21 أكتوبر 2024
ترامب يجيب على سؤال بوش: لماذا يكرهوننا
لا أحد ينكر أن السياسة تستند، في جزءٍ مهم منها، إلى المشاعر والأحاسيس، وحتى الأمزجة أحيانا. فمن أساطير الإغريق، مرورا بكتابات ميكافيللي ونصائح الملوك والآداب السلطانية، الى آخر تنظيرات العلوم السياسية الراهنة، في الوسع التأكيد أن السياسة، ومهما تعسفنا عليها من أجل ترشيدها وإخضاعها لمقاييس خيارات العقل المحض، فإنها تفلت من ذلك القيد الصارم، لتجرف معها جرعاتٍ متفاوتة من تلك المشاعر والأهواء، فتقع في عاصفة هوجاء لتلك المشاعر بالذات، خصوصا في مجتمعاتٍ أصبحت قنوات التلاعب بالرأي العام وتوجيهه متاحة، بفضل التطورات المذهلة في الإعلام وتقنيات الدعاية والتعبئة.
تجنبت الأدبيات السياسية، في النصف الثاني من القرن الفارط، ربط السياسة بالمشاعر الجماعية، وحتى الفردية، خشية إحياء الكراهية والحقد والتباغض بين الأجناس والأعراق والأمم التي قامت عليها السياسة الدولية، في النصف الأول منه، خصوصا في تعبيراتها الأكثر دمويةً، وهي النازية. ومعلوم ما نجم عن ذلك الارتباط الوثيق من حربين عالميتين مدمرتين، وتقسيم العالم فيما بعد إلى معسكرين متنابذين. كانت النتائج كارثية، وما زالت آثارها المدمرة ماثلةً في شكل ندوبٍ لم تفلح الأمم في تجاوزها، على الرغم من العولمة المتزايد نسقها، وتوحد مشاعر البشرية في أكثر من مناسبة: كوارث مناخية، جوائح طبيعية، أوبئة كونية، ... إلخ. كان بعضهم يعتقد أن ربط السياسة بتلك المشاعر القائمة على الكره والحقد والثأر والظلم هو من بقايا ثقافة الإمبراطوريات والبلاطات القديمة التي اندست خطأ في السياسة الحديثة، وسعت تلك الأدبيات إلى إعادة تجديد حقل السياسة، استنادا إلى نظريات عديدة، تلتف عموما حول الخيط النظام الخفي، وهو المصالح. وعلى الرغم من ذلك، أعادت كتابات فوكو ياما وصمويل هنتنغتون قضايا القيم والمزاج العام والمشاعر إلى حلبة السياسة، وإن كان من الباب الخاطئ.
بطرحه السؤال: "لماذا يكرهوننا؟" سنة 2001، أعادنا الرئيس الأميركي، جورج بوش، إلى المربع الأول للسياسة والمشاعر. ولا يمكن أن يقبل عاقل أن يكون الإرهاب ترجمةً مقبولةً أخلاقيا وسياسيا عن السياسة الأميركية الظالمة تجاه العرب وقضاياهم العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطية: الانحياز الأميركي الواضح للكيان الإسرائيلي، "الفيتو" غير المنصف، وغير الأخلاقي الذي تشهره أميركا، كلما أراد ضمير العالم أن يتحرّك لإنصاف الفلسطينيين، أو
وضع حد لمظلمة التدخل السافر في قضاياهم، وفرض أجندة مهينة لهم. ولكن، لا أحد يستحضر، منذ أكثر من أربعة أجيال، موقفا أميركيا واحدا مساندا لقضاياهم. ولد بعض العرب وماتوا ولم يروا شيئا من الولايات المتحدة الأميركية ينسون به تلك المشاعر، أو يلطفونها، فلقد ظلت السياسات الأميركية تجاه المنطقة منحازة متحالفةً مع الكيان الغاصب، ومتواطئة معها.
يمكن للعاقل أن يعبر عن تلك المناهضة لتلك السياسات في الشعر والأغنية والمقالة والرواية والفن. ولكن، هل كل البشر قادرون على التسامي بتلك المشاعر وتصعيدها على نحو ما يذهب إليه فرويد. هناك نزعات "بيوسياسية" تترعرع في مناخٍ من الكراهية التي عشّشت في أجيال كاملة.
لماذا يكرهوننا؟ حاول المفكر والألسني الأميركي، نعوم تشومسكي، أن يجيب عن السؤال نفسه، فذكّر الرئيس جورش بوش أن الرئيس ايزنهاور طرحه من قبل، ووجد في تقارير قدّمها له مجلس الأمن القومي (الأميركي) الإجابات الكافية، فالشعوب العربية تكره الولايات المتحدة، لأنها ظلت تقف ضد محاولات نهوضهم، وتنهب ثرواتهم، وتذلهم، أما بوش فقد قدمت له المراكز البحثية المرموقة إجاباتٍ بسيطة وواضحة على السؤال نفسه، فالرأي العام العربي لا يكره شعب الولايات المتحدة الأميركية الذي ظل رمزا للحريات والتقدّم، وإنما يكرهها تحديدا، لخطأين فظيعين في سياساتها: دعم الاحتلال الإسرائيلي ومساندة الأنظمة المستبدّة.
تستفيد إدارات الولايات المتحدة جيدا من الدراسات والمشورات التي تقدّمها لها بيوت الخبرة، وما أكثرها، غير أنها لا تعير أي اهتمام للنصائح التي توصيها بتغيير مواقفها من القضايا العربية، وتحددا القضية الفلسطينية. يجيب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على السؤال: لماذا يكرهوننا؟ ولكن إجابة خاطئة تزرع مزيدا من الكراهية خلال عقود، وربما قرون، مقبلة.
تجنبت الأدبيات السياسية، في النصف الثاني من القرن الفارط، ربط السياسة بالمشاعر الجماعية، وحتى الفردية، خشية إحياء الكراهية والحقد والتباغض بين الأجناس والأعراق والأمم التي قامت عليها السياسة الدولية، في النصف الأول منه، خصوصا في تعبيراتها الأكثر دمويةً، وهي النازية. ومعلوم ما نجم عن ذلك الارتباط الوثيق من حربين عالميتين مدمرتين، وتقسيم العالم فيما بعد إلى معسكرين متنابذين. كانت النتائج كارثية، وما زالت آثارها المدمرة ماثلةً في شكل ندوبٍ لم تفلح الأمم في تجاوزها، على الرغم من العولمة المتزايد نسقها، وتوحد مشاعر البشرية في أكثر من مناسبة: كوارث مناخية، جوائح طبيعية، أوبئة كونية، ... إلخ. كان بعضهم يعتقد أن ربط السياسة بتلك المشاعر القائمة على الكره والحقد والثأر والظلم هو من بقايا ثقافة الإمبراطوريات والبلاطات القديمة التي اندست خطأ في السياسة الحديثة، وسعت تلك الأدبيات إلى إعادة تجديد حقل السياسة، استنادا إلى نظريات عديدة، تلتف عموما حول الخيط النظام الخفي، وهو المصالح. وعلى الرغم من ذلك، أعادت كتابات فوكو ياما وصمويل هنتنغتون قضايا القيم والمزاج العام والمشاعر إلى حلبة السياسة، وإن كان من الباب الخاطئ.
بطرحه السؤال: "لماذا يكرهوننا؟" سنة 2001، أعادنا الرئيس الأميركي، جورج بوش، إلى المربع الأول للسياسة والمشاعر. ولا يمكن أن يقبل عاقل أن يكون الإرهاب ترجمةً مقبولةً أخلاقيا وسياسيا عن السياسة الأميركية الظالمة تجاه العرب وقضاياهم العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطية: الانحياز الأميركي الواضح للكيان الإسرائيلي، "الفيتو" غير المنصف، وغير الأخلاقي الذي تشهره أميركا، كلما أراد ضمير العالم أن يتحرّك لإنصاف الفلسطينيين، أو
يمكن للعاقل أن يعبر عن تلك المناهضة لتلك السياسات في الشعر والأغنية والمقالة والرواية والفن. ولكن، هل كل البشر قادرون على التسامي بتلك المشاعر وتصعيدها على نحو ما يذهب إليه فرويد. هناك نزعات "بيوسياسية" تترعرع في مناخٍ من الكراهية التي عشّشت في أجيال كاملة.
لماذا يكرهوننا؟ حاول المفكر والألسني الأميركي، نعوم تشومسكي، أن يجيب عن السؤال نفسه، فذكّر الرئيس جورش بوش أن الرئيس ايزنهاور طرحه من قبل، ووجد في تقارير قدّمها له مجلس الأمن القومي (الأميركي) الإجابات الكافية، فالشعوب العربية تكره الولايات المتحدة، لأنها ظلت تقف ضد محاولات نهوضهم، وتنهب ثرواتهم، وتذلهم، أما بوش فقد قدمت له المراكز البحثية المرموقة إجاباتٍ بسيطة وواضحة على السؤال نفسه، فالرأي العام العربي لا يكره شعب الولايات المتحدة الأميركية الذي ظل رمزا للحريات والتقدّم، وإنما يكرهها تحديدا، لخطأين فظيعين في سياساتها: دعم الاحتلال الإسرائيلي ومساندة الأنظمة المستبدّة.
تستفيد إدارات الولايات المتحدة جيدا من الدراسات والمشورات التي تقدّمها لها بيوت الخبرة، وما أكثرها، غير أنها لا تعير أي اهتمام للنصائح التي توصيها بتغيير مواقفها من القضايا العربية، وتحددا القضية الفلسطينية. يجيب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على السؤال: لماذا يكرهوننا؟ ولكن إجابة خاطئة تزرع مزيدا من الكراهية خلال عقود، وربما قرون، مقبلة.