بشار الأسد كقائد عربي ضروري

19 يوليو 2018
+ الخط -
إن كان ثمة تشكيك واحد في ترويج صهيوني -غربي- وبعض عربي يشبهه لضرورة وجود "القائد والزعيم الحكيم" بشار الأسد على أطلال سورية المدمرة، والمهجرة، والمجتمع "المتجانس"، فإن رفض كل الشواهد والمعطيات، على الأقل لدى معسكر الممانعة، الهاذي منذ القصير باسم الحسين وزينب، لن يلغي غبطة دولة الاحتلال باقترابه من الجولان المحتل، وليس حدودها كما يتلهف الممانعجية في غبطتهم بفرح العدو بهم، بعد أن روضته، بتحويله إلى ملطشة شبه يومية، يعجز فيها حتى بالرد بطائرة ورقية كما يفعل الغزيون، وهنا تغيب "عاصفة السوخوي الروسي" عن قنوات الكذب وليّ الحقائق.

منذ 2011 ومفردة "المؤامرة الكونية" لم تفارق مخيال ذلك المعسكر، لكنه تجنب دائما أن تتسرب إلى جمهوره مرة واحدة الغبطة الإسرائيلية بـ"ملك ملوك إسرائيل"، التي لم يعد يخفيها بنيامين نتنياهو.

كلما قصفت دولة الاحتلال موقعاً، من النيرب شمالاً إلى حدود قصر قاسيون، خرج هؤلاء يزيدون جرعة الهذيان عن تضايق الصهاينة من انتصارات مليشيات "الجيش العربي السوري"، ورغم ذلك، لا أحد، بمن فيهم كاتب هذه السطور، يشعر بشيء أقل من العار على خذلان البراميل وصواريخ الفيل والسكود (التي ضربت الشمال السوري منذ سنوات) والميغ والسوخوي ، لوجهتها الحقيقية منذ أن دمر موقع الكبر بريف دير الزور.


ولندع الجردة الطويلة، التي سبقت "عين الصاحب"، وصواريخ أرض - جو تحولت أمام ناظري شخصياً في البقاع اللبناني عام 1982 لتصيب مواقع أقرب إلى مقاتلين من الجبهتين الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين، بدل أن تصيب طائرات الاجتياح الإسرائيلي، التي دكت المواقع وحولت في ظهر البيدر دبابات حافظ، المنهكة بعد مذبحة حماة بقليل، إلى فحم، وبعض مقاتليها يركضون بلباسهم الداخلي، قبل أن يستعيدوا لباسهم العسكري ويعملوا ككلاب حراسة بحق مقاتلين فلسطينيين ولبنانيين، التزاما بما قبله ضباط حافظ أسد من دور مخز لوقف لإطلاق النار، مع العدو، ويلاحقوا ياسر عرفات لاحقا في طرابلس.

أقول، إن شعور العار قد لا يفهم معانيه من جعلوا معركة وجودهم بكذبة استهداف مقام "الست زينب" من درعا إلى حلب، فبرروا على طريقة حاخامات المحتل تهجير وذبح، شعب آخر، صار ممقوتا لديهم بعنصرية تتجاوز عنصرية واستعلاء الصهاينة بحق العرب.. إذ "الجيد منهم ميت".. فيما الإيراني من أهل الدار.

وفيما غزة، منذ 30 مارس/آذار، تمارس حقها الطبيعي بالرد، بكل ما هو متاح، يبتاع محللو قنوات وصفحات ذلك النوع الرديء مما يسمى "مقاومة وممانعة" انتصارات كاذبة عن "إسقاط الدفاعات الجوية لصواريخ العدو"، على يد جيش مستخدمي السجائر لإشعال براميل قتل الشعب السوري. ورغم ذلك يصدق مستلبي العقول فكرة أن بشار الأسد "رب الممانعة"، والدليل الأصدق مخيم اليرموك، وآخرهم الشاب المصور الفلسطيني السوري نيراز سعيد بعد أن اعتقل منذ 2015 وكل المتاجرة بفلسطين، التي يهجر ويذبح في سجونه شبابها.

وتلك أيضا دعك منها ولنركز حول "شرعية القائد".

أذكر أن قنوات صراخ الممانعة كانت تبيعنا أوهاما عن "الشرعية التي يستمدها القائد بشار من شعبه"، فيما معسكر الثورة السورية كان يبحث عن شرعية من الخارج، وأنه "قدم أوراق اعتماده في تل أبيب وواشنطن"، بمثل هذا النص ذهب حسن نصر الله يشوه "مظلومية الشعب السوري"، أيام كان المجلس الوطني السوري بقيادة الدكتور برهان غليون، متهكما "وينوي الشعب السوري لنقف معه؟".

اليوم، وأمام هذا الغزل (البوتيني - الترامبي - الصهيوني - وبعض الخليجي)، ببشار الأسد، وكل ما يساق عن "ترويض إيران في سورية"، هل يجرؤ هؤلاء أن يسمعونا مرة واحدة جوابا عن أصل الشرعية اليوم؟

على طاولة مفاوضات هلسنكي، مثل سابقاتها، بين عرابين، يحضر رأس بشار للمقايضة، وفي البال كل الغزل التاريخي الإسرائيلي، المحدث اليوم، بنظام قال عنه نتنياهو بنفسه "لم يطلق طلقة واحدة من الجولان"، يصبح لزاما أن يخبرنا أصحاب "الفكر الاستراتيجي"، في بيروت ودمشق، من محولي الهزائم والكوارث لانتصارات ميكروفونية؛ ما الفرق بين بشار، والحكم العائلي الوراثي المضروب على قفاه ليل نهار من عدو متآمر لا يستطيع أن يقبل انزياح أحد من هذه العائلة عن حكم "قلعة الصمود"؟ وهو يرتعد من أن تقول له تل أبيب "كش ملك".

في المقابل كتبت ها هنا قبل أشهر متسائلاً عما إذا كنا سنشهد لعق كتاب أعمدة بعض صحف السعودية في لندن لكل كلامهم عن "بشار الأسد ذراع إيران في المنطقة"؟

وأترك جانباً أيضاً كل سخافة كتاب أعمدة "الدم السني واحد"، أو شعارات الأخلاق، واستحالة أن يحكم من قتل نصف مليون من شعبه.. فتحت الطاولة ما تحتها، بفضل "عبقرية" مستقبلي علي مملوك في الرياض ومقايضي كل شيء.. بما فيها فكرة شرعنة وجود سفاح دمشق على كرسيه.

سننتظر لنقرأ مجددا عن "بشار الضرورة"، مثلما قرأنا عن علي عبد الله صالح، ونسمع التباكي على القذافي، في مسيرة طويلة لحكام عرب يودون أن يروا كل حكام الأرض مثلهم.

في كل هذه الجعجعة، على طرفي نقيض في الظاهر، وثالث أجزم بأنه مرتبك مذ قال نصر الله "لو استدعى الأمر ذهابي أنا وكل قيادة حزب الله إلى سورية سنفعل"، ينسى هؤلاء أن سورية أبدا لن تكون كما كانت قبل 2011.. هكذا هو التاريخ.