ردّت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الأربعاء، بأنها ستسعى إلى تشكيل أوسع جبهة دولية للحفاظ على حل الدولتين، فيما انتقد مسؤولون فلسطينيون ما تناقلته وسائل إعلام بشأن التصريحات التي أدلى بها مصدر مسؤول في البيت الأبيض حول تراجع إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن تبني حل الدولتين.
وقالت الخارجية الفلسطينية، في بيانٍ لها، اليوم الأربعاء، "أمام الانزلاق المحتمل للموقف الأميركي، سوف نسعى إلى تشكيل أوسع جبهة دولية للحفاظ على حل الدولتين، كخيار أفضل من وجهة نظر غالبية المجتمع الدولي".
وأكدت أن الانطلاقة في تحقيق ذلك، يجب أن تكون من الاتحاد الأوروبي "رغم معرفتنا بوجود بعض الدول فيه سوف تتعامل إيجابا مع هذا الانزلاق المحتمل في الموقف الأميركي".
وجاء في البيان "إذا ما صدقت التسريبات الصحافية التي نُسبت إلى (مصدر مسؤول) في البيت الأبيض، بتراجع إدارة ترامب عن تبني حل الدولتين، فهذا يعني نجاحاً أوّلَ وفورياً لنتنياهو، حتى قبل بدء المشاورات مع الرئيس الأميركي وحاشيته، ما من شأنه أن يعزز وضع نتنياهو في تلك المحادثات".
وشددت الخارجية على أنه "في حال صدقت هذه التسريبات، فهذا يعني تحولاً خطيراً، ليس فقط للإدارة الأميركية ونظرتها لكيفية إنهاء الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، وإنما أيضاً في انعكاساته على مواقف دول أخرى في العالم، مما يفتح المجال لشتى أنواع وأشكال الحلول لهذا الصراع الدائم".
وأضاف البيان "نحن ندرك تماماً أن موقف الائتلاف اليميني الفاشي الحاكم في إسرائيل الرافض لحل الدولتين، ينطلق من مبدأ أن لا وجود أو إمكانية لوجود دولة فلسطينية بجوار دولة إسرائيل، ما بين النهر والبحر. وأمام إسقاط فكرة إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، يمكن أيضاً لعقول اليمين الحاكم في إسرائيل أن تتفتق عن أشباه حلول في مجملها تبقي السيطرة الأبدية على كامل الأرض لإسرائيل، مع إخضاع من بقي أو رغب في البقاء من الفلسطينيين لشتى أنواع الذل والإهانة ضمن حقوق قد لا تتعدى الحقوق المدنية لمجموعة من السكان".
وأكدت أن "خروج هذا التسريب للعلن قبيل المحادثات الإسرائيلية الأميركية هو نذير شؤم، ويؤسس لحالة من الفوضى السياسية على المستوى الدولي".
ولفتت إلى أنّ مرحلة صعبة جداً ستواجه أصحاب رؤية حل الدولتين، خاصة أن رؤيتهم السياسية كانت مبنية بالكامل على هذا المبدأ لفترة زمنية طويلة، وأي تغيير في الموقف الأميركي سوف يضعضع من قدرة هذا المبدأ على الثبات والاستمرارية لفترة طويلة.
ورأت الوزارة الفلسطينية أنه في حال صدقت هذه التسريبات، فهذا يعني أن المحاولات التي بُذلت حتى هذه اللحظة من قبل الائتلاف الحاكم في إسرائيل لزعزعة هذا المبدأ على المستوى الأميركي، وكذلك الضغوط الكبيرة التي بذلها أكثر من طرف يهودي أميركي للتأثير على قرار الحزب الجمهوري بشطب فكرة حل الدولتين من برنامجه السياسي، هي نفسها الجهود التي بُذلت لتهيئة الأجواء والتحضيرات المناسبة لزيارة نتنياهو إلى واشنطن وتوفير المناخات الإيجابية لإنجاحها، وعليه يمكن تفسير صدور مثل هذا التصريح في مثل هذا التوقيت بالذات، كانعكاس لنجاح هذه الجهود والضغوط على إدارة ترامب.
وأضافت "نحن من وجهة نظرنا نريد، وضمن نفس المبدأ الذي نعتمده منذ وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وحتى اللحظة، عدم استباق الأمور، وعدم التعليق على تصريحات وأنباء غير مؤكدة، وضرورة الانتظار لمخرجات الاجتماع الذي ستتبين فيه صحة مثل هذه التسريبات من عدمها".
وتابعت "نحن نأمل أن تكون مثل هذه التسريبات الصحافية غير صحيحة، وأن يؤكد الرئيس ترامب في لقائه مع نتنياهو على حل الدولتين، وضرورة التوصل إلى اتفاق تفاوضي ينهي الاحتلال الإسرائيلي ويسمح بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، إلى جوار إسرائيل، تعيشان في أمن وسلام مع بعضهما البعض ومع المحيط".
بدورها، قالت عضوة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشراوي، في تصريح لها، "من الواضح أن الإدارة الأميركية الجديدة تدعم نتنياهو في مواقفه، وتوفر له مساحة للقضاء على "حل الدولتين"، وتتحول من حليف منحاز لإسرائيل إلى شريك في الجريمة. إذا أراد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، التخلص من "حل الدولتين" لخلق واقع بديل، فعليه أن يقدّم ويوضح ما هي الخيارات والبدائل لذلك".
واعتبرت أنّ "حل الدولة الواحدة يتطلب المساواة في الحقوق والمواطنة للجميع، وما يسعى له نتنياهو هو استمرار الاحتلال العسكري وفرض دولة فصل عنصري، الأمر الذي سيجر المنطقة وخارجها إلى المزيد من التطرف والعنف والدمار".
وشددت عشراوي على أن حل الدولتين المُجمع عليه دوليا شكّل ركيزة لسياسة الولايات المتحدة، كما أنه شرط أساسي للسلام. وإذا تنكرت إدارة ترامب لهذه السياسة، فإن ذلك سيؤدي إلى تدمير فرص السلام، وسيكون له تأثير سلبي على مصداقية الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة.
من جهته، قال الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، في تصريح له، إن "التصريحات الصادرة عن أحد المسؤولين في البيت الأبيض في واشنطن، يمثل تراجعا خطيرا في موقف الإدارة الأميركية، ويشكل غطاء للتوسع الاستيطاني الخطير".
وأضاف البرغوثي، أن هذا التصريح يشكل خطراً جدياً وحقيقياً على أي احتمال للسلام في المنطقة، ويجب أن يُجابه بكل حزم وقوة، فلسطينياً وعربياً ودولياً، بما في ذلك الإحالة الفورية لمحكمة الجنايات الدولية، وانضمام دولة فلسطين إلى كافة المؤسسات الدولية، ومطالبة الدول الأوروبية التي لم تعترف بدولة فلسطين، بالاعتراف بها فوراً.
وأشار إلى أن ما يجري في واشنطن، والتصريحات التي وردت على لسان الوزراء الإسرائيليين برفض حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، يؤكد أن إسرائيل لن تُردع إلا بمقاومة مخططاتها على الأرض، وفرض العقوبات والمقاطعة عليها.
وأضاف "يجب أن تعرف إسرائيل وصانعو السياسة في الولايات المتحدة الأميركية، أن الشعب الفلسطيني لن يرضخ أبدا لعبودية الاحتلال ونظام الأبرتهايد العنصري".