تونس: سباق بين الحكومة والمجتمع المدني لمكافحة الفساد

وفي إطار تعزيز مبادئ المساءلة والشفافية التي تعهد به رئيس الحكومة التونسية، الحبيب الصيد، في جلسة منح وزرائه الجدد الثقة أمام البرلمان الشهر الماضي، والسعي إلى تركيزها ومأسستها، أقدمت رئاسة الحكومة صباح اليوم، الأربعاء، على نشر وثيقة ميثاق الشرف، مرفقة بتوقيعات الوزراء، تنص على أن يلتزم هؤلاء بوضع مصلحة الوطن فوق المصالح الخاصة والحزبية، وعدم تحقيق مكاسب ومنافع خاصة باستعمال صفتهم الحكومية، كما يتعهد أعضاء الحكومة بتفعيل آليات الرقابة والشفافية في وزاراتهم ومناهضة البيروقراطية، والتفاعل الآني مع مشاغل المواطنين علاوة على الالتزام بالتحفظ والتضامن الحكومي.

في سياق متصل، أُطلقت اليوم، الأربعاء، رسمياً البوابة المخصصة للإبلاغ عن حالات الفساد، ويتلقى هذا الموقع الشكاوى المتعلقة بالاختلالات المتمثلة في طلب أو قبول رشوة، أو تحقيق فائدة بغير موجب بأية صفة كانت، أو الامتناع عن تأدية العمل المطلوب، وعدم الالتزام بالتعليمات لتحقيق منفعة شخصية أو لفائدة الغير أو المحسوبية أو منح امتيازات وظيفية أو التمييز بين الأعوان بغير وجه حق، كذا الوساطة وعدم احترام قواعد المنافسة في ما يتعلق بالصفقات العمومية وطلبات العروض، أو اختلاس الأموال العمومية،  أو استغلال أملاك الدولة للحساب الخاص، أو جمع العون العمومي في الوظيفة العمومية  بين مهامه وأعمال أخرى لها علاقة مباشرة بها، في غياب ترخيص رسمي، أو تزوير وتدليس الوثائق الإدارية الرسمية واستعمال الأختام العمومية بطرق غير قانونية وخيانة المؤتمن.

اقرأ أيضاً: نائب تونسي يسائل الحكومة حول الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي

وأكدت تونس خلال توقيع اتفاقية لتدعيم هذا الموقع الإلكتروني، جمعت كلاً من وزارة الوظيفة العمومية ومكافحة الفساد، والهيئة التونسية لمكافحة الفساد ونظيرتها الكورية يوم أمس، الإثنين، أنها تسعى إلى إقامة منظومة تبليغ عن حالات فساد إداري، تكون ناجعة، ويشارك عبرها المواطن في مسار الإصلاح ومكافحة الفساد.

وقال الوزير المكلف بالحوكمة ومكافحة الفساد، كمال العيادي، خلال حفل التوقيع على الاتفاقية، إن "المنظومة الجديدة للشكاوى والتبليغ عن حالات الفساد، هي تبنّ لنظام ذي جدوى، يقوم على نوعيّة جديدة من الخدمات من شأنها أن تضفي الجودة المطلوبة على الإدارة العموميّة، التي تواجه تحدّياً كبيراً يتمثّل في إعادة الثّقة في علاقتها بالمواطن".

وأضاف العيادي أن تونس "تهدف إلى تكريس  المبادئ الأساسيّة الواردة في الدستور، ومن ضمنها حياد الإدارة والشفافيّة والقدرة على الإنجاز والمساءلة أمام الهياكل المعنيّة عن الشّكايات المقدمة ضدّها من قبل المواطنين".

اقرأ أيضاً: استطلاع "كارنيغي": تونس أفضل نظام حكم عربي

وبيّن الوزير أن المنظومة الإلكترونية مكنت إلى الآن من التبليغ عن 80 ألف حالة فساد سجلت على البوابة الإلكترونيّة، التي تم وضعها على ذمة المواطنين، للتبليغ عن الاختلالات والفساد والرشوة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية ، وأبرز في هذا الصدد أنه وفي إطار العمل على تطوير هذه المنظومة وتعميمها على الإدارات والمؤسسات العمومية، فإنه سيتم ربط سبعين مؤسسة منها بالبوابة الإلكترونية المذكورة لتلقي الشكايات المتعلقة بها مباشرة.

ويعتبر المجتمع المدني الناشط في مجال الحوكمة الرشيدة، ومكافحة الفساد، أن توقيع هذه الاتفاقية وإطلاق الموقع غير كاف. وأوضحت منال بن عاشور منسقة المشاريع بمنظمة "أنا يقظ" في حديث مع "العربي الجديد"، أن البوابة الإلكترونية أشبه بالمواقع الهاوية، وهو ما يفسر عدم  إقبال المتضررين من حالات الفساد الإداري عليها، خاصة وأن الجهة التي أنشأتها لم تحصنها من عمليات القرصنة، والولوج إليها وإلى المعطيات التي تتضمنها يعد سهلاً مما يحيل إلى أنها لن تستمر طويلاً.

 إلى ذلك، بينت الناشطة منال بن عاشور، أن الوزارة لم توضح مآل الشكاوى التي تلقتها، وهل ستتم إحالتها إلى القضاء أم سيتم توجيهها إلى الإدارات المعنية.

يُذكر أن منظمة "أنا يقظ"، قدمت مبادرتها الخاصة بالإبلاغ عن حالات الفساد، وكشفت بن عاشور لـ"العربي الجديد"، عن أن موقع "بالكمشة" (في حالة تلبس)، التابع للمنظمة، يتلقى عدداً هائلا من الشكاوى يومياً، بعضها يتعلق بالفساد في القطاع الطاقوي، أو بالفساد الإداري والرشى، وآخر بتجاوزات يقوم بها العون العمومي في حق طالب الخدمة والتي تدور عامة حول سوء المعاملة.

وبينت بن عاشور أن المنظمة، التي تحمي جيداً معطيات المبلغين بوسائل تقنية متطورة، خصصت فريقاً من الملاحظين يتلقون الشكاوى التي يتم فرزها وتكوين ملفات لكل فئة، يقوم بعدها فريق المستشارين القانونيين للمنظمة بالتوجه إلى الإدارة أو القضاء وفق طبيعة وفداحة الشكوى.

اقرأ أيضاً: الحوار التونسي الوطني... لامتصاص الاحتقان الاجتماعي