كشفت البيانات المتبادلة بين رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، وسلفه حيدر العبادي، والتي استمرت حتى ساعة متأخرة من ليل أمس الأربعاء، عن دخول العراق مرحلةً جديدة من الخطاب السياسي المتشنج، الذي يتضمن التبرؤ من بعض الإخفاقات، وإلقاء التهم على الأطراف الأخرى، في مؤشر على أن المرحلة المقبلة ستشكل أرضية خصبة للصراعات السياسية، التي كشف عنها خروج العبادي عن صمته.
وبدأت المناوشات السياسية ببيانٍ أصدره العبادي، عبّر فيه عن استغرابه من قيام حكومة عبد المهدي بإلغاء قرارات سابقة لحكومة تصريف الأعمال برئاسته، واصفاً موقف الحكومة الحالية بأنه "سابقة خطيرة".
ورفض العبادي قيام حكومة عبد المهدي بإلغاء جميع القرارات التي اتخذت في عهد الحكومة السابقة منذ تحولها إلى تصريف الأعمال مطلع يوليو/تموز الماضي، وحتى تسلم الأخير رئاسة الوزراء في 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، موضحاً أن ما جرى لا يتناسب مع مفاهيم دولة المؤسسات التي يجب أن تسير عليها البلاد، لأنه سيؤسس لحالة إرباك.
ولفت رئيس الوزراء العراقي السابق إلى أن إلغاء عمل حكومته "يمثل تعطيلاً لمصالح المواطنين"، واصفاً حكومة عبد المهدي بـ"المنقوصة العدد، والمطعون في بعض وزرائها، كما أن آلية اختيارها شابتها مخالفة دستورية".
وأشار العبادي في هذا الإطار إلى أن "بعض القرارات التي تمّ إيقافها، كانت تخدم المواطنين، ومنها إطلاق تخصيصات لجميع المحافظات، بينها البصرة"، مشدداً على ضرورة إبعاد الأمور السياسية عن مصالح المواطنين.
وحذر العبادي من خطورة قرارات حكومة عبد المهدي، التي رأى أنها "غير مدروسة، ويغلب عليها الطابع السياسي، وتهدف إلى مصالح ضيقة، وستؤدي إلى الفوضى"، ملوحاً بأن الشرائح العراقية "سيكون لها موقف قد ينعكس سلباً على مسار عمل الحكومة، وهي في أول خطواتها، إذا لم يتراجع عبد المهدي عن موقفه".
من جهته، أصدر مكتب رئيس الوزراء العراقي الحالي بياناً شبيهاً بحدته، وصف فيه ما جاء في تصريحات العبادي بأنها "مغالطات وانفعالات"، مبيناً أن رئيس الوزراء السابق يسعى لـ"إثارة العواطف".
وأشار البيان إلى أن الحكومة العراقية "تنفي هذه المغالطات، وستقوم بمراجعة التخصيصات التي منحت لمحافظة البصرة"، مبيناً أن الهدف من موقف الحكومة الأخير هو "إيقاف القرارات غير الأصولية".
يذكر أن الهجوم على حكومة عبد المهدي لم يقتصر على موقف العبادي، الذي رافقته مواقف أخرى أطلقها مقربون منه.
وفي هذا الإطار، قال رئيس مركز "المدار"، باسم العوادي، وهو من المقربين من العبادي، خلال مقابلة متلفزة، إن رئيس الوزراء السابق "من حقّه أن يصعد، ويصعد أكثر لأسباب عدة، أبرزها أن العراق أمام نسخة جديدة لرئيس الوزراء، لا تمثل عادل عبد المهدي الذي كان يوصف بأنه شخصية ابن ذوات مخملية واعية ومثقفة"، مؤكداً تحول الأخير "إلى شخص آخر، يفاوض فقط من يحمل البندقية على كتفه، ولا يعير أهمية للآخرين".
وأضاف العوادي: "لدي مواقف كثيرة تثبت ذلك، إذ إن كل كلمة يقولها تحالف الفتح (برئاسة هادي العامري)، أو كل كلمة يقولها تحالف سائرون، أو كل كلمة تأتي من مسعود البارزاني، تعتبر أمراً ينفذ"، مبيناً أن تعامل رئيس الوزراء العراقي مع تحالف العبادي ("النصر") كان "سيئاً".
ولفت العوادي إلى وجود ضغوط من قبل أطراف خارجية على عبد المهدي، دفعته لاتخاذ عدد من المواقف.
يشار إلى أن العلاقة بين عبد المهدي والعبادي لطالما اتسمت بالهدوء، إلى أن اتفق تحالفا "الفتح" و"سائرون" في سبتمبر/أيلول الماضي على ترشيح الأول لرئاسة الحكومة العراقية، في خطوة وصفت حينها بأنها محاولة لإقصاء العبادي عن تولي ولاية ثانية.