الفلسطينيون باعوا أرضهم!

01 يوليو 2015

من مسلسل حارة اليهود

+ الخط -
*ألم أقل لك سابقاً أنكم، الفلسطينيين، بعتم أرضكم لليهود، ها هو دليل جديد دامغ، لن تستطيع إنكاره. 
-قلت دليلا دامغا؟ ما هو؟
*حارة اليهود! أقصد مسلسل (حارة اليهود). إنه يفضحكم، ويكشف زيف ادعاءاتكم، لقد بعتم أرضكم لليهود، واليوم تتباكون عليها، وتحملوننا المسؤولية.
- هل أصبحت الدراما دليلاً؟ ثم ألم يسبق أن أخبرتك أن من يردد عبارة "الفلسطينيون باعوا أرضهم لليهود" صنفان. الأول، غبي ساذج، يتأثر بالدعاية السياسية بسبب انعدام وعيه. والثاني، خائن، وغارق في وحل التطبيع مع إسرائيل، ويريد أن يبرر خيانته، برسم صورة سلبية عن الفلسطينيين، كي لا يلومه أحد على ممارساته، كما يقول المثل: "ودت الزانية لو أن النساء كلهن زواني".
* لماذا تتهرب من الإجابة، أثبت لي العكس؟
- ليس أسخف ممن يدّعي هذه الأكذوبة الوقحة سوى من يبحث عن أدلة للدفاع عن الفلسطينيين، في محاولة لنفي هذه التهمة. نحن نتحدث عن تاريخ منظور وقريب، وكل الأمور واضحة للعيان.
* لكن، لا يوجد دخان من غير نار، أليس كذلك؟ لا بد أن يكون لهذه الأكذوبة أصل؟
- من قال هذا؟ ليس شرطا أن يكون للأكذوبة أصل، بل هناك سبب، والسبب ذكرته لك سابقا، فبعض الأنظمة العربية تريد أن تبرئ ساحتها من عار التخاذل عن نصرة الفلسطينيين، وبعضها يريد أن يبرر عار الخيانة، والتطبيع مع العدو، فيلجأ إلى هذه الحيل الرخيصة.
*لنعد إلى مسلسل (حارة اليهود)، هل تستطيع أن تنكر أنه كان هناك فلسطينيون يعملون جواسيس مع الصهاينة؟
- وهل هذا يقتصر على الشعب الفلسطيني، كل شعوب الأرض بها حفنة قليلة من الخونة والجواسيس، ولا يقع في خطأ التعميم إلا غبي أو لئيم.
ثم ارجع إلى كل الأعمال الدرامية عن فترات التحرر من الاستعمار، ستجد فيها شخصيات خائنة كثيرة، منها حالياً (أبو جودت)، في المسلسل السوري (باب الحارة)، هل نستطيع أن نقول إن كل شعوبنا خائنة؟
* لكنني أرى أن السياق الذي جاء فيه الفلسطيني خائناً بائعاً أرضه مقنع للغاية.
- بل مقزز للغاية، ولم يقنع أحداً، يا عزيزي، اغتصب المسلسل التاريخ، وأنجب منه مسخاً مشوهاً.
*دعك من المسلسل إذاً، وكن صريحا، ألا ترى أن القضية الفلسطينية أصبحت عبئاً ثقيلاً على كاهل الدول العربية، وأرهقت العرب مالياً، وأضعفتهم عسكرياً؟
- تعجبني صراحتك، أنت تعبر عن مزاج تيار من أنظمة عربية، تريد أن تتخلص من عبء القضية الفلسطينية، تحت هذه العناوين البراقة. لكن، أخبرني، كيف أصبح الفلسطينيون عبئا ثقيلاً؟ هل لأنهم يقاتلون في سبيل الحرية منذ قرن، من دون كلل أو مل، وشكلوا ظاهرة أسطورية غير مسبوقة في الصمود على الأرض، ورفض الاندثار؟
*هل تنكر أنهم منقسمون سياسياً، وجغرافياً، (فتح) تسيطر على الضفة الغربية و(حماس) على غزة؟
- وهل يوجد بلد عربي اليوم غير منقسم على نفسه؟
*لكنكم تشكلون مشكلة كبيرة للمنطقة. بسببكم، لا يوجد استقرار، وبين فينة أخرى تشعلون الحروب، ثم تتباكون وتصرخون، وتطلبون منا المال لإعمار ما دمرته إسرائيل.
- يبدو أنك فقدت البوصلة، يا عزيزي، هل نسيت لماذا ضاعت فلسطين؟ ببساطة، ضاعت بسبب تكالب الدول الاستعمارية الكبرى على الاسـتيلاء على ثروات العرب، وإيجاد "مخلب قط" لها عبر دولة "إسرائيل".
إسرائيل دولة وظيفية، أُسست لتأمين المصالح الدول الاستعمارية الكبرى وحمايتها، والحيلولة دون تمكين العرب من التمتع بثرواتهم، وإقامة دولتهم على غرار باقي شعوب الأرض.
بمعنى آخر، الفلسطينيون هم (يوسف) هذا الزمان؛ رماه إخوته في الجب، ثم شوهوا صورته (قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِن قَبْلُ)، وهم الذين يدافعون عنكم منذ قرابة القرن، يا عزيزي، وليسوا عبئا على أحد.
EE1D3290-7345-4F9B-AA93-6D99CB8315DD
ياسر البنا

كاتب وصحافي فلسطيني مقيم في قطاع غزة