حرب الأدمغة

24 نوفمبر 2018
قدرات المواجهة تتصاعد (مصطفى حسونة/الأناضول)
+ الخط -

دخلت حرب المقاومة الفلسطينية والفصائل في قطاع غزة ضد الحصار والاحتلال مرحلة جديدة بعد محاولة التوغل الإسرائيلية الأخيرة في خان يونس، هي مرحلة حرب الأدمغة والحرب على الوعي وعلى رواية ما حدث، بعد أن تمكنت المقاومة وأجهزتها المختلفة، من عرض صور لأشخاص قالت إنهم عناصر في القوة الإسرائيلية ومتعاونين عملاء ساعدوا القوة أثناء وجودها في خان يونس، وطلبت من الجمهور العام تزويدها بكل معلومة عن أصحاب هذه الصور.

الخطوة الفلسطينية رد عليها الاحتلال الإسرائيلي بخطوة مقابلة، لكنها موجهة للجمهور الإسرائيلي نفسه، عندما عممت الرقابة العسكرية الإسرائيلية إنذاراً موجّهاً للمواطنين عموماً، وليس لوسائل الإعلام الإسرائيلية أو العاملين في مجال الصحافة، من مغبة حتى مجرد تداول الصور التي عممتها كتائب القسام، على شبكات التواصل الاجتماعية، حتى لا تتمكن الأجهزة الفلسطينية، التي أثبتت في الماضي قدرتها على زرع برامج تجسس واختراق هواتف ذكية لجنود الاحتلال، من تتبع هذه المجموعات واختراقها وجمع معلومات إضافية.

بعض المحللين والمراقبين، تحديداً من مراسلي الجيش والأجهزة الأمنية في إسرائيل اعتبروا الخطوة الفلسطينية والرد الإسرائيلي مرحلة جديدة من حرب الأدمغة، أو حرب العقول بين الطرفين، مستذكرين قضية اغتيال الشهيد محمود المبحوح في الإمارات، وكيفية افتضاح أمر الجريمة الإسرائيلية، لكن يبدو أن الصدمة الإسرائيلية في غزة نابعة من "مفاجأة" الأجهزة الفلسطينية في القطاع، أجهزة الاحتلال في باب جمع المعلومات وترتيب تسلسل للأحداث، عبر الاستعانة أيضاً بكاميرات حماية "فردية" لمواطنين، ومن ثم عرض الاستنتاجات ونتائج التحقيقات، بشكل أخاف الطرف الإسرائيلي من القدرات الحقيقية التي تعكسها عملية نشر صور عناصر القوة والمتعاونين معهم.

هي إذا حرب أدمغة بين طرفين، ولم تعد عملية جمع المعلومات، والتجسس حكراً على طرف، بل بات الطرف الفلسطيني، في القطاع، قادرا، بدوره، بعد أن أثبت سابقاً قدرة على اختراق هواتف ذكية لجنود في الجيش، على أن يهدد دولة الاحتلال بسلاح مماثل بما يكسر ربما، معادلة أخرى من معادلات الصراع والمواجهة، ويؤسس لمرحلة جديدة تراكم فيها المقاومة وفصائلها قدرات وخبرات سيكون لها حتماً، أثر في جولات المواجهة المقبلة في حال اندلاعها، تحديداً في مجالات رصد التحركات الإسرائيلية، سواء النشاطات العسكرية الظاهرة والمعلنة، أم وبشكل أشد خطورة من وجهة نظر الاحتلال، في كشف مزيد من النشاط السري الإسرائيلي في غزة وربما أيضاً خارجها.

المساهمون