كشفت مصادر مصرية مطلعة على ملف المفاوضات المتعلقة بقطاع غزة والفصائل الفلسطينية، عمّا سمته انزعاجاً رسمياً مصرياً جراء مجموعة من الإجراءات تمت أخيراً، اعتبرتها القاهرة انتقاصاً من دورها وعدم تقدير لجهود الوساطة التي تقوم بها لمنع اشتعال مواجهة عسكرية جديدة في القطاع المحاصر.
وقالت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن هناك "انزعاجاً مصرياً من تصاعُد أجندة إيران في القطاع، وكذلك اتساع الدور القطري، الذي تجاوز حد تقديم الدعم المالي، إلى القيام بدور وساطة في الشؤون الأمنية والسياسية في القطاع، بشكل ترى فيه القاهرة انتقاصاً لدورها". وأضافت المصادر "هناك ما تمكن تسميته بتوجهات إيرانية في القطاع، في أعقاب مجموعة من اللقاءات التي جرت في طهران أخيراً". وتابعت "هناك تخوف لدى المسؤولين في جهاز الاستخبارات المصري من مساعٍ إيرانية لإشعال تصعيد جديد ضد إسرائيل بالوكالة في ضوء تصاعد لهجة التهديد المتبادل بين تل أبيب وطهران في سورية"، موضحة أن "القاهرة تخشى التنسيق عالي المستوى بين أطراف فلسطينية، وفصائل بعينها تربطها علاقات قوية بطهران، وأن يتم دفع تلك الفصائل إلى تصعيد ضد إسرائيل في هذا التوقيت الصعب".
وكشفت المصادر عن "بعث القاهرة برسائل شديدة اللهجة لكل من حماس والجهاد الإسلامي لعدم التصعيد أو السماح بتنفيذ أجندات من شأنها جرّ القطاع لمواجهة لن يستطيع أي طرف السيطرة عليها". كما كشفت أن "الانزعاج المصري مرتبط بشكل وثيق بقلق إسرائيلي من مواجهات موسعة في هذا التوقيت الدقيق الذي لا ترغب فيه تل أبيب بتصعيد قبل الانتخابات المرتقبة هناك"، موضحة أن "الخطوة التي أقدمت عليها حماس برفض الشروط الإسرائيلية على الدفعة الثالثة من المنحة القطرية، أثارت مخاوف وقلقاً بالغاً لدى الحكومة الإسرائيلية من إقدام حماس على تصعيد لا ترغبه إسرائيل في هذا التوقيت". وقالت المصادر إن "إسرائيل تسعى للضغط على حماس من خلال العلاقات بين القاهرة والحركة، ومن خلال إدراكها لتمسك حماس بتلك العلاقات، وأن تظل في مستوى إيجابي عالٍ حتى وإن شابها بعض التوتر المتعلق بمعبر رفح أو غيره من التفاهمات".
من جهته، رفض مصدر قيادي في حركة "حماس" التعليق على المعلومات الخاصة بتوجيه مصر رسائل شديدة اللهجة إلى "حماس"، مشيراً، في الوقت ذاته، إلى أن "القرار الخاص برفض شروط قبول الدفعة الجديدة من المنحة القطرية حظي بمناقشات ومشاورات واسعة داخل المستويات القيادية المختلفة في الحركة". وأضاف أنه تم تأجيل القرار، لافتاً أيضاً إلى أن "حماس" كانت تفكر في اتخاذ القرار مع الدفعة الثانية، التي دخلت الشهر الماضي، ولكن تم إرجاؤه لحين التأكد من نوايا حكومة الاحتلال وجديتها في التعامل مع تفاهمات التهدئة التي تمت برعاية الوسيط المصري". وأعلن أن حركته "وجدت أنه يتم توظيفنا كأداة من أدوات إدارة المشهد الانتخابي الداخلي في إسرائيل من دون أن يحصل المواطن الغزاوي على أي حقوق أو امتيازات". وشدد على أن "حماس جاهزة لكافة السيناريوهات، بما فيها الحرب التي أكدنا مراراً أننا لا نريدها، ولكن سنؤلم العدو إذا فُرضت علينا"، مؤكداً أن "غزة في الوقت الراهن تواجه تحديات مختلفة، سواء من جانب الحصار الإسرائيلي ومراوغته في تنفيذ تفاهمات التهدئة، أو من جانب السلطة ورئيسها محمود عباس الذي يُمعِن في معاقبة أهالي القطاع".
وحول المخاوف من أن تؤثر القرارات الأخيرة على العلاقة مع القاهرة، قال القيادي في الحركة إن "حماس تدير علاقتها بما يسهم في تخفيف الأعباء عن أهلنا في قطاع غزة، ورفع الحصار عنهم، والأشقاء في مصر يدركون ذلك جيداً. نحن في حماس نوازن في علاقتنا ولا ننفذ أجندات لدول أخرى على الأراضي الفلسطينية، فقرارنا مستقل، ونوظف كافة الاتصالات لصالح قضيتنا العادلة". يذكر أن "حماس" أبلغت رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة السفير محمد العمادي رفض استقبال المنحة القطرية، قائلة إن غزة لن تكون جزءًا من المهرجانات الانتخابية الإسرائيلية. وقال القيادي "ناقشنا مع العمادي عدة ملفات، وهو تفهم شرحنا ورفضنا للمنحة بعد شروط الاحتلال". وكانت إسرائيل قررت بشكل رسمي، مساء الخميس الماضي، نقل أموال المنحة القطرية إلى قطاع غزة بعد تأخير استمر أسابيع.