وكان دعاة حماية البيئة، ثاني قوة سياسية بالبلاد في نوايا التصويت، أوائل الذين اقترحوا هذا الأسبوع تعديل القانون الأساسي، الذي أقر في الثامن من أيار/مايو 1945، ويعد عماد ألمانيا الديمقراطية، وتطغى على هذا النص بشكل واضح الرغبة في الرفض الجذري لاضطهاد النازيين للأقليات.
وقال زعيم حزب الخضر، روبرت هابيك، في مقال بصحيفة "تاغيس-تسايتونغ" اليسارية إنه "حان القوت لننسى العنصرية، كلنا معاً"، ورأى في أوج العديد من التظاهرات لإدانة التمييز وتكريم ذكرى جورج فلويد، أن "إزالة كلمة "عرق" من القانون الأساسي ستشكل إشارة واضحة في هذا الاتجاه".
وفلويد رجل أسود في السادسة والأربعين من العمر توفي في 25 أيار/مايو اختناقاً تحت ركبة شرطي أبيض في مينيابوليس في الولايات المتحدة، وتحول إلى رمز لحركة الاحتجاج.
ويشير هابيك إلى المادة الثالثة من الدستور الألماني، التي تنص على أن "لا أحد يفترض أن يتعرض لتمييز أو يحصل على امتياز بسبب جنسه أو أسلافه أو عرقه أو لغته أو وطنه أو أصله أو معتقداته أو آرائه الدينية أو السياسية"، ويرى دعاة حماية البيئة أنه "ليست هناك "أعراق" بل كائنات بشرية".
وما زال الدستور، الذي تمت صياغته بعد الحرب العالمية الثانية، يتضمن رؤية عرقية وبيولوجية للبشر، موروثة عن القرن التاسع عشر، وأصبحت بالية الآن، وهذا المطلب الذي يطرحه اليسار منذ سنوات، عاد في شباط/فبراير بعد اعتداء عنصري في هاناو، حيث قتل ألماني تسعة أشخاص من أصول أجنبية.
وحصل "الخضر" على دعم اليسار الراديكالي الممثل بحزب "اليسار" (دي لينكه) والحزب الليبرالي اليميني والاشتراكيين الديمقراطيين، الشركاء الذين يمثلون أقلية في التحالف الحكومي مع المحافظين الذي تقوده أنغيلا ميركل.
أما مدير مكتب مكافحة التمييز، برنهارد فرانكه، الذي يتمتع بنفوذ كبير، فيدعو أيضاً الى شطب الكلمة، ويقترح في الوقت نفسه استخدام عبارة "تمييز عرقي" أو "نسب عرقي" كما فعل الكثير من المقاطعات حتى الآن.
وحتى الآن يبدو أن المحافظين بقيادة ميركل يحققون بعض التقدم، فقد صرح وزير الداخلية الألماني هورست سيهوفر، الذي يتحدر من بافاريا والمعروف بمواقفه التقليدية المحافظة جداً، بأنه "منفتح على النقاش"، حتى ولو أنه اعتبر أن الأهم هو "احتواء العنصرية في التطبيق" العملي.
وأوضح المتحدث باسم المستشارة الألمانية ستيفن سيبرت، الجمعة، أن أنغيلا ميركل "منفتحة على نقاش من هذا النوع، إن الحجج التي نسمعها من هنا وهناك تجعلنا نفكر"، وأشار إلى أجواء إدراج هذا المصطلح في سياق تاريخي لمرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، فقال إن "من صاغوا الدستور ... أرادوا إعطاء إشارة واضحة" ضد كل أنواع العنصرية "بعد سنوات من الهوس العرقي أغرقت بلادنا وكل القارة في بلاء لا يمكن وصفه".
وبعد بعض المماطلات، أعلنت وزيرة العدل كريستين لامبرشت، الجمعة، أنها تؤيد حذف الكلمة، وأشارت إلى أن دخول القانون الأساسي، عام 1949، حيز التنفيذ مبررٌ معتبرةً "أننا في حقبة أخرى اليوم، وأنه يجب حذف هذه الكلمة من دستورنا".
وفي هذا الجدل، كتبت صحيفة دي فيلت المحافظة ساخرة "بعض الألمان حققوا تقدماً رائعاً إلى درجة أنهم باتوا يجدون كلمة "عرق" لا تحتمل (...) لكنهم لا يرسلون أبناءهم إلى المدرسة مع العديد من العرب والأتراك بل إلى أماكن يجدون فيها انتماءهم الإثني، وهذا بالتحديد ما يجب أن يتغير".
لكن العقبات في طريق تغيير كهذا ما زالت كبيرة، فأي تعديل في القانون الأساسي يتطلب أغلبية الثلثين في البرلمان.
(فرانس برس)