استمع إلى الملخص
- الدبلوماسية المصرية والمنافسة الإقليمية: تواصل مصر استخدام الأدوات الدبلوماسية لحل الخلافات مع إثيوبيا، وسط محاولات الأخيرة للحصول على ميناء في المياه الصومالية، وأكد وزير الخارجية المصري على عدم تسامح مصر مع التهديدات الوجودية.
- الدعم المصري للصومال: تدعم مصر الصومال بسبب الأوضاع الصعبة هناك، ويعكس هذا الدعم العلاقات التاريخية بين البلدين، ويهدف للحفاظ على الأمن القومي المصري في منطقة القرن الأفريقي.
عادت قضية سد النهضة الإثيوبي خلال الأيام لتحضر في تصريحات كل من الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس مجلس النواب حنفي جبالي. وانتقد جبالي، في كلمته خلال افتتاح الدورة البرلمانية أول من أمس الثلاثاء، إثيوبيا لأنها "أفشلت كل المساعي المبذولة لحل الأزمة"، مؤكداً أن مجلس النواب "يرفض السياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة لقواعد القانون الدولي"، ومشدداً على أن "مصر لن تتهاون مع أي مساس بأمنها المائي أو أي تهديد لمقدرات الشعب المصري الذي يمثل نهر النيل شريان الحياة الأوحد له". كما ثمّن "موقف القيادة المصرية التاريخي في الدفاع عن سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه"، على حد قوله. من جهته، حرص السيسي، في حديث له على هامش الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من ضباط الشرطة الأحد الماضي، على تناول الملفات الإقليمية والدولية ومن بينها ملف سد النهضة والوضع في الصومال، موجهاً ما يشبه الرسائل إلى الأطراف المعنية بتلك الملفات.
ورداً على سؤال بشأن سد النهضة، قال السيسي: "إننا نحاول قدر الإمكان المشاركة في جلسات مختلفة ونقاشات، واستخدام أدواتك السياسية والدبلوماسية و(حاجات أخرى كتير) لمنع (الشر المحتمل)". ورغم أن السيسي في حديثه عن سد النهضة، لم يوضح ما المقصود بــ"الأدوات الأخرى"، ولا "الشر المحتمل" لكنه أشار إلى أنه "خلال السنوات الـ10 الماضية تم إنفاق أرقام مالية ضخمة جداً في تحسين ومعالجة المياه على مستوى الجمهورية بالكامل. نتكلم عن 400 مليار جنيه (نحو 8.26 مليارات دولار) وأكثر في محطات معالجة ثلاثية متطورة".
تدويل قضية سد النهضة
وقال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير حسين هريدي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "مقصد الرئيس من استخدام مصطلح الأدوات الدبلوماسية، يعني الاستمرار في المفاوضات والجهود السلمية لتسوية الخلافات القائمة في كافة الملفات بين الأطراف".
وفي السياق، رأى الكاتب والباحث في شؤون القرن الأفريقي، هاشم علي، أن "التحركات الدبلوماسية المصرية ورفع شكوى إلى مجلس الأمن، بشأن ما تراه من تجاوزات إثيوبيا في قضية سد النهضة وتهديد أمنها المائي، يأتي في سياق المنافسة بين الدولتين"، قائلاً في حديث لـ"العربي الجديد" إن "المنافسة بالنسبة لمصر لا تنفصل فيها قضية الميناء الذي تحاول إثيوبيا أن تحصل عليه في المياه الصومالية، عن قضية سد النهضة التي تشكل فرصة لمصر لزيادة ضغوطها على إثيوبيا ومحاولتها لتدويل قضية سد النهضة".
الباحث هاشم علي: التحركات الدبلوماسية المصرية تأتي بسياق المنافسة بين الدولتين
وفي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم السبت الماضي، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، إن المفاوضات بشأن السد انتهت في ديسمبر/كانون الأول 2023، بعد 13 عاماً من التفاوض بدون جدوى وفي ظل استمرار الإجراءات الإثيوبية الأحادية في انتهاك صارخ للقانون الدولي وبخاصة اتفاق إعلان المبادئ لعام 2015 والبيان الرئاسي لمجلس الأمن لعام 2022". وأكد عبد العاطي أنه "مخطئ من يتوهم أن مصر ستغض الطرف أو تتسامح مع تهديد وجودي لبقائها".
وفي موضوع غير بعيد عن أزمة سد النهضة والقرن الأفريقي، تحدث الرئيس المصري عن الأوضاع في الصومال في ظل تصاعد التوتر بين إثيوبيا من جهة وبين مصر والصومال من جهة أخرى. وقال السيسي: "ندعم الصومال مش عشان إثيوبيا.. بندعم الصومال لأن الدولة دي في حالة عدم استقرار من أكثر من 30 عاماً".
رسالة ردع مصرية
وفي السياق، قال المستشار بالأكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والأمنية، معتصم عبد القادر الحسن، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن السيسي "يجب ألا يفسر الدعم المصري للصومال بأنه ضد إثيوبيا أو محاولة من مصر للاستعانة بالصومال ودعمها في كافة المجالات بغرض استعداء إثيوبيا، بل يؤكد أن الدعم المصري للصومال موقف أصيل يراعي العلاقات التاريخية بين البلدين، ويضع في الاعتبار الأوضاع القاسية التي تعيشها الدولة الصومالية منذ ثلاثين عاما". وأوضح أنّ السيسي "أشار إلى أنه من حق مصر استخدام علاقاتها مع الصومال والدول الصديقة الأخرى واستخدام وسائل وأدوات السياسة الدولية، من عرض لقضايا الخلاف أمام الأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقي لجلب المصالح ودفع الشرور المحتملة التي تمارسها بعض الدول والقوى المساندة لها في الإقليم. كما أنه من حق مصر كدولة، أن تمارس سيادتها المشروعة، وأن تتحالف مع الدول التي تحقق المصالح المشتركة، كما أنه من حقها أن تعقد كافة أشكال الاتفاقيات السياسية والعسكرية والتي تشمل التدريب والنواحي الأخرى".
الخبيرة نجلاء مرعي: الدعم العسكري المصري للصومال يهدف للحفاظ على الأمن القومي المصري
بدورها قالت الخبيرة في الشؤون الأفريقية، نجلاء مرعي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأيام الماضية شهدت تطورات كبيرة في ما يتعلق بالدعم العسكري المصري للصومال، وهذا من وجهة نظري، يهدف للحفاظ على الأمن القومي المصري، ويتوافق مع قواعد القانون الدولي، والعلاقات التي تربط بين القاهرة ومقديشو منذ أعوام، وهي خطوة استراتيجية بالنسبة لمصر، على صعيد الدفاع عن مصالحها ضد مهددات أمنها القومي في منطقة مضطربة وهشة بالأساس وهي منطقة القرن الأفريقي". وبرأي مرعي فإن "الموقف المصري هو عبارة رسالة ردع مباشرة، تستطيع الدولة المصرية من خلالها، أن تحافظ على مصالحها - من دون أي تصعيد- لأنه كما نعلم، إثيوبيا تتجه في عدة مسارات للتأثير على الأمن القومي المصري خصوصاً في ملف سد النهضة وملف الاتفاقية مع أرض الصومال".