عندما قرر نابليون الثالث غزو بروسيا وجدت الحكومة البريطانية نفسها في حالة حيرة، فمن جهة كانت علاقتها قد بدأت بالتحسن مع فرنسا، بعد سلسلة الحروب البونابرتية، ومن جهة أخرى هناك أواصر قربى تربطها بالعائلة المالكة البروسية، لذلك وقفت على الحياد وأصدرت قانوناً يمنع المواطنين البريطانيين من الانضمام إلى جيوش تقاتل بلداناً ليست في حالة حرب مع بريطانيا.
سُمّي هذا التشريع بـ "قانون الانضمام إلى الجيوش الأجنبية لعام 1870"، بموجب هذا القانون - ساري المفعول الى اليوم - يعاقب أي بريطاني يخرقه بالسجن، أو الغرامة، أو بكليهما، إلا إذا كان حاصلاً على ترخيص من حكومة التاج البريطاني يخوله فعل ذلك.
القانون السابق كان شبه منسي، أو لا يعمل أحد بموجبه، خصوصاً بعدما فشلت الحكومة البريطانية في تطبيقه على مواطنيها الذين انخرطوا في صفوف الجمهوريين الإسبان في مواجهة كتائب فرانكو الفاشية، لكن هناك دائماً من ينبش في ما هو منسي، منهم بعض الناشطين لصالح حقوق الشعب الفلسطيني ممن وثقوا انخراط بريطانيين يهود في حروب اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الذي ليس في حالة عداء مع بريطانيا.
مؤخراً قررت الحكومة البريطانية محاكمة البريطانيين الذين يقاتلون في صفوف تنظيمي "داعش" و"النصرة"، بموجب قوانين الإرهاب، كما اقترح البعض سنّ قوانين تجردهم من جنسيتهم أو تمنعهم من العودة إلى بريطانيا. وهو ما أثار مفارقة واضحة، ففي الحالتين هناك بريطانيون يقاتلون شعوباً لا عداء بينها وبين بريطانيا، وفي الحالتين هناك أبرياء يُقتلون، وفي الحالتين هناك خرق للقانون البريطاني المذكور، فلِمَ يتم تطبيق القانون على بريطانيين دون آخرين؟
العداء ضد المسلمين
ترى ديبورا ماكوبي، من "منظّمة يهود من أجل عدالة الفلسطينيين"، أنّ تفجيرات 7 يوليو/تموز الإرهابية ومقتل الجندي البريطاني رغبي ذبحاً في أحد شوارع لندن، أديا إلى إثارة نوع من العداء تجاه المسلمين في بريطانيا، وتقول لـ"العربي الجديد": "بات الشباب العائد من سورية والعراق يهدّد المجتمع البريطاني بنظر العامة والحكومة، ممّا دفع الأخيرة إلى اتخاذ اجراءات صارمة بحقهم".
في المقابل لفتت ماكوبي إلى توقيع عريضة هذا العام تدعو إلى إلقاء القبض على الشباب البريطاني اليهودي الذي ينضم إلى القتال في الجيش الاسرائيلي، كون ذلك يناقض قانون عام 1870.
طالبت هذه العريضة الالكترونية بملاحقتهم من قبل القضاء البريطاني، ووقّع عليها ما يزيد عن عشرة آلاف شخص، ما دفع جهة مختصة في الحكومة البريطانية، حسب ماكوبي، إلى الرد عليها بالقول إن السلام في الشرق الأوسط يبقى ضمن أولوياتها، وإنّ الأراضي الفلسطينية المحتلة غير معترف بها كدولة من قبل بريطانيا، وإسرائيل تنفذ عمليات عسكرية ضد أفراد وجماعات من دون أن تعلن الحرب، وفي ظل هذه الظروف لا ينطبق قانون 1870".
في المقابل دعت منظمة "نيو بروفايل" إلى الإفراج عن المعتقلين البريطانيين في السجون الإسرائيلية من اليهود الرافضين للخدمة في الجيش الاسرائيلي، ومنهم أودي سيغال (18 عاماً) الشاب اليهودي الذي رفض القتال في الجيش الإسرائيلي في 29 سبتمبر/أيلول 2014، بسبب معارضته الاحتلال والتمييز ضد الشعب الفلسطيني.
ويرى أورييل فيريرا اليهودي البريطاني الرافض للخدمة بجيش الاحتلال أن:"القوات الإسرائيلية تنتهك حقوق الإنسان وتقتل الشعب الفلسطيني وتستهدف المدنيين الأبرياء، وهو ما يناقض تعاليمه الدينية وجعله يدفع الثمن بالسجن 70 يوماً".
الجندية الإجبارية
تمنح الحكومة الإسرائيلية الجنسية لكل يهودي يهاجر إلى فلسطين المحتلة، باعتبار ذلك نوعاً من الحق المدني والإلهي، وتفرض بالتالي، على غالبية مواطنيها، الالتحاق بالخدمة العسكرية الإجبارية، كما يُسمح للأشخاص غير الإسرائيليين المنحدرين من جذور يهودية، حتى وإن كانت لجهة أحد الأجداد، بالانضمام إلى الجيش الإسرائيلي، ما أدى إلى انضمام عدد من المهاجرين البريطانيين اليهود إلى القوات الإسرائيلية المسلّحة، متجاهلين قانون عام 1870.
بيد أنّ الأمور اختلفت لدى بدء توجّه شباب بريطاني مسلم إلى سورية من أجل القتال، إذ ازدحمت وسائل الإعلام بأخبار وأسماء هؤلاء، ونشطت الحكومة في التهديد، ممّا أثار موجة من التساؤلات. حتّى خصّصت المحطة الرابعة في برنامج " التحقق من الحقائق" (check facts)، حلقة خاصّة حول البريطانيين الذين يحاربون في صفوف الجيش الاسرائيلي، وقارنتهم بأولئك الذين يقاتلون في سورية والعراق.
أثارت تلك الحلقة ردود فعل مختلفة في المجتمع البريطاني، حيث استنكر غالبيتهم وجه الشبه بين الجهتين وعلّق البعض منهم بالقول إنّها محاولة بائسة لصرف الانتباه عن المعضلة الحقيقية التي تهدّد بريطانيا في الوقت الحالي وهي "الإسلام الراديكالي".
في المقابل دعا فاروق صديقي، المستشار السابق للحكومة البريطانية المتخصّص في معالجة التطرف في المجتمعات الإسلامية، إلى التوقف عن تجريم الشباب الذين يتوجهون للحرب في سورية للقتال ضد نظام بشار الأسد، ومنع أي شخص من المشاركة في حرب خارج بريطانيا، إن كان لجهة منظمة عسكرية قانونية أو جماعات مسلحة، لأنّ أثرها على المقاتل واحد في كل الحالات.
الداخلية البريطانية: التجريم ليس أتوماتيكياً
سألت "العربي الجديد" بن ستاك، في مكتب إعلام وزارة الداخلية البريطانية، عن هذه الازدواجية في التعامل، فردّ إنّنا ننظر إلى كل شخص قد يهدّد أمن المجتمع البريطاني، بغض النظر عن الجهة التي يؤيدها، نفس النظرة، بيد أنّ وسائل الإعلام تسلّط الضوء على العائدين من سورية والذين حاربوا مع تنظيم "داعش"، لكن المسألة ليست أسود أو أبيض، فقد لا يشكّل عائد من سورية خطراً.
ولفت ستاك إلى وجود برنامج في بريطانيا يدعى "القناة" (channel) يعمل على تقديم الدعم للأفراد القادمين من مناطق الصراع في سورية وغيرها. أمّا عن أعداد البريطانيين - اليهود الملتحقين بالجيش الاسرائيلي، فقال ستاك إنّه لا توجد لديهم أرقام دقيقة عن هؤلاء الأشخاص، لأنّهم لا يأتون إليهم لتسجيل أسمائهم قبل التوجّه إلى إسرائيل، ولكن حتى لو امتلكوا تلك المعلومة فلن يعملوا على نشرها للعامة.
وتابع ستاك أنّ "الحكومة البريطانية لا تتعامل مع الشخص العائد من سورية على أنّه مجرم بشكل أوتوماتيكي إن حارب إلى جانب "داعش"، أو إلى جانب الجيش الإسرائيلي. إنّها ليست قاعدة، فهناك تحقيقات تجري للكشف عن نوع الصراع والأفعال التي قام بها كل شخص على حدة في الحرب، سواء كان مع الجيش أو مع جماعات مسلحة، فحكومة بريطانيا لا تجرّم شخصاً إلاّ على أفعاله".
من جهته قال نذير أحمد، عضو مجلس اللوردات البريطاني، لـ "العربي الجديد"، إنّ السلطات شجّعت الليبيين - البريطانيين أن يحملوا السلاح ضدّ نظام القذافي في ليبيا، وعادوا بعد ذلك إلى المجتمع البريطاني من دون أن يتعرّضوا لأي مساءلة قانونية. مشيراً إلى اعتقاده أن الجيش الإسرائيلي المنظّم، متورّط بانتهاك القوانين الدولية في غزة ولمرّات عديدة.
بريطانيا في المقدمة
أنجم شودري، الناشط السياسي البريطاني أكد أنّ قانون عام 1870 لم يمنع اليهود البريطانيين من الالتحاق بالجيش الإسرائيلي، لأنّ بريطانيا تدعم إسرائيل وليس لديها أية مشكلة مع حكومة إسرائيل المحتلة لأرض فلسطين، والتي تقتل الرجال والنساء والأطفال، وأضاف لـ "العربي الجديد": "بريطانيا هي الدولة التي قدّمت أرض فلسطين إلى اليهود وقالت إنّها أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، وهناك العديد من القوانين التي انتهكت في بريطانيا، ليس فقط قانون 1870".
وقال شودري إنّ بريطانيا أرسلت جيوشها إلى أفغانستان والعراق، متورّطة في الصراع الدائر الآن في سورية والعراق لذلك تشعر بتهديد أولئك المقاتلين إن عادوا إليها، وتابع أنّ "البريطانيين تألموا سابقاً من اعتداءات 7 يوليو/تموز الارهابية كما عانى الأميركيون من اعتداء 11سبتمبر"، ولفت إلى أنّ المجتمع المسلم يشعر بالاضطهاد من الكثير من القوانين التي تستهدفه، "إذ بات الناس أكثر عنصرية تجاه الإسلام في بريطانيا، وعلى الرغم من سوء أوضاع المسلمين في جميع أنحاء أوروبا" لكنّها تبقى، حسب قوله، "في أسوأ حالاتها في بريطانيا".
وقدر شودري التحاق 100 بريطاني - يهودي بالقوات المسلحة الإسرائيلية، قائلاً "ليس هذا الأمر مستغرباً، إن لم يكن العدد أكثر من ذلك بكثير، بيد أنّهم لا يعلنون عن الأعداد الحقيقية كي يتجنّبوا إثارة دعاية قد تؤثر عليهم سلباً".
الجدير بالذكر أن منظمّتي "ليبرتي" و"العفو الدولية" اللتين تدعمان حقوق الإنسان والحريات في بريطانيا والعالم، رفضتا الإجابة عن أسئلة "العربي الجديد" التي تتعلّق بهذا الموضوع، كما تعذّر الوصول إلى أرقام دقيقة أو احصاءات بسبب غياب التقارير والمعلومات عن أعداد البريطانيين اليهود في الجيش الاسرائيلي، في وقت استطاعت فيه وزارة الداخلية أن تكشف عن عدد المغادرين إلى سورية والعراق، مع أرقامهم وهوياتهم وأعمارهم وبعض تفاصيل حياتهم.
سُمّي هذا التشريع بـ "قانون الانضمام إلى الجيوش الأجنبية لعام 1870"، بموجب هذا القانون - ساري المفعول الى اليوم - يعاقب أي بريطاني يخرقه بالسجن، أو الغرامة، أو بكليهما، إلا إذا كان حاصلاً على ترخيص من حكومة التاج البريطاني يخوله فعل ذلك.
القانون السابق كان شبه منسي، أو لا يعمل أحد بموجبه، خصوصاً بعدما فشلت الحكومة البريطانية في تطبيقه على مواطنيها الذين انخرطوا في صفوف الجمهوريين الإسبان في مواجهة كتائب فرانكو الفاشية، لكن هناك دائماً من ينبش في ما هو منسي، منهم بعض الناشطين لصالح حقوق الشعب الفلسطيني ممن وثقوا انخراط بريطانيين يهود في حروب اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الذي ليس في حالة عداء مع بريطانيا.
مؤخراً قررت الحكومة البريطانية محاكمة البريطانيين الذين يقاتلون في صفوف تنظيمي "داعش" و"النصرة"، بموجب قوانين الإرهاب، كما اقترح البعض سنّ قوانين تجردهم من جنسيتهم أو تمنعهم من العودة إلى بريطانيا. وهو ما أثار مفارقة واضحة، ففي الحالتين هناك بريطانيون يقاتلون شعوباً لا عداء بينها وبين بريطانيا، وفي الحالتين هناك أبرياء يُقتلون، وفي الحالتين هناك خرق للقانون البريطاني المذكور، فلِمَ يتم تطبيق القانون على بريطانيين دون آخرين؟
العداء ضد المسلمين
ترى ديبورا ماكوبي، من "منظّمة يهود من أجل عدالة الفلسطينيين"، أنّ تفجيرات 7 يوليو/تموز الإرهابية ومقتل الجندي البريطاني رغبي ذبحاً في أحد شوارع لندن، أديا إلى إثارة نوع من العداء تجاه المسلمين في بريطانيا، وتقول لـ"العربي الجديد": "بات الشباب العائد من سورية والعراق يهدّد المجتمع البريطاني بنظر العامة والحكومة، ممّا دفع الأخيرة إلى اتخاذ اجراءات صارمة بحقهم".
في المقابل لفتت ماكوبي إلى توقيع عريضة هذا العام تدعو إلى إلقاء القبض على الشباب البريطاني اليهودي الذي ينضم إلى القتال في الجيش الاسرائيلي، كون ذلك يناقض قانون عام 1870.
طالبت هذه العريضة الالكترونية بملاحقتهم من قبل القضاء البريطاني، ووقّع عليها ما يزيد عن عشرة آلاف شخص، ما دفع جهة مختصة في الحكومة البريطانية، حسب ماكوبي، إلى الرد عليها بالقول إن السلام في الشرق الأوسط يبقى ضمن أولوياتها، وإنّ الأراضي الفلسطينية المحتلة غير معترف بها كدولة من قبل بريطانيا، وإسرائيل تنفذ عمليات عسكرية ضد أفراد وجماعات من دون أن تعلن الحرب، وفي ظل هذه الظروف لا ينطبق قانون 1870".
في المقابل دعت منظمة "نيو بروفايل" إلى الإفراج عن المعتقلين البريطانيين في السجون الإسرائيلية من اليهود الرافضين للخدمة في الجيش الاسرائيلي، ومنهم أودي سيغال (18 عاماً) الشاب اليهودي الذي رفض القتال في الجيش الإسرائيلي في 29 سبتمبر/أيلول 2014، بسبب معارضته الاحتلال والتمييز ضد الشعب الفلسطيني.
ويرى أورييل فيريرا اليهودي البريطاني الرافض للخدمة بجيش الاحتلال أن:"القوات الإسرائيلية تنتهك حقوق الإنسان وتقتل الشعب الفلسطيني وتستهدف المدنيين الأبرياء، وهو ما يناقض تعاليمه الدينية وجعله يدفع الثمن بالسجن 70 يوماً".
الجندية الإجبارية
تمنح الحكومة الإسرائيلية الجنسية لكل يهودي يهاجر إلى فلسطين المحتلة، باعتبار ذلك نوعاً من الحق المدني والإلهي، وتفرض بالتالي، على غالبية مواطنيها، الالتحاق بالخدمة العسكرية الإجبارية، كما يُسمح للأشخاص غير الإسرائيليين المنحدرين من جذور يهودية، حتى وإن كانت لجهة أحد الأجداد، بالانضمام إلى الجيش الإسرائيلي، ما أدى إلى انضمام عدد من المهاجرين البريطانيين اليهود إلى القوات الإسرائيلية المسلّحة، متجاهلين قانون عام 1870.
بيد أنّ الأمور اختلفت لدى بدء توجّه شباب بريطاني مسلم إلى سورية من أجل القتال، إذ ازدحمت وسائل الإعلام بأخبار وأسماء هؤلاء، ونشطت الحكومة في التهديد، ممّا أثار موجة من التساؤلات. حتّى خصّصت المحطة الرابعة في برنامج " التحقق من الحقائق" (check facts)، حلقة خاصّة حول البريطانيين الذين يحاربون في صفوف الجيش الاسرائيلي، وقارنتهم بأولئك الذين يقاتلون في سورية والعراق.
أثارت تلك الحلقة ردود فعل مختلفة في المجتمع البريطاني، حيث استنكر غالبيتهم وجه الشبه بين الجهتين وعلّق البعض منهم بالقول إنّها محاولة بائسة لصرف الانتباه عن المعضلة الحقيقية التي تهدّد بريطانيا في الوقت الحالي وهي "الإسلام الراديكالي".
في المقابل دعا فاروق صديقي، المستشار السابق للحكومة البريطانية المتخصّص في معالجة التطرف في المجتمعات الإسلامية، إلى التوقف عن تجريم الشباب الذين يتوجهون للحرب في سورية للقتال ضد نظام بشار الأسد، ومنع أي شخص من المشاركة في حرب خارج بريطانيا، إن كان لجهة منظمة عسكرية قانونية أو جماعات مسلحة، لأنّ أثرها على المقاتل واحد في كل الحالات.
الداخلية البريطانية: التجريم ليس أتوماتيكياً
سألت "العربي الجديد" بن ستاك، في مكتب إعلام وزارة الداخلية البريطانية، عن هذه الازدواجية في التعامل، فردّ إنّنا ننظر إلى كل شخص قد يهدّد أمن المجتمع البريطاني، بغض النظر عن الجهة التي يؤيدها، نفس النظرة، بيد أنّ وسائل الإعلام تسلّط الضوء على العائدين من سورية والذين حاربوا مع تنظيم "داعش"، لكن المسألة ليست أسود أو أبيض، فقد لا يشكّل عائد من سورية خطراً.
ولفت ستاك إلى وجود برنامج في بريطانيا يدعى "القناة" (channel) يعمل على تقديم الدعم للأفراد القادمين من مناطق الصراع في سورية وغيرها. أمّا عن أعداد البريطانيين - اليهود الملتحقين بالجيش الاسرائيلي، فقال ستاك إنّه لا توجد لديهم أرقام دقيقة عن هؤلاء الأشخاص، لأنّهم لا يأتون إليهم لتسجيل أسمائهم قبل التوجّه إلى إسرائيل، ولكن حتى لو امتلكوا تلك المعلومة فلن يعملوا على نشرها للعامة.
وتابع ستاك أنّ "الحكومة البريطانية لا تتعامل مع الشخص العائد من سورية على أنّه مجرم بشكل أوتوماتيكي إن حارب إلى جانب "داعش"، أو إلى جانب الجيش الإسرائيلي. إنّها ليست قاعدة، فهناك تحقيقات تجري للكشف عن نوع الصراع والأفعال التي قام بها كل شخص على حدة في الحرب، سواء كان مع الجيش أو مع جماعات مسلحة، فحكومة بريطانيا لا تجرّم شخصاً إلاّ على أفعاله".
من جهته قال نذير أحمد، عضو مجلس اللوردات البريطاني، لـ "العربي الجديد"، إنّ السلطات شجّعت الليبيين - البريطانيين أن يحملوا السلاح ضدّ نظام القذافي في ليبيا، وعادوا بعد ذلك إلى المجتمع البريطاني من دون أن يتعرّضوا لأي مساءلة قانونية. مشيراً إلى اعتقاده أن الجيش الإسرائيلي المنظّم، متورّط بانتهاك القوانين الدولية في غزة ولمرّات عديدة.
بريطانيا في المقدمة
أنجم شودري، الناشط السياسي البريطاني أكد أنّ قانون عام 1870 لم يمنع اليهود البريطانيين من الالتحاق بالجيش الإسرائيلي، لأنّ بريطانيا تدعم إسرائيل وليس لديها أية مشكلة مع حكومة إسرائيل المحتلة لأرض فلسطين، والتي تقتل الرجال والنساء والأطفال، وأضاف لـ "العربي الجديد": "بريطانيا هي الدولة التي قدّمت أرض فلسطين إلى اليهود وقالت إنّها أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، وهناك العديد من القوانين التي انتهكت في بريطانيا، ليس فقط قانون 1870".
وقال شودري إنّ بريطانيا أرسلت جيوشها إلى أفغانستان والعراق، متورّطة في الصراع الدائر الآن في سورية والعراق لذلك تشعر بتهديد أولئك المقاتلين إن عادوا إليها، وتابع أنّ "البريطانيين تألموا سابقاً من اعتداءات 7 يوليو/تموز الارهابية كما عانى الأميركيون من اعتداء 11سبتمبر"، ولفت إلى أنّ المجتمع المسلم يشعر بالاضطهاد من الكثير من القوانين التي تستهدفه، "إذ بات الناس أكثر عنصرية تجاه الإسلام في بريطانيا، وعلى الرغم من سوء أوضاع المسلمين في جميع أنحاء أوروبا" لكنّها تبقى، حسب قوله، "في أسوأ حالاتها في بريطانيا".
وقدر شودري التحاق 100 بريطاني - يهودي بالقوات المسلحة الإسرائيلية، قائلاً "ليس هذا الأمر مستغرباً، إن لم يكن العدد أكثر من ذلك بكثير، بيد أنّهم لا يعلنون عن الأعداد الحقيقية كي يتجنّبوا إثارة دعاية قد تؤثر عليهم سلباً".
الجدير بالذكر أن منظمّتي "ليبرتي" و"العفو الدولية" اللتين تدعمان حقوق الإنسان والحريات في بريطانيا والعالم، رفضتا الإجابة عن أسئلة "العربي الجديد" التي تتعلّق بهذا الموضوع، كما تعذّر الوصول إلى أرقام دقيقة أو احصاءات بسبب غياب التقارير والمعلومات عن أعداد البريطانيين اليهود في الجيش الاسرائيلي، في وقت استطاعت فيه وزارة الداخلية أن تكشف عن عدد المغادرين إلى سورية والعراق، مع أرقامهم وهوياتهم وأعمارهم وبعض تفاصيل حياتهم.