تفجيرات الكنائس تُجهز على اقتصاد مصر

09 ابريل 2017
الأحداث الإرهابية ستؤثر على مؤشرات الاقتصاد وأسعار الصرف(العربي الجديد)
+ الخط -
امتدت شظايا التفجيرات الإرهابية، التي استهدفت كنيستين في محافظتي الغربية والإسكندرية، شمال مصر، إلى اقتصاد البلاد المتداعي، لتتكبد البورصة خسائر كبيرة، وتصعد أسعار الفائدة على أدوات الدين الحكومية، وأبرزها أذون الخزانة، وسط توقعات بتهاوي السياحة والاستثمار الأجنبي خلال العام الجاري، بعد أن أجهزت الهجمات الأخيرة على آمال تحسّنها.

وقال هشام إبراهيم، أستاذ التمويل والاستثمار في جامعة القاهرة، إن الأحداث والتفجيرات الإرهابية ستؤثر بالتأكيد على مؤشرات الاقتصاد وأسعار الصرف، مضيفاً: "على الحكومة اتخاذ التدابير لإرساء الأمن، حتى لا تنهار أركان الاقتصاد". 

ولفت إبراهيم إلى أن الاقتصاد المصري كان قد بدأ يتعافى، مما حفز على بدء مؤشرات لعودة الاستثمار الأجنبي المباشر وتحسن مؤشرات البورصة وبدء تعافي السياحة.

من جانبه، قال نائب المدير التنفيذي السابق لصندوق النقد الدولي، فخري الفقي، إن استهداف الأقباط في مصر والأحداث الإرهابية التي تتم وسط المدن سيكون لها آثار وخيمة على الاقتصاد المصري.

وأكد الفقي صعوبة تحديد حجم الخسائر التي سيتحملها الاقتصاد المصري، إلا أنه توقع تراجع استثمارات الأجانب، سواء في البورصة أو المشروعات وأدوات الدين العام خلال الأيام المقبلة ثم ستعاود مرة أخرى مع وجود استقرار.

وأضاف الفقي أن الأمن لا يمكن أن ينفصل عن الاقتصاد، حيث يعد أهم معايير تواجد رأس المال والسائح الأجنبيين.

وهبط المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية "إي جي إكس 30" اليوم الأحد بنسبة 1.55%، خاسراً 203.4 نقاط، ليصل إلى مستوى 12895.1 نقطة، ليخسر رأس المال السوقي للأسهم المقيدة 7 مليارات جنيه (389 مليون دولار)، ليتراجع إلى 657.4 مليار جنيه. 

وقفز متوسط أسعار الفائدة على الدين العام ليلامس 20%، بفعل القلق من تداعيات الإرهاب. وسجل سعر الفائدة على أذون الخزانة الحكومية لأجل 91 يوما نحو 19.4%، بعد تراجعه، الفترة الماضية، إلى 18% في المتوسط، فيما سجل متوسط العائد على الأذون لأجل 266 يوماً نحو 19.1%.

وقال عبد التواب بركات، المستشار الاقتصادي السابق لوزير التموين المصري، إن التفجيرات تمثل رسالة خطيرة حول تدهور الأمن وزعزعة الاستقرار، ما سيكون له تداعيات خطيرة على الاقتصاد في المدى القريب.

وأضاف أن من التداعيات المتوقعة أيضا في المدى القريب تأثر السياحة وتراجع معدلاتها وزيادة معاناة العاملين بالقطاع ونحن نهاية موسم تأثر كثيرا بالتفجيرات السابقة في الكرازة المرقسية بالعباسية بداية الموسم، لتشهد مصر موسما سياحيا بدأ بتفجير إرهابي واختتم بتفجيرين متشابهين في الإجرام.

ورجح بركات أيضا "عدم عودة السياحة البريطانية والروسية إلى مصر قريباً بسبب هذه التفجيرات الإرهابية التي تعطي رسالة سلبية بتدهور الأمن وزعزعة الاستقرار".

ويؤكد بركات أنه "لا يستبعد أن يسوق نظام السيسي بفرض مزيد من الإجراءات الأمنية وتشديد قبضة الأمن في مواجهة أي احتجاجات شعبية حال تراجع عن إقرار علاوات اجتماعية وزيارات في قيمة الدعم النقدي على السلع التموينية".

وحسب المستشار الاقتصادي فإن التفجيرات "قد تتبع بإجراءات قمعية قد تكون مريحة في تطبيق سياسات تقشفية تؤدي لتخفيض الدعم على الكهرباء والغاز كان وزير القطاع قد مهد لها."

ويرى أن التفجيرات "ستعكر الجو الجذاب للاستثمارات الأجنبية كانت الحكومة تستهدف استثمارات مباشرة بقيمة عشرة مليارات دولار، كما أنها أجهضت جهود النظام المصري للترويج باستقرار الأمن وتنشيط السياحة واستضافة نجوم عالميين مثل ميسي تكون قد أرسلتها هكذا تفجيرات إرهابية"

من جهته يرى الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي أن التفجيرات التي وقعت في مدينتي طنطا والإسكندرية، سيكون لها أثر سلبي على المقدرات الاقتصادية لمصر، وأسرع هذه الآثار التأثير السلبي على القطاع السياحي الذي يعاني منذ سنوات، فالسياح الغربيون هم عماد السياحة المصرية، حيث يمثلون نحو 70% من حركة السياحة في مصر.

ومن جانب آخر، فإن الرسالة السلبية الثانية، وفقا لـ"الصاوي"، موجهة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث "سيعيد المستثمرون الأجانب حساباتهم بشكل كبير في مسألة التفكير بالقدوم لمصر، حيث ستخلص التقديرات إلى زعزعة حالة الاستقرار السياسي والأمني بمصر، وهو عامل مهم في تقديرات وحسابات اتخاذ قرار بالاستثمار في بلد ما".

ويضيف الصاوي أن الآثار السلبية ستمتد للمستثمرين المحليين "وهي حالة الخوف لديهم، وقد ظهرت بوادرها في خسائر البورصة المصرية".

ويشير الصاوي إلى وجود "مخاوف من إجراءات أخرى تتعلق بارتفاع أسعار السلع والخدمات في ضوء اتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي".

من جهته، قال وزير المالية المصري عمرو الجارحي إن تلك الأحداث لن تثني مصر حكومة وشعباً عن محاربة الإرهاب ومواصلة جهود التنمية والارتقاء بالبلاد التي لن تنكسر أبدا، ولن تزيد تلك الحوادث المجتمع إلا تصميما وعزما على محاربة الإرهاب.

وأكد وزير المالية أن هذه الحوادث الخسيسة لن تنال أيضا من الاقتصاد المصري وركائزه الأساسية، حيث سنواصل مسيرة التنمية وسنتجاوز أي آثار لتلك الأحداث.

وكان مسؤول في وزارة السياحة قد أكد لـ"العربي الجديد"، أن هذه التفجيرات ستؤثر سلباً على حجوزات موسم الصيف، خاصة في مناطق العاصمة القاهرة، والإسكندرية على ساحل البحر المتوسط (شمال). 

وأضاف المسؤول لـ"العربي الجديد"، أن "التراجع في الحجوزات لن يقل عن 20% في جميع الأحوال لكل المناطق السياحية المصرية".

وقال إلهامي الزيات، رئيس غرفة شركات السياحة سابقاً، إن "توقيت الهجمات يجهز على القطاع تماماً، بعدما كاد يتعافى ويمتص أثر سقوط الطائرة الروسية"، مؤكدا أن الأمن لا يمكن أن ينفصل عن الاقتصاد، وإنما يعد من أهم معايير وجود رأس المال والسائح الأجنبي. 

وتراجعت الأعداد السياحية الوافدة خلال 2016 إلى 5.3 ملايين سائح، مقابل 9.3 ملايين سائح خلال 2015، كما هوت الإيرادات إلى 3.4 مليارات دولار، وهو ما يقل بنسبة 44.3% عن مستواها في 2015، وفق بيانات البنك المركزي.

وتبنت جماعة مسلحة موالية لتنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليتها عن إسقاط الطائرة، بينما أعلن التنظيم مسؤوليته عن تفجيرات الكنيستين.


المساهمون