أدى وزير الخارجية الجديد مايك بومبيو، يوم الأربعاء الماضي، اليمين القانونية في مبنى الوزارة، بحضور الرئيس دونالد ترامب ونائبه مايك بنس وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين في الإدارة. وكان قد أدى مثل هذا القسم على عجل فور موافقة مجلس الشيوخ على تعيينه، يوم الخميس الماضي، في 26 إبريل/ نيسان الماضي، قبل توجّهه إلى المطار في مهمته الخارجية الأولى التي شملت بلجيكا والسعودية والأردن وإسرائيل.
حضور الرئيس غير المسبوق للاحتفال وفي مقرّ الوزارة بالذات، انطوى على مدلولات متميزة سواء لناحية العلاقة الخاصة التي تربط ترامب ببومبيو أو لناحية التوجهات المقرر أن تنتهجها الإدارة في حقل السياسة الخارجية. من المعروف أن بومبيو من أقرب أركان الإدارة لترامب، حتى أنه أقرب من وزير الدفاع جيمس ماتيس، الذي قد يختلف أحياناً مع الرئيس من دون ضجة ومن دون أن يخسر ثقة البيت الأبيض به، لكن بومبيو يتطابق في مقارباته مع الرئيس، وينتمي إلى المدرسة نفسها. ينضبط ولا يعاكس أو يجادل مثل سلفه أو مثل الجنرال هربرت ماكماستر. وخلافاً للباقين لم يتسرب عنه طيلة ولايته كمدير لوكالة الاستخبارات المركزية، أي غمز للرئيس ولو بالتلميح.
الآن تغيرت المهمة، أو هكذا يفترض، ففي خطابه أمام جهاز وزارته ثم في خطاب الاحتفال، وعد بومبيو بإحياء الدبلوماسية الأميركية، التي تحتاج إلى عملية نفض بعد أن كبّلتها استقالة الوزير ريكس تيلرسون ومناكفاته مع البيت الأبيض. وهذا ما يفرض على بومبيو الانحياز إلى خيارات التسوية والحلول السلمية للأزمات. لكن البوادر لا تشجع.
فخلال جولته الأولى في المنطقة، تجاهل بومبيو الوضع الفلسطيني تماماً، ولم يدع إلى فتح الأبواب التي أوصدها قرار ترامب بالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل ثم بنقل السفارة الأميركية إليها. ليس ذلك فحسب، بل اختار التشديد فقط على "حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها" وعلى "وقوف الولايات المتحدة إلى جانبها" في هذا الخصوص.
من هذا المنطلق يبدأ الوزير بومبيو وظيفته الجديدة. يتربع الآن في مقعد القيادة الدبلوماسية الأميركية. مشاركة الرئيس ترامب في حفل أدائه اليمين الدستورية، بدت بمثابة تفويض له. لكن منهج الرئيس وسوابقه تفرض التساؤل عن طبيعة هذا التفويض ومداه. وضع أثار تحفظات بل مخاوف انعكست في تصويت مجلس الشيوخ لصالح بومبيو والذي جاء حتى بعد ضغوط البيت الأبيض بغالبية 57 صوتاً مقابل 42.