انتقاء تواريخ

25 نوفمبر 2015
مشلين برودر/ فرنسا
+ الخط -

ما الذي تقوله التواريخ؟ ربما هي مصادفات اعتباطية، وربما هي علامات لم نعرف كيف نخرُج منها باستنتاجات. سأدلّكم على مصادفة حزينة..

في مثل هذا اليوم - حسب التعبير الشائع - من سنة 1875، باع الخديوي إسماعيل أسهم مصر في شركة السويس للبريطانيين. كانت تلك الخربشة الصغيرة فوق الورقة بداية استعمار مصر الذي أخذ شكله العلني بعد ست سنوات.

يبدو هذا الحدث صغيراً اليوم، بحكم المسافة، وبحكم ما تراكم فوقه من أحداث، وربما، أيضاً، لأنه حدث ممّا تحب الذاكرة أن تلفظه. ففي مقابله، لا تنسى هذه الذاكرة، مثلاً، تفاصيل من حفل افتتاح القناة، مثل المدعوّين ومن ألّف موسيقى الحفل.

من صُدف هذ اليوم، أيضاً، أنه يوافق تاريخ إمضاءٍ ثان تُفضّل ذاكرتنا الحضارية أن تتناساه. ففي مثل هذا اليوم من سنة 1492، جرى توقيع معاهدة تسليم غرناطة إلى الملك فرديناند. إنه بتعبير كثيرٍ من المؤرّخين يوم انقلاب "الطقس" الحضاري.

حدثٌ، لو عدنا إلى مدوّناتنا التاريخية، لوجدنا أنه تفصيلي ويكاد يكون منسياً، والنسيان هنا ليس فقط سقوطاً للحدث من الوعي، وإنما قد يكون، أيضاً، إسقاطاً له.

بالطبع، لو نظرنا في مدوّنات مؤرّخي الضفة الشمالية، لوجدنا أن الحدث المنسي نفسه يتحوّل إلى حدث مستحضَر، وربما استعراضي. بين ذاكرة وأخرى، يتوزّع الضوء بتفاوت فوق مساحة التاريخ، لكن من الواضح أن الذاكرة لا تحبّ جلد الذات.



اقرأ أيضاً: سير عربية ضائعة
دلالات
المساهمون