المضاربة والأعلاف يهددان برفع أسعار أضاحي الجزائر

02 سبتمبر 2016
أسعار الأضاحي مرشحة للارتفاع بسبب المضاربين (فرانس برس)
+ الخط -



تهدّد عمليات المضاربة وارتفاع تكلفة الأعلاف بزيادة أسعار الأضاحي مع اقتراب عيد الأضحى في الجزائر، رغم زيادة المعروض بشكل ملحوظ، حسب مربي مواشٍ، لـ"العربي الجديد".
ومثل كل سنة تتجدد مخاوف الجزائريين من ارتفاع الأسعار بما يتراوح من 10 إلى 20%، مقارنة مع باقي أيام السنة، حسب مربي المواشي، ويأتي ذلك في وقت تتراجع فيه القدرة الشرائية للمواطن الجزائري بفعل انهيار قيمة الدينار، وارتفاع نسبة التضخم التي تجاوزت عتبة 5.5% في شهر يوليو/تموز الماضي.

وأكد رئيس الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين، عليوي محمد، لـ "العربي الجديد"، أنه رغم تدني أسعار الأضاحي في العيد هذه السنة، مقارنة بالسنوات السابقة، إلا أنها مهدّدة بالارتفاع بسبب المضاربين.
وأضاف محمد، أن "المضاربة وتهريب المواشي عبر الحدود الشرقية والغربية للبلاد من بين أسباب ارتفاع أسعار الأضاحي كل عام، لكن مع الظروف الأمنية التي تعيشها دول الجوار وتشديد الحراسة تراجعت عمليات التهريب، مما أدى إلى ارتفاع العرض في البلاد".



وحدّدت وزارة الفلاحة والصيد البحري الجزائرية استعداداً لعيد الأضحى 456 نقطة بيع للمواشي، موزعة عبر محافظات البلاد، منها 14 نقطة بالعاصمة الجزائرية، وتهدف هذه العملية إلى تقليص الوساطة التي ميزت عمليات بيع الأضاحي في السنوات الماضية، حسب وزارة الفلاحة التي أعلنت أنها ستتكفل بتوفير مادة الشعير في أثناء مدة البيع، مما سيجنب المربين اقتناءها من السوق السوداء.
من جانبها، كانت وزارة التجارة الجزائرية قد ألزمت المزارعين، خاصة مربي المواشي، بالتعامل بـ "سندات المعاملات التجارية" التي تنوب عن الفواتير في عمليات البيع، وذلك لمحاربة المضاربة في الأسعار وللتعرف على عدد رؤوس الأغنام المتداولة في السوق.

وإذا كانت وزارة الفلاحة قد طمأنت الجزائريين حيال أسعار الأضاحي لهذه السنة، والتي وصفتها بـ"المقبولة"، فإن مربي المواشي لا يضمنون التحكم في الأسعار حتى عيد الأضحى، وذلك لدخول متغيرات أخرى في المعادلة التجارية، تجعل الأسعار تتغير في الطريق الممتدة بين محافظات الهضاب العليا، المشهورة بتربية المواشي، وبين المدن الكبرى، حسب مربي المواشي.
وفي هذا السياق، يتوقع مربو مواش، من محافظة الجلفة (الأولى على مستوى المحافظات في إنتاج المواشي)، حسان المباركي، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن ترتفع أسعار الأضاحي مع دخول المضاربين الأسواق في ظل اقتراب هذه المناسبة من أجل تحقيق الكسب السريع للمال.

ويؤكد أن الأسعار ما زالت متوسطة حتى الآن، مشيراً إلى أن سعر الماشية (بعمر سنة واحدة) يتراوح بين 15 ألف دينار (136 دولاراً) و25 ألف دينار (227 دولاراً)، وتتراوح بين 25 ألف دينار و30 ألف دينار (318 دولار) بالنسبة لعمر السنتين، إلا أن هذه الأسعار تبقى في المحافظات الداخلية فقط، حسب مباركي.
وما يزيد من متاعب مربي المواشي في الجزائر، نقص الأعلاف الطبيعية والشعير بعد موجة الجفاف، التي ضربت البلاد في فصل الشتاء الماضي، حيث أثر هذا النقص في العرض وسط ارتفاع الطلب عليها مما زاد في سعرها، وفقاً لمباركي.

ويستغرب المزارع، مسعود حنكة، في حديثه مع "العربي الجديد"، "كيف تقف الحكومة متفرجة على هذه الأوضاع، فدواوين الفلاحة لا توزع الشعير بحجة غياب المادة في المخازن، بحجة تواصل موسم الحصاد في البلاد، في الوقت الذي تنتعش فيه السوق السوداء حيث تباع الأعلاف في أكياس تحمل وسماً حكومياً بعيداً عن الرقابة.
ويضيف نفس المتحدث أن هذه الأوضاع "أدت إلى ارتفاع أسعار الأعلاف الطبيعية والشعير بـ 15% مقارنة مع باقي أيام السنة، حيث بلغ سعر كيس وزن 25 كيلوغراماً من الشعير ألف دينار (9 دولارات) في حين لا يتعدى سعره عادة 800 دينار جزائري (7 دولارات)، ونفس الشيء بالنسبة إلى العلف حيث بلغ سعر (لفة علف) 1200 دينار (10.19 دولارات)".

من جانبه يؤكد مربي الماشية، توفيق مكتوف، لـ"العربي الجديد"، أن "المضاربين تحكموا في الأعلاف".
ويضيف، أصبحنا نحن، مربي المواشي، نزايد على بعضنا في السعر، حتى نجد ما نطعمه لماشيتنا، إذ لا يعقل أن نتركها دون إطعامها في فترة البيع"، ويعتبر مكتوف أن نقاط البيع التي فتحتها وزارة الفلاحة لن تغير في الوضع كثيرا، أمام انتشار نقاط البيع الفوضوية وبقاء السوق تحت رحمة كبار المربين والمضاربين.

ورغم هذا التراجع في الأسعار مقارنة مع السنة الماضية، إلا أنها تبقى حسب الجزائريين مبالغا فيها، وفي غير متناول الكثير، في وقت لا يتعدى متوسط الأجور 30 ألف دينار (272 دولاراً).
ويعلق المواطن (على المعاش)، فريد قاضي، على الأسعار قائلاً :"إن سعر الأضحية أكبر من راتب المواطن مرتين أو أكثر، وكيف سأجمع المبلغ اللازم، فمعاشي الشهري 22 ألف دينار (220 دولاراً) وأحتاج إلى أضحية تكفي عائلة مكونة من 5 أفراد يبلغ سعرها نحو 30 ألف دينار (318 دولاراً)، حيث تبدو المعادلة صعبة ولا تقبل الحل".

من جانبه، يؤكد سائق في إحدى المؤسسات الخاصة، مقران جغبالة، لـ"العربي الجديد"، أنه يكتفي بالمشاهدة والسؤال عن السعر، حيث لم يقرر بعد الشراء لأن عيد الأضحى يتزامن مع الموسم الدراسي، مما يزيد الأعباء المالية في هذا التوقيت.
ومن جانبه، يكشف رئيس الجمعية الجزائرية لمربي المواشي، جيلالي زاوي، لـ"العربي الجديد"، عن أن "الجزائر تحوز 26 مليون رأس من المواشي بمختلف أنواعها، منها ما بين 16 و 18 مليون رأس غنم وأكباش (خراف ذات وزن كبير)، في حين يتراوح الطلب في عيد الأضحى بين 4 و5 ملايين رأس، و بالتالي يوجد اكتفاء في العرض الذي يغطي الطلب الوطني، الذي يبلغ الذروة في فترة عيد الأضحى".

ولفت رئيس الجمعية الجزائرية لمربي المواشي إلى أن أسعار الأضاحي، من صنف الكباش، ستكون منخفضة مقارنة بالسنة الماضية. وحتى تبقى الأسعار مستقرة في الأيام القادمة، لفت نفس المتحدث إلى أن "الجمعية اجتمعت مع وزارة الفلاحة والصيد البحري الجزائرية وقررتا فتح نقاط بيعٍ في مختلف محافظات البلاد، يتم فيها بيع الكباش تحت رقابة الطرفين وذلك تفاديا لحدوث مضاربة من طرف بعض مربي المواشي.
وفي سياق متصل، زادت ظاهرة بيع الأضاحي عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث تكثر الإعلانات الترويجية، التي تقترح أضاحي بالصور ومقاطع الفيديو، الأمر الذي جذب عدداً كبيراً من الجزائرين للشراء عبر هذه الوسائل التكنولوجية الحديثة.



دلالات
المساهمون