استمع إلى الملخص
- تعبر بلدية الخليل عن قلقها من أن تكون الحفريات جزءاً من خطة لتخريب شبكة الكهرباء أو سرقة خطوطها لتغذية المصعد الكهربائي الاستيطاني، في سياق مشاريع التهويد المستمرة منذ 1994.
- تواجه "منتزه البلدية" خططاً للاستيلاء الكامل عليها، حيث تُمنع الفلسطينيون من دخولها، مما يدفع بلدية الخليل لمواجهة هذه الإجراءات عبر التواصل مع الجهات الرسمية ورفع الشكاوى القانونية.
تتصاعد اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي بحق الحرم الإبراهيمي ومحيطه في مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية، حيث اعتُدي على صلاحيات بلدية الخليل والسلطات الفلسطينية. وفي آخر تلك الاعتداءات، نفّذت سلطات الاحتلال أعمال حفر في الحديقة المحاذية شرقاً للحرم الإبراهيمي المعروفة باسم "منتزه البلدية"، وفيه غرفة كهرباء تابعة للبلدية تغذّي الحرم الإبراهيمي والمنازل المحيطة به، ما يهدد بانقطاع الكهرباء عن المكان.
وأصدرت بلدية الخليل بياناً عقب الحادثة التي وقعت مساء أمس الأحد، وجاء في البيان: "تؤكد البلدية خطورة هذه الحفريات كونها تمس بصلاحيات بلدية الخليل التي نصت عليها المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وتسلب حقها في امتياز الكهرباء الخاص ببلدية الخليل لكل أقسام وأروقة الحرم الإبراهيمي الشريف. كما أن قرب هذه الحفريات من الكوابل الكهربائية، يمكن أن يؤدي إلى حدوث كارثة كبيرة. وترفض البلدية هذه الممارسات العدوانية والانتهاكات الصارخة التي تُعدُّ مقدمة لسحب صلاحيات البلدية".
وقالت نائبة رئيس بلدية الخليل، أسماء الشرباتي، لـ"العربي الجديد"، إن البلدية تخشى من أن يكون الهدف الأبرز للحفريات تخريب شبكة الكهرباء الخاصّة في البلدية، أو سرقة خطوط الكهرباء بهدف تغذية المصعد الكهربائي الاستيطاني الذي أتمت سلطات الاحتلال بناءه أواخر عام 2022، ويربط الطوابق السفلية من الحرم الإبراهيمي، بحجة استخدام المصعد من ذوي الاحتياجات الخاصة. وكانت سلطات الاحتلال خصصت ميزانية تتجاوز 2 مليون دولار لتنفيذ المشروع حينها، ضمن إجراءات التهويد الساعية لتشجيع الوجود اليهودي في المكان.
علاوة على ذلك، فإن الحفريات تأتي في سياق تنفيذ المشاريع الاستيطانية في المكان الذي يعتبر ثاني أقدس الأماكن الإسلامية في فلسطين بعد المسجد الأقصى، واستكمالاً لمشاريع التهويد التي انطلقت منذ 25 فبراير/شباط 1994، عقب تقسيم الحرم مكانياً وزمانياً، إذ بات يسيطر الاحتلال على نحو 63% من مساحته التي أصبحت كنيساً يهودياً بعد حادثة مجزرة الحرم الإبراهيمي، التي ارتكبها المستوطن المتطرف باروخ غولدشتاين، وعلى إثرها استشهد 29 فلسطينياً.
وقالت الشرباتي: "ثمة جوانب عديدة خطيرة في خطوة الاحتلال، أبرزها سحب صلاحيات البلدية عن طريق سلسلة اعتداءات تراكمية، وسبقها منع طواقم البلدية من الوصول إلى العديد من مناطق البلدة القديمة والمناطق المغلقة المصنّفة H2 (أي الخاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية)، لا سيما أن (اتفاقية الخليل) المعروفة باسم (بروتوكول إعادة الانتشار) الموقعة في 15 يناير/كانون الثاني 1997، بين منظمة التحرير الفلسطينية وسلطات الاحتلال، قد نصت على أن بلدية الخليل هي المسؤولة عن تقديم الخدمات في هذه المناطق، ما يعني أن الحفريات في المنتزه تعتبر أمراً مخالفاً للاتفاقيات والقوانين الدولية".
ووفق الشرباتي، فإن أرض "منتزه البلدية" تواجه خططاً للاستيلاء الكامل عليها، حيث يحظر باستمرار على المواطنين الفلسطينيين دخولها منذ أشهر طويلة حتى خلال فترة الأعياد الإسلامية، من جانب آخر يُسمح للجماعات الاستيطانية بإقامة الحفلات الراقصة فيها، واستباحتها وممارسة مختلف الطقوس والشعائر الدينية، آخرها "تنفيذ عدد من الحفلات الغنائية والطقوس التلمودية فيها خلال الشهر المنصرم، والتي شارك فيها كبار حاخامات المستوطنين المتطرفين، من بينهم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، الذي يستوطن في منطقة "جعبرة" ضمن مجمع كريات أربع الاستيطاني، بالإضافة إلى ما يسمى وزير شؤون القدس والتراث اليهودي عميحاي إلياهو، الذي دعا في مرّات عديدة إلى إحكام السيطرة الكاملة على الحرم الإبراهيمي وتهجير الفلسطينيين وإسقاط السلاح النووي على قطاع غزة".
ولا يمكن فصل حفريات "منتزه البلدية" عن إجراءات التهويد المتسارعة منذ عام 2017، التي شرع فيها الاحتلال بتجهيز بناء المصعد الكهربائي الذي انتهى منه عام 2020، إضافة لنصب كاميرات أنظمة المراقبة، وشقّ طريقٍ معبّد للمستوطنين يسمى بالطريق السياحي الواصل بين البؤر الاستيطانية في البلدة القديمة والحرم الإبراهيمي عام 2021، تزامناً مع إقامة مكاتب إدارية في محيط الحرم تتبع لمجلس مستوطنة كريات أربع، ومؤسسات استيطانية، تعمل على التنسيق والإشراف على الاقتحامات والفعاليات التهويدية في المناطق المغلقة والحرم الإبراهيمي الذي يتعرّض لأعمال حفر وتنقيب تحته وأسفل حديقة "منتزه البلدية".
وبحسب الشرباتي، فإن كلّ هذه الإجراءات تهدف إلى "فرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة على الحرم الإبراهيمي ومحيطه، وبالتالي طمس الهوية الإسلامية وتحويلها إلى دينية يهودية في المكان، من أجل زيادة أعداد المستوطنين في قلب مدينة الخليل، وجعلها مكاناً يجذب الجماعات الاستيطانية، وبالتالي تقليل الوجود الفلسطيني من خلال القيود المفروضة عليهم في الحركة، والخدمات التي تقدمها البلدية، ما يعني دفعهم للهجرة الطوعية، تمهيداً للاستيلاء على الأحياء والمنازل الفلسطينية التاريخية، بعد نزع الشرعية التاريخية والأثرية عنها".
وأشارت نائبة رئيس بلدية الخليل إلى أن البلدية "تعمل في هذه الحالات على مواجهة الإجراءات التهويدية عبر التواصل مع الارتباط المدني الفلسطيني، ورفع الشكاوى القانونية، ووضع مجلس الوزراء الفلسطيني في صورة الأحداث لمتابعة القضية بالطرق الرسمية".