استمع إلى الملخص
- تعمل وزارة الصحة اللبنانية على توفير الرعاية الصحية للنساء الحوامل في مراكز الإيواء، من خلال خط ساخن وعيادات نقالة بالتعاون مع منظمة تابعة للأمم المتحدة، لتقديم استشارات طبية مجانية ومتابعة الحمل.
- أطلقت ناشطات في المجتمع المدني مبادرات لتأمين مستلزمات الصحة الإنجابية والجنسية، مثل توفير مستلزمات الدورة الشهرية والعناية الشخصية، لتلبية احتياجات النساء الحوامل في ظل الظروف الصعبة.
تواجه النساء الحوامل النازحات إلى مراكز الإيواء المختلفة في لبنان خوفاً كبيراً في ظل غياب الفحوصات الدورية والاستشارات الطبية، ما يجعلهن خائفات على صحتهن وصحة أجنّتهن.
مع تصعيد العدو الإسرائيلي اعتداءاته على لبنان منذ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، أُجبر كثيرون على النزوح. وغالباً ما تفتقر مراكز الإيواء، ولا سيما المدارس، إلى احتياجات كثيرة ضرورية بالنسبة إلى النازحين، من بينها الاحتياجات النسائية الأساسية، خصوصاً بالنسبة إلى النساء الحوامل اللواتي يحتجن إلى خدمات صحية.
وأعرب صندوق الأمم المتحدة للسكان عن قلقه البالغ إزاء سلامة 520 ألف امرأة وفتاة تأثرن بالحرب في لبنان منذ 27 سبتمبر، من بينهن أكثر من 11 ألف امرأة حامل بحاجة ماسة إلى الرعاية الصحية. لم تتخيل فرح عواضة، التي نزحت من بلدة الشهابية (قضاء صور - جنوب لبنان)، أنها ستختبر مشاعر الحمل والأمومة الأولى في ظروف الحرب والنزوح. هي حامل في الشهر الخامس، وقد نزحت مع زوجها إلى مدرسة جبيل الرسمية منذ 20 يوماً. تقول لـ"العربي الجديد": "أعيش حالة من القلق والتوتر خوفاً على صحة الجنين. بعد وصولي إلى المدرسة، أصبت بتسمم غذائي، ما اضطرني للدخول إلى قسم الطوارئ في المستشفى خشية تعرض جسمي للجفاف". تضيف: "منذ وصولي إلى المدرسة، لم أرَ طبيب/ة نسائي/ة. أتابع مع طبيبتي عبر الهاتف للاستفسار عن أي عوارض يمكن أن أتعرض لها". تضيف: "وعدتني إدارة المدرسة بتأمين طبيبة نسائية لإجراء فحص طبي والمتابعة الدورية، وعملت على تأمين الفيتامينات التي أحتاجها. لكن في الوضع الذي نمر به، أخشى عدم قدرتي على القيام بالفحوصات اللازمة، بالإضافة إلى الصور التفصيلية للتأكد من صحة وسلامة الجنين من أي تشوهات".
في مدرسة رسول المحبة التابعة لجمعية المبرات الخيرية في جبيل (محافظة جبل لبنان)، تتحدث فاطمة منصور، النازحة من بلدة مركبا الجنوبية (قضاء مرجعيون)، لـ"العربي الجديد"، عن مشاعر الخوف التي تعيشها من خسارة الجنين، علماً أنها ممرضة كانت تمارس مهنتها في أحد مستشفيات الجنوب في الطابق المخصص لتوليد النساء. تقول: "منذ وصولي إلى مدينة جبيل لم أستشر أي طبيب. لكن القيمين على إدارة المدرسة يؤمنون الأدوية والفيتامينات اللازمة"، مضيفة: "أسترجع خبرتي المهنية في التمريض للتعامل مع أي عارض صحي قد يصيبني".
رولا رسلان (35 عاماً)، حامل في الشهر السابع، اضطرت إلى النزوح من منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت، علماً أنها تعاني من مشاكل صحية خلال الحمل. تقول لـ"العربي الجديد": "حتى الآن، لا أتقبل فكرة النزوح ولا أشعر بالاستقرار. وضعي الصحي يتطلب زيارة الطبيب النسائي كل عشرة أيام، وقد انقضت خمسة وعشرون يوماً على موعد زيارتي لطبيبي الذي تعرضت عيادته لتدمير كامل جراء القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت".
تخشى رسلان المتابعة مع طبيب جديد. تقول: "لدي خوف من فكرة تغيير الطبيب، إذ إن لدى طبيبي سجلي الصحي والنفسي وما عانيته خلال حملي الأول. كما أنني كنت أخضع لعلاج نفسي نظراً لظروف غير مستقرة مررت بها". تحتاج رسلان إلى أخذ حقنة سيلان يومية ودواء مسيل للدم بسبب مخاطر التجلطات يبلغ سعرها 25 دولاراً أميركياً، بالإضافة إلى دواء الحديد ويبلغ سعره 12 دولاراً أميركياً.
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية أنها خصصت خطاً ساخناً (1787-1214) لمرضى غسيل الكلى والسرطان والحوامل للحصول على الاستشفاء اللازم بتغطية 100%. وتقول منسقة الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة وفاء كنعان، لـ"العربي الجديد"، إن "وزارة الصحة ستتولى التغطية الاستشفائية للنساء الحوامل في مراكز الإيواء والنزوح بنسبة 80% للذين لا يمتلكون أي تغطية صحية لا من صندوق الضمان الإجتماعي ولا شركات التأمين أو تعاونية موظفي الدولة، فيما ستتكفل منظمة تابعة للأمم المتحدة بتغطية نسبة الـ20% المتبقية".
حتى الآن، لم تستطع وزارة الصحة تغطية كافة مراكز الإيواء في مناطق النزوح لتسجيل عدد النساء الحوامل. وتقول كنعان إن "دائرة الرعاية الصحية الأولية تتولى تغطية مراكز الإيواء المحددة من قبل الهيئة العليا للإغاثة في مناطق النزوح تدريجياً. ويأتي ذلك في إطار التعاون الوثيق مع الشركاء المحليين والدوليين بهدف إرسال فرق طبية متخصصة إلى مراكز الإيواء لتقييم الحاجات الصحية للنازحين وتقديم الخدمات الطبية المناسبة مجاناً".
تشرح كنعان آلية العمل المخصصة لمتابعة النساء الحوامل، وتقول: "في المرحلة الأولى، تم ربط مراكز الإيواء بمراكز الرعاية الصحية الأولية الذي يبلغ عددها 311 مركزاً موزعة على كامل المحافظات اللبنانية. وأنشئت عيادات نقالة تابعة لمراكز الرعاية الصحية الأولية، والتي تضم فرقاً متخصصة من أطباء وممرضين وفي بعض الأحيان قابلات قانونيات وعاملين صحيين مجتمعيين، لزيارة مراكز الإيواء وتقييم احتياجات النازحين والنساء الحوامل وتقديم الخدمات الطبية الأساسية".
تضيف كنعان: "في المرحلة الثانية، تحصل النساء على استشارات طبية مجانية تشمل متابعة الحمل، الكشف بعد الولادة، الكشف عن سوء التغذية للحوامل والمرضعات، بالإضافة إلى كشوفات الصحة الجنسية والإنجابية، والأدوية والفيتامينات الضرورية". تتابع: "تم ربط مراكز الإيواء بمراكز الرعاية الصحية الأولية ضمن الشبكة الوطنية التابعة لوزارة الصحة العامة، وذلك لتمكين النازحين من متابعة حالاتهم الصحية إذا ما تطلب الأمر خدمات طبية متخصصة غير متوفرة عبر العيادات النقالة".
ورداً على سؤال حول توفير الرعاية للأطفال الخدج، توضح كنعان أن "هناك أربعة مستشفيات حكومية تحتوي على أقسام متخصصة لرعاية الأطفال الخدج، وأن كلفة العلاج مغطاة بالكامل من قبل وزارة الصحة العامة في المستشفيات الحكومية التي تتوفر فيها هذه الأقسام".
مبادرات نسوية فردية في لبنان
وتنشط مبادرات فردية نسوية عدة أطلقتها ناشطات في المجتمع المدني لتأمين مستلزمات الصحية الإنجابية والجنسية في مراكز الإيواء. من بين هؤلاء الصحافية والناشطة الحقوقية ناهلة سلامة، وذلك منذ بداية الأزمة الاقتصادية في لبنان، التي تقول لـ"العربي الجديد": "منذ توسع العدوان الإسرائيلي على لبنان، عمدت إلى تفعيل مبادرتي المتعلقة باحتياجات النساء خلال الحرب، وجميع الأموال والمستلزمات هي تبرعات من قبل بعض الأصدقاء والناشطين في لبنان وخارجه". تضيف: "في جميع خطط الطوارئ، تستثنى احتياجات النساء، ولا تشمل الحصص الغذائية والمستلزمات التي توزع في مراكز الإيواء مثل أساسيات الدورة الشهرية، والفوط الصحية المخصصة لما بعد الولادة، ومستلزمات العناية الشخصية".
وتختم سلامة حديثها قائلة: "هناك احتياجات تتعلق بالنساء يغفل عنها في حالة الحرب تتعلق بالنساء، منها الفحوصات الدورية اللازمة للمرأة الحامل. وأغلب النازحات خرجن من منازلهم من دون ثياب، خاصة للنساء الحوامل، وهذا أيضاً تلزمه مبادرات فردية، ويجب أن تلتفت إليه الدولة والمعنيون".