19 فبراير 2016
تطرّف في بريطانيا
هارون يحيى (تركيا)
في السنوات الأخيرة، شهدت بريطانيا أحداثاً عديدة متعارضة مع تقاليدها؛ وهي الدولة التي صدرت فيها وثيقة الماغنا كارتا أو (الميثاق الأعظم) في عام 1215، وكان يُعدُّ مهدًا للدستور والديمقراطية. تحمل أرقام السنوات الأخيرة إشاراتٍ سلبية للدولة التي وعدت بتقبل الخلافات.
بدأت العدائية والعنصرية والأفكار اليمينية المتطرفة تجاه الأجانب بالازدياد بشكلٍ ملحوظٍ في بريطانيا، وارتفع معدل العنف والجرائم التي يتمّ ارتكابها لأسبابٍ عنصرية، إلى عشرة أضعافٍ في الأعوام العشرة الماضية. كذلك، تشيرُ تقارير إلى أن العنف العنصري لا يقتصر فقط على الشوارع، بل قد تحدث بعض الأذية العنصرية، حتى في مكان العمل. تستشهدُ تلك التقارير ببعض الأمثلة للأذية والعنف العنصريين، واستخدام الألفاظ البذيئة، ضد الأقليّات، وطبقًا للمفوضية الأوروبية لمناهضة العنصرية والتعصب التابعة للمجلس الأوروبي، فإنّ العنصرية والتمييز ضدّ اللاجئين وطالبي اللجوء في بريطانيا، ما زالا مستمرّين.
في بيانٍ نشرته الحكومة البريطانية في 13 أكتوبر/تشرين أول 2015، تمّ تسجيل 52,528 جريمةٍ دافعها الكراهية، ارتكبت ما بين 2014 و2015، وذلك في مقابل 44,471 جريمة العام الماضي، ما يعني ارتفاع معدل الجريمة بنسبة 18%.
يشكل العنف العنصري 82% من جرائم الكراهية في بريطانيا. في العام الماضي، شهدت لندن وحدها ارتفاع معدل جرائم الكراهية ضدّ المسلمين، بنسبة 70%، وطبقًا لتقارير (تيل ماما) فإنّ 6% من الجرائم تمّ ارتكابها ضدّ المسلمات المحجبات حجاباً كاملاً، و"تيل ماما Tell Mama" مشروعٌ وطنيٌّ في بريطانيا، يهدف إلى وضع الأنشطة المعادية للإسلام تحت المجهر.
بدأت الحكومة البريطانية في اتّخاذ التدابير اللّازمة للحدّ من الظاهرة؛ فقد خصّصت هذا العام خمسة ملايين جنيه استرليني، لبناء شبكةٍ وطنيةٍ، تشمل المجتمع المدني للنضال ضد (جميع أشكال الفكر المتطرّف). هذه الأموال سيتمّ تسليمها إلى مجموعاتٍ مقابلة للمجموعات التي تصفها الحكومة بـ (الخطيرة). من المتوقع أن يكون دورها نشر الوعي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وإنشاء المواقع الإلكترونية، ودعم مشاريع محدّدة. كما سيتمّ تشكيل (وحدة تحليل التطرّف) داخل هيكل وزارة الداخلية، ليتم توفير الدعم من خلالها في مجال مكافحة التطرف، لصالح الجهات الحكومية والقطاع الخاصّ. كما سيكون على السلطات المحلية إغلاق الأماكن التي من المتوقع أن يتمّ فيها دعم الأنشطة المؤيدة للتطرف. في الوقت نفسه، يجب حدوث تغيرات تسمح لراديو الإذاعة والتلفزيون (هيئة الأوفكوم) بالتدخل ضدّ البرامج الموالية للتطرف.
كشفت الحكومة البريطانية عن دورها المهم في اتخاذ التدابير ضد التمييز في تقريرٍ باسم تقرير سير العمل بخصوص جرائم الكراهية. طبقًا له، دانت الحكومة البريطانية بشدة جميع الهجمات المعادية للإسلام في جميع المناسبات، كما نشرت دوريات الشرطة على مدار 24 ساعة، في المناطق المعرضة للخطر، وعملت بجدٍّ لمنع حدوث جرائم الكراهية قبل وقوعها، كذلك يتمّ توسيع أنظمةٍ عمليةٍ لمكافحة الجريمة، مثل تعزيز نظام الخط الساخن العام.
يبدو جليًّا أنّ من شأن التدابير المُتَخذة ضدّ اليمين المتطرف والمجموعات العنصرية منع جرائم الكراهية. ومع ذلك، ثمّة احتمال كبير أن تؤدّي تلك الإجراءات المُتخذة لمنع انضمام الشباب المسلمين إلى الجماعات المتطرفة، إلى تشجيع التمييز ضد المسلمين داخل المجتمع. تشمل هذه الإجراءات منع مجموعاتٍ يُعتقد بدعمها وتشجيعها للكراهية، وغلق الأماكن التي تربي الراديكاليون، بما في ذلك المساجد، ومنح مزيد من الصلاحيات لهيئة أوفكوم كي تتخذ إجراءاتٍ أكثرَ صرامة ضدّ محطات الإذاعة والتلفزيون التي تشجع التطرف. مجلس مسلمي بريطانيا، وهو أكبر منظمة للمجتمع المدني الإسلامي في البلاد، رافضٌ هذا الإجراء الذي يدعمه رئيس الحكومة ديفيد لكاميرون. حذّر الأمين العام للمجلس، شجاع الشافي، من احتمالية أن تؤدي مثل تلك الإجراءات إلى مزيد من التمييز ضدّ المسلمين في بريطانيا، وقال إنّها يمكن أن يُنظر إليها وسيلةٍ لمعالجة قلق بعضهم من المسلمين وحياتهم الدينية، بدلًا من وباءِ الإرهاب نفسه.
يجب أن يكون التعليم والمحبة بدلاً من أساليب الشرطة، في طليعة الكفاح ضدّ التطرف. من الممكن أن يكون استخدام الطرق العلميّة في كشف المعتقدات الخرافيّة والتعصّب الديني الذي أُضيف إلى الإسلام حديثًا، هو الخطوة الأولى على هذا الدرب.
على مواطني هذه الدولة التي هي مهد الديمقراطية الأوروبية أن يتصرّفوا بأساليب راقية وحضارية. من حقهم أن يكونوا أحراراً في تبني المعتقدات التي يرونها صحيحة، ولكن، في الوقت نفسه، عليهم تقبّل وجهات النظر وأساليب الحياة المختلفة عنهم، وعدم مواجهتها بالكراهية. كما عليهم عدم تحويل الكراهية إلى أفعالٍ ضارّة. يجب أن يكون لكل فردٍ الحق في حرية التعبير عن آرائه وانتقاداته. ولكن، ليس من حقّه فرض آرائه عنوة. في الواقع، لا يخدم التطرّف سوى أهداف المحرضين وأعداء النجاح. أولئك الذين يعملون في الظلام، يستغلون مثل تلك الأحداث لخدمة أهدافهم الخاصة. كانت الإجراءات القائمة على القمع والعدائية دائماً مشجعةً للتطرف.
بدأت العدائية والعنصرية والأفكار اليمينية المتطرفة تجاه الأجانب بالازدياد بشكلٍ ملحوظٍ في بريطانيا، وارتفع معدل العنف والجرائم التي يتمّ ارتكابها لأسبابٍ عنصرية، إلى عشرة أضعافٍ في الأعوام العشرة الماضية. كذلك، تشيرُ تقارير إلى أن العنف العنصري لا يقتصر فقط على الشوارع، بل قد تحدث بعض الأذية العنصرية، حتى في مكان العمل. تستشهدُ تلك التقارير ببعض الأمثلة للأذية والعنف العنصريين، واستخدام الألفاظ البذيئة، ضد الأقليّات، وطبقًا للمفوضية الأوروبية لمناهضة العنصرية والتعصب التابعة للمجلس الأوروبي، فإنّ العنصرية والتمييز ضدّ اللاجئين وطالبي اللجوء في بريطانيا، ما زالا مستمرّين.
في بيانٍ نشرته الحكومة البريطانية في 13 أكتوبر/تشرين أول 2015، تمّ تسجيل 52,528 جريمةٍ دافعها الكراهية، ارتكبت ما بين 2014 و2015، وذلك في مقابل 44,471 جريمة العام الماضي، ما يعني ارتفاع معدل الجريمة بنسبة 18%.
يشكل العنف العنصري 82% من جرائم الكراهية في بريطانيا. في العام الماضي، شهدت لندن وحدها ارتفاع معدل جرائم الكراهية ضدّ المسلمين، بنسبة 70%، وطبقًا لتقارير (تيل ماما) فإنّ 6% من الجرائم تمّ ارتكابها ضدّ المسلمات المحجبات حجاباً كاملاً، و"تيل ماما Tell Mama" مشروعٌ وطنيٌّ في بريطانيا، يهدف إلى وضع الأنشطة المعادية للإسلام تحت المجهر.
بدأت الحكومة البريطانية في اتّخاذ التدابير اللّازمة للحدّ من الظاهرة؛ فقد خصّصت هذا العام خمسة ملايين جنيه استرليني، لبناء شبكةٍ وطنيةٍ، تشمل المجتمع المدني للنضال ضد (جميع أشكال الفكر المتطرّف). هذه الأموال سيتمّ تسليمها إلى مجموعاتٍ مقابلة للمجموعات التي تصفها الحكومة بـ (الخطيرة). من المتوقع أن يكون دورها نشر الوعي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وإنشاء المواقع الإلكترونية، ودعم مشاريع محدّدة. كما سيتمّ تشكيل (وحدة تحليل التطرّف) داخل هيكل وزارة الداخلية، ليتم توفير الدعم من خلالها في مجال مكافحة التطرف، لصالح الجهات الحكومية والقطاع الخاصّ. كما سيكون على السلطات المحلية إغلاق الأماكن التي من المتوقع أن يتمّ فيها دعم الأنشطة المؤيدة للتطرف. في الوقت نفسه، يجب حدوث تغيرات تسمح لراديو الإذاعة والتلفزيون (هيئة الأوفكوم) بالتدخل ضدّ البرامج الموالية للتطرف.
كشفت الحكومة البريطانية عن دورها المهم في اتخاذ التدابير ضد التمييز في تقريرٍ باسم تقرير سير العمل بخصوص جرائم الكراهية. طبقًا له، دانت الحكومة البريطانية بشدة جميع الهجمات المعادية للإسلام في جميع المناسبات، كما نشرت دوريات الشرطة على مدار 24 ساعة، في المناطق المعرضة للخطر، وعملت بجدٍّ لمنع حدوث جرائم الكراهية قبل وقوعها، كذلك يتمّ توسيع أنظمةٍ عمليةٍ لمكافحة الجريمة، مثل تعزيز نظام الخط الساخن العام.
يبدو جليًّا أنّ من شأن التدابير المُتَخذة ضدّ اليمين المتطرف والمجموعات العنصرية منع جرائم الكراهية. ومع ذلك، ثمّة احتمال كبير أن تؤدّي تلك الإجراءات المُتخذة لمنع انضمام الشباب المسلمين إلى الجماعات المتطرفة، إلى تشجيع التمييز ضد المسلمين داخل المجتمع. تشمل هذه الإجراءات منع مجموعاتٍ يُعتقد بدعمها وتشجيعها للكراهية، وغلق الأماكن التي تربي الراديكاليون، بما في ذلك المساجد، ومنح مزيد من الصلاحيات لهيئة أوفكوم كي تتخذ إجراءاتٍ أكثرَ صرامة ضدّ محطات الإذاعة والتلفزيون التي تشجع التطرف. مجلس مسلمي بريطانيا، وهو أكبر منظمة للمجتمع المدني الإسلامي في البلاد، رافضٌ هذا الإجراء الذي يدعمه رئيس الحكومة ديفيد لكاميرون. حذّر الأمين العام للمجلس، شجاع الشافي، من احتمالية أن تؤدي مثل تلك الإجراءات إلى مزيد من التمييز ضدّ المسلمين في بريطانيا، وقال إنّها يمكن أن يُنظر إليها وسيلةٍ لمعالجة قلق بعضهم من المسلمين وحياتهم الدينية، بدلًا من وباءِ الإرهاب نفسه.
يجب أن يكون التعليم والمحبة بدلاً من أساليب الشرطة، في طليعة الكفاح ضدّ التطرف. من الممكن أن يكون استخدام الطرق العلميّة في كشف المعتقدات الخرافيّة والتعصّب الديني الذي أُضيف إلى الإسلام حديثًا، هو الخطوة الأولى على هذا الدرب.
على مواطني هذه الدولة التي هي مهد الديمقراطية الأوروبية أن يتصرّفوا بأساليب راقية وحضارية. من حقهم أن يكونوا أحراراً في تبني المعتقدات التي يرونها صحيحة، ولكن، في الوقت نفسه، عليهم تقبّل وجهات النظر وأساليب الحياة المختلفة عنهم، وعدم مواجهتها بالكراهية. كما عليهم عدم تحويل الكراهية إلى أفعالٍ ضارّة. يجب أن يكون لكل فردٍ الحق في حرية التعبير عن آرائه وانتقاداته. ولكن، ليس من حقّه فرض آرائه عنوة. في الواقع، لا يخدم التطرّف سوى أهداف المحرضين وأعداء النجاح. أولئك الذين يعملون في الظلام، يستغلون مثل تلك الأحداث لخدمة أهدافهم الخاصة. كانت الإجراءات القائمة على القمع والعدائية دائماً مشجعةً للتطرف.
مقالات أخرى
30 يناير 2016
23 يناير 2016
02 يناير 2016