغوط الأسرية ومخاطر العنف المنزلي التي يمكن أن يسببها فيروس كورونا، وكيف تضمن دولة قطر الحماية للفئات المستضعفة، ضمن بيان أصدرته مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، اليوم الأربعاء.
وأشارت العمادي إلى تباين قوة وحدة مشاعر التوتر والخوف خلال الفترة الحالية، نظرا للظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم أجمع، وعدم معرفة ما ستؤول إليه الأوضاع، لافتة إلى الخوف النابع من الإصابة بفيروس كورونا، نظرا لسرعة انتشاره ولازدياد أعداد المصابين بشكل يومي، كما أن التقارب المكاني الذي يفرضه الحَجْر والاضطرار إلى الوجود مع أفراد العائلة طوال الوقت في مساحات مغلقة، والتي قد تكون ضيقة، من الممكن أن يزيد من نسبة التوتر في العلاقة الأسرية، خصوصا في حال عدم إيجاد ما يشغل الأفراد لأوقات طويلة، والذي قد يتحول إلى عنف جسدي أو نفسي بين أفراد الأسر.
وأوضحت أن الجميع قد لا يعيش في أمان وظيفي ومالي، ما قد يعني مصاعب مالية إذا ما استمر الوضع لفترة طويلة، وهو ما سينعكس على رفاه الأسرة وأفرادها والقدرة على تلبية احتياجاتها، وبالتالي قد يتسبب ذلك في ضغوط نفسية شديدة على مُعيل الأسرة.
وأكدت المديرة التنفيذية للمعهد الدولي على جهود المؤسسات عربيا وعالميا للحدّ من العنف من خلال وضع إجراءات حماية للأفراد، لافتة إلى أن الاتحاد الوطني لنساء المغرب، فعّل شبكة اتصالات وطنية تعمل على تقديم الدعم النفسي والاجتماعي.
وعن الجهود المؤسسية في قطر، أشارت العمادي إلى أن مركز الحماية والتأهيل الاجتماعي (أمان)، يوفر خدمات خط ساخن للتبليغ متاح على مدار الساعة، ويستقبل كل أنواع الاستشارات المتعلقة بالعنف حاليا عن بعد، وتطبيق "شاوريني" للهاتف، الذي يقدم الاستشارات الاجتماعية والنفسية والقانونية المجانية، والذي يهدف لرفع الوعي بحقوق المرأة.
وكشفت عن وجود فرع لمركز "أمان" في النيابة العامة لاستقبال حالات العنف الأسري، وضمان سرعة الإجراءات وتقديم المشورة والمساعدة والتأهيل، قبل تحويل الحالات للمحاكم المختصة.
وضمن العمل المؤسسي أيضا يأتي إنشاء "اللجنة الوطنية المعنية بشؤون المرأة والطفل وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة"، التي يعدّ معهد الدوحة الدولي للأسرة أحد أعضائها. وتعمل اللجنة على رصد أوضاع هذه الفئات ومراجعة القوانين والتشريعات المتعلقة بها لمواءمتها مع ما صادقت عليه قطر من اتفاقيات ومواثيق دولية لضمان تحقيق الحماية والعدالة والحياة الكريمة.
وتطرقت العمادي إلى الجهود المجتمعية التي يقدمها الأفراد لبعضهم البعض كعنصر مكمِّل للجهود التي تقوم بها الدولة، وكإحدى الوسائل للحدّ من تأثير هذه الظروف على الصحة النفسية والجسدية للفرد والأسرة.
وكشفت دول عدّة عن ارتفاع نسبة البلاغات بشأن حالات العنف الأسري. على سبيل المثال، وصل عدد الحالات في بعض مناطق الصين إلى ثلاثة أضعاف المعدل السابق في غضون عدة أسابيع فقط من فرض إجراءات العَزْل والحَجْر. كما ارتفعت هذه النسبة في فرنسا لتصل إلى 32 في المائة. أما في العالم العربي، فقد ارتفعت نسبة البلاغات في لبنان إلى 60 في المائة، وفي تونس تجاوز العدد خمسة أضعاف المعدل السابق. وتعمل الجمعيات اللبنانية على وضع خطة استجابة وطنية، أما في تونس، فتعمل وزارة المرأة والأسرة والطفولة على تقديم الدعم النفسي وتوفير مركز إيواء للمعنفات. وفي فرنسا، أشارت وزارة الداخلية إلى أنه كوسيلة إضافية لمساعدة ضحايا العنف، فقد أصبح بإمكانهم اللجوء للصيدلية القريبة منهم للتبليغ والتي بدورها ستبلِّغ الشرطة.