يعيش الأردن كغيره من الدول العربية التي تستضيف النازحين السوريين، أزمات اقتصادية نتيجة غياب المساعدات الدولية من جهة، ومشاركة النازحين في موارد الدولة المحدودة من جهة أخرى.
فقد وصل عدد اللاجئين السوريين في المملكة الهاشمية الأردنية إلى نحو 1.6 مليون شخص، منهم حوالي 618 ألفاً مسجلين لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، فيما يبلغ عدد سكان الأردن ما يقارب 7 ملايين بحسب جهاز الإحصاء الأردني.
وساهمت أعداد النازحون في تباطؤ الاقتصاد بشكل عام، ولم تنجح جميع المحاولات لدفع عجلة النمو بالشكل المطلوب، وقبيل عيد الفطر، بدأت تحركات النازحين لشراء حاجياتهم الاساسية، حيث ظهرت حركة تجارية في بعض المناطق، الا أنها وبحسب التجار لم تكن كافية.
حراك خجول
لم تعتد محافظة المفرق الأردنية في الشمال الشرقي، على اكتظاظ عارم في أسواقها قبيل أية مناسبة، كما هو الحال هذه الأيام قبيل عيد الفطر.
وما تشهده أسواق المفرق هذه الأيام من حراك تجاري غير مسبوق في هذه المحافظة شبه النائية، هو نتيجة وجود أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين الذين دخلوا البلاد، واستقر معظمهم في هذه المنطقة القريبة من الحدود السورية.
وتعد محافظة المفرق، ثاني أكبر محافظات المملكة الأردنية الهاشمية من حيث المساحة، وثاني أقل كثافة سكانية، تقع في الشمال الشرقي وتصل المملكة من الشرق الأقصى بالجمهورية العراقية عن طريق حدود الكرامة ومن الشمال بالجمهورية السورية عن طريق حدود جابر.
ويبلغ عدد سكان المفرق الأصليين نحو 80 ألف نسمة ، إلا أن المحافظة تحتضن إضافة للأردنيين أكثر من 120 ألف لاجئ سوري على أراضيها، علاوة على من يزور أسواقها من مخيم الزعتري للسوريين والذي لا يبعد سوى مسافة قصيرة عن أسواقها.
وتشهد أسواق المحافظة اكتظاظاً في شوارعها وسط إقبال المواطنين واللاجئين السوريين على شراء حاجيات العيد الأساسية. وبالرغم من هذا الحراك، إلا أن حركة البيع لا تزال خجولة بحسب التجار.
وأكد التجار أن ارتفاع الأسعار وقلة المواد المعروضة للبيع بسبب الأزمة السورية، تجعل الإقبال أقل بكثير من الأعوام السابقة، مؤكدين أن اللجوء السوري الضخم إلى المحافظة لم يرفع من مبيعات الأسواق كما كان متوقعاً.
وقال عمر الزيادنة تاجر الأحذية: إن أغلبية اللاجئين السوريين لا يستطيعون شراء حاجاتهم من الأسواق نظراً لارتفاع الأسعار وقلة إمكانياتهم المادية.
محدودية الاقتصاد
رغم الحراك التجاري في بعض المناطق، إلا أن الاقتصاد الأردني لا يزال يعاني من أزمات داخلية وخارجية.
وقال الخبير الاقتصادي مازن أرشيد لـ"العربي الجديد": يبلغ حجم الاقتصاد الأردني 36 مليار دولار، وهو يعد من أصغر الاقتصادات في المنطقة، وتراجعت نسب النمو خلال السنوات الماضية، لأسباب عديدة أبرزها تدفق النازحين السوريين، الذين باتوا يشكلون عامل ضغط على الاقتصاد، بسبب مزاحمة اليد العاملة الرخيصة من جهة، ومشاركتهم في البنى التحيتة مع الشعب الأردني.
وأضاف أرشيد: أظهرت جميع المؤشرات الاقتصادية تراجع خلال السنوات الثلاث الماضية، ولم يسمح التدفق السوري بإحداث نمو في القطاعات الانتاجية او الاستهلاكية، بالرغم من مشاركة السوريين في الدورة الاقتصادية الاردنية، عبر الاستهلاك، إلا أن نسبة الاستهلاك هذه، والأموال التي تدخل الدورة الاقتصادية الأردنية لا تزال ضعيفة.
وحسب الخبير الاقتصادي فإن نسب الفقر والبطالة ارتفعت في المملكة في السنوات الماضية، حيث يقدر عدد الفقراء بحوالي 14.4 في المائة، فيما تصل نسبة البطالة الى 12 في المائة، بسبب مزاحمة اليد العاملة السورية، وتراجع القطاعات الإنتاجية كافة.
انخفاض نسب النمو
خلال السنوات الثلاث الماضية، انخفضت نسب النمو بشكل لافت، فالاقتصاد الأردني يعاني من ضعف في بنيته بشكل عام ومحدودية موارده بشكل خاص، وساهمت أعداد النازحين في زيادة الضغط على الاقتصاد المحلي، وتركت أثاراً واضحة في جوانب اقتصادية، ومالية، فقد أبقت وكالة "ستاندرد آند بورز" التصنيف الائتماني السيادي للأردن بالعملة الأجنبية والمحلية على المديين الطويل والقصير عند "BB-" و"B"، وأبقت على نظرة مستقبلية سلبية.
ووكالة ستاندرد آند بورز، هي شركة خدمات مالية ومقرها في الولايات المتحدة، وهي فرع لشركات "مكغرو هيل" التي تنشر البحوث والتحليلات المالية على الأسهم والسندات.
وقالت "ستاندرد آند بورز" في بيان في شهر مايو/أيار الماضي، إن التصنيف الائتماني للأردن يواجه قيوداً بسبب العجز المالي والخارجي اللذين تدهورا بشدة في السنوات القليلة الماضية، ويرجع هذا إلى الصدمات الإقليمية، بما في ذلك الاضطرابات في مصر والحرب الأهلية في سورية.
من جهته، توقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الأردن إلى نحو 3.5 في المائة في 2014، مقابل 3.3 في المائة في عام 2013، بدعم من زيادة في الإنفاق الحكومي.