تشهد العاصمة العراقية بغداد انتشاراً كبيراً للمليشيات التي تزايدت خلال السنوات الثلاث الماضية، إذ وصل عددها حتى مطلع أغسطس/آب الماضي إلى 73 فصيلا مسلحا تعمل غالبيتها تحت غطاء ما يعرف بهيئة "الحشد الشعبي"، والتي تشكلت عقب اجتياح تنظيم "داعش" مدن شمال وغرب العراق وأجزاء من وسطه قرب بغداد.
ومؤخرا كشفت مصادر حكومية عراقية عن توجيه رئيس الوزراء حيدر العبادي بوضع خطة لإخلاء العاصمة من مكاتب ومقار المليشيات ونقل أسلحتها خارج الأحياء السكنية داخل بغداد.
وتوجه الشرطة العراقية أصابع الاتهام في عمليات الخطف والسرقة والسطو المسلح والقتل على الهوية التي تتم في بغداد إلى من تسميهم عناصر منفلتة في المليشيات تلك، ومؤخرا برز مصطلح "الفئة الضالة" في بيانات وزارة الداخلية العراقية، في إشارة منها إلى أن الجريمة هذه أو تلك ليست إرهابية، بل تقف وراءها مليشيات مسلحة.
وقال مسؤول عراقي حكومي لـ"العربي الجديد" إنه من المؤمل أن تستجيب جميع المليشيات بإخلاء مقارها ومخازن أسلحتها إلى خارج العاصمة، وترك الأحياء السكنية واحترام خصوصية السكان، بناء على طلب من رئيس الوزراء حيدر العبادي.
وبيّن المسؤول أن "العبادي طالبهم بالانسحاب فورا من داخل الأحياء السكنية في العاصمة، وكذلك المناطق التجارية ونقل أسلحتهم أيضا جميعها إلى خارج العاصمة خاصة تلك الثقيلة أو الصواريخ والمتفجرات".
هذه المعلومات أكدها عضو التيار الصدري حسين البصري، حيث أوضح أن الفصائل التابعة للصدر نقلت مقارها بالفعل إلى خارج أحياء بغداد السكنية.
وأكد البصري أن "خطة الحكومة هو إنهاء المظاهر المسلحة ووقف عمليات الجريمة المنظمة كالسرقة والسطو المسلح والاختطاف والتنمر على المواطنين ومضايقتهم في مناطق سكناهم، التي تنفذ من قبل مسلحين ينتحلون صفة الحشد أو من قبل بعض المليشيات غير المنضبطة أو أفراد محدودين داخلها" حسب قوله.
ولفت إلى أن "مسألة التهديد الأمني للعاصمة انتهت حاليا مع زوال خطر داعش عنها، لذا لا مبرر لبقائهم بهذا الشكل فيها".
وتصاعدت حدة عمليات السرقة والسطو المسلح والاختطاف ببغداد خلال العام الجاري، حيث سجل 183 حالة خطف وسطو مسلح خلال الشهرين الماضيين فقط، حسب تقارير أمنية عراقية صادرة عن وزارة الداخلية.
أبرز المناطق التي توجد فيها المليشيات
يعد حي العرصات الواقع في جانب الرصافة ببغداد أحد أبرز المناطق التي تجمع الفصائل المسلحة المعروفة بولائها لإيران، حيث يوجد أكثر من 20 مقرا لتلك المليشيات في حي العرصات وحدها، أبرزها مليشيا (العصائب ومليشيا النجباء، ومليشيا سيد الشهداء، ومليشيا كتائب الإمام علي، ومليشيا حزب الله في العراق، ومليشيا أبو الفضل العباس، ومليشيا جند الإمام، ومليشيا أنصار العقيدة)، فضلا عن مقار فرعية لمليشيات توجد مقارها الرئيسة في مناطق أخرى من بغداد.
كما يضم حي الكرادة وسط بغداد المقر الرئيس لمليشيات "الحشد الشعبي"، فضلا عن مليشيات (سرايا الخرساني، وأنصار المرجعية، وكتائب ثأر الله، وسرايا الدفاع الشعبي، وكتائب حزب الثائرون)، فيما يحتوي حي الجادرية المجاور على مقار مليشيات "بدر" المرتبطة بالنائب هادي العامري، ومليشيات "سرايا الجهاد وعاشوراء" المرتبطة بالمجلس الأعلى الإسلامي.
وتعتبر الأحياء الواقعة في أقصى شرق بغداد كالبلديات والصدر وجميلة، المعقل الرئيس للمليشيات المرتبطة بزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر كمليشيات (سرايا السلام، ولواء اليوم الموعود)، فضلا عن مليشيا "جيش المهدي" المجمدة.
وتتنافس ثلاث مليشيات هي "سرايا السلام وعصائب أهل الحق والنجباء" على حي الشعلة الواقع شمال غرب بغداد، إذ يعتبر الحي معقلا رئيسا للمليشيات الثلاث.
إضافة الى ذلك، تضم أحياء العامل والبياع والسيدية في الجانب الغربي من بغداد، وأحياء شارع فلسطين وزيونة والزعفرانية والبنوك والشعب وأور شرق بغداد مقار فرعية للمليشيات، ومكاتب لاستقبال المتطوعين.
وبحسب ضباط في وزارة الداخلية العراقية فان مناطق بسماية والزعفرانية والبلديات ومعسكر الرشيد تضم مخازن كبيرة لأسلحة تعود للمليشيات، مؤكدين لـ"العربي الجديد" أن هذه المناطق تشكل خطرا على المدنيين الذين يسكنون بالقرب منها.
وأشاروا إلى سقوط ضحايا من المدنيين في أوقات سابقة بسبب حدوث انفجارات مجهولة في هذه المناطق، موضحين أن وجود المليشيات داخل العاصمة وأحيائها السكنية تسبب بحدوث فوضى عارمة، ولا سيما حين تزامن ذلك بتزايد حالات الخطف والقتل والابتزاز بشكل غير مسبوق في الأحياء التي تضعف فيها قوة الدولة، ويزداد نفوذ المليشيات.